news-details

واجتمعوا في قمَّة الصَّمت العربيّ | مارون سامي عزّام

منذ أحداث السّابع من أكتوبر العام الماضي، والعالم العربيّ يعيش في حالة صمت غير مسبوقة، إزاء المجازر بحق الشَّعبَين الفلسطيني واللبنانيّ، كأن كل ما يراه على أجهزة التلفاز على مدار السّاعة من مآسٍ وويلات، من صنيع تقنية الذّكاء الاصطناعي، وليس بسبب صمت الحكّام العرب الجائر، الذين لبسوا كمَامات المجتمع الدّولي الواقية لمصالحهم الإقليميّة، ممّا يُتيح لحكومة اليمين التي يحكمها فعليًّا الأهوَجَين بن جفير وسموطريتش، باستمرار حربها التي لم تعُد مُبررَّة، بعد اغتيال القيادات العسكرية اللبنانية والفلسطينيّة. 

طالما أن حرب الإسناد الأمريكيّة لنتنياهو مستمرّة سلاحًا وسياسيًّا وأُمَمِيًّا، فلن تنتهي، وسيبقى هذا المشاكس السياسي، يردِّد عبارته الشّهيرة: "حتّى تحقيق النّصر المُطلَق"!!، لأن زعماء الدول العربية شركاء فعليين في جريمة صمتهم المدقع، طَعَنوا الشّعبَين المظلومَين عربيًّا، الفلسطيني واللبناني بخنجر لامبالاتهم، يسيل منه دم تخلّيهم عن دعم نكبتهما... بعد أن تفشّى وباء الصَّمت في ضمير الأمّة العربيَّة، تآكل وعيها... كل الفئات الرّسميَّة، الشعبيّة والإعلاميَّة أوقفت تفعيل آليات حراكها المؤثِّرة، واكتفت بشحذ بلاغتها اللغويّة.

القمّة العربيّة التي عُقدت العام الماضي في السّعوديَّة، يمكن أن نضمها إلى سلسلة القمم العربيّة التي شاهدنا فشلها يملأ الشاشات بالخطابات... عرفنا مسبقًا بياناتها الختاميَّة، لأنها كانت ديكورًا مسرحيًّا قديمًا ومكرَّرًا، يرعاه الصمت العربي، لأنها لم تُفضِ إلى شيء... منذ آخر "قمّة"!!، اختفت القمم العربية عن جدول إهمال... عفوًا أعمال قامعة الدول العربيّة، لم أخطئ إملائيًّا، لأنه ليس جائزًا أن نقول كلمة "جامعة"، لأن صمتها اللئيم مزَّق وحدة أعضائها، بأمر من مرشدهم السياسي الأعلى بايدن. 

إلى الآن لم تُعقَد أي قمَّة، فقد ظل الزّعماء العرب يقفزون فوق قمم "كرامتهم برشاقة"، يدوسون بوحشيَّة على أبسط حقوق المواطن العربي بالتعبير عن رأيه حيال ما يحدُث، بأحذية أجهزة مخابراتهم... لقد شاهدنا عبر جميع الفضائيّات تضامن طلاّب بعض الجامعات مع الفلسطينيين، من خلال مظاهراتهم الحاشدة في قسم كبير من الولايات المتحدة الأمريكية... 

...بينما الشعوب العربيَّة لم تخرج إلى الشوارع لمساندة فلسطين ولبنان، لم تُعبِّر عن رأيها عبر شبكات التواصل، بل تعامت عن رؤية ما يجري، فقدَت حس الشفقة، فهذه الشّعوب رغم كثرة عددها، فهي بالنسبة لقادتها جوقة تصفق "لإنجازاتهم"!!، غمست أيديها عنوةً في صحن الصَّمت الملوّث ببصمات تخاذلهم، جرفهم تيّار الخضوع إلى أقصى حدود الإذلال. لقد تركت هذه الشعوب الحيّز الإنساني منذ بداية الحرب على غزّة، وانضمت رسميًّا إلى نادي الصمت العربي، مع بداية العدوان الأخير على لبنان. 

يعتقد الشّعب العربي أن المساعدات الإنسانيَّة المرسلة لكل من غزّة ولبنان، قد شفت غليل غضبهم ممّا يحدث، فمن غير المناسب أن "يخرِّبوا" على أنظمتهم كل هذا "التّدافع الحنون"، مع أن هذه الشّعوب البلهاء تجهل أن صمتها أعظم مرساة إنقاذ لكراسي حكامهم، الذين أغدقوهم بالفضائيّات الغنائيَّة كملهاة، حفاظًا على استقرار أنظمتهم، وقد صدَق الشّاعر الكبير مظفَّر النّواب حين قال: "قمم قمم/ مِعزى على غنم" لذا آثر العرب أن يتسلّقوا على جبل خوفهم، إلى أن وصلوا أعلى قمَّة الصمت العربي!

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب