قبيل الذكرى السنوية الأولى للاحتجاجات على حدود غزة التي فتحت جبهة جديدة في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، زار مصور رويترز المخضرم ديلان مارتينيز غزة للمرة الأولى.
ولأن مارتينيز لم يشاهد غزة من قبل، كانت مهمته استغلال ذلك في تسجيل الحياة بعيدا عن أعمال العنف اليومية في الأراضي الفلسطينية المحاصرة.
وبات الوضع أكثر توترا في الأسابيع القليلة الماضية مع اقتراب ذكرى 30 مارس آذار وظهور آثار الصواريخ الفلسطينية والإسرائيلية مرة أخرى في سماء القطاع.
لم يكن مارتينيز يعرف ما قد يتوقعه بعد عبوره من نقطة التفتيش الإسرائيلية المحصنة مرورا بممر وطريق مواز يؤدي إلى نقطة تفتيش فلسطينية متداعية في الطرف الآخر.
وقال مارتينيز (49 عاما) والذي يعمل في رويترز منذ 28 عاما وسبق أن قام بتغطية أحداث في أوروبا وآسيا والأمريكتين ويعمل حاليا في لندن "لدينا فريق كبير من المصورين والصحفيين في غزة مهمتهم الرئيسية تتمثل في تصوير الاحتجاجات والاشتباكات بين إسرائيل وغزة".
وأردف قائلا "أعتقد أن مهمتي كانت القيام بأي شيء بخلاف ذلك. لأن الجميع شاهدوا هذا الجانب من غزة".
وغزة قطاع ساحلي مساحته 139 ميلا مربعا (360 كيلومترا مربعا) يقع بين تل أبيب وسيناء ويقطنه نحو مليوني فلسطيني، ثلثاهم من اللاجئين.
وحكمت حركة (حماس) قطاع غزة بعد فترة وجيزة من سحب إسرائيل لجنودها ومستوطنيها من القطاع في 2005.
ومن خلال كتائبها المسلحة وآلاف رجال الشرطة والأمن في الشوارع، تسيطر حماس على المناطق الداخلية في غزة بإحكام كما يسيطر الجنود الإسرائيليون والزوارق الحربية والطائرات الحربية على معظم محيط غزة، فضلا عن جدران وأبراج المراقبة المصرية على طول الحدود الجنوبية الممتدة لمسافة ثمانية أميال.
تجول مارتينيز برفقة مصور مساعد لرويترز من مدينة غزة في القطاع وصوره في كل ساعة ليلا ونهارا على مدى عشرة أيام.
كان أحد أقوى المشاهد لقطعة أرض فضاء بين مدرسة ومسجد يلعب فيها أطفال.
وقال مارتينيز "كان هؤلاء الأطفال يحرقون بعض الورق المقوى ويحتمون بخنادق ويلقون كرات من الرمال حتى لا يؤذوا بعضهم البعض. وقلت لهم ‘أوه، ماذا تفعلون يا شباب؟‘ فقالوا ‘نحن نلعب لعبة اليهود والعرب‘". وأضاف أن الصورة "ستبقى معي على الأرجح للأبد".
* الغروب والقمامة
ما أثار دهشته أن أجزاء من غزة تشبه نسخة غير مطورة من شاطئ فينيسيا الشهير في كاليفورنيا، بغروب الشمس على البحر المتوسط والسباحين والمتزلجينعلى المياه لكن في كثير من الأحيان في وجود مبان منهارة وأكوام من القمامة في الخلفية.
وفي ساحات سيارات الخردة في الشمال، شاهد أكواما من السيارات المهملة. ويشير تقرير للأمم المتحدة صدر في ديسمبر كانون الأولى إلى أن 53 في المئة من سكان غزة يعيشون في فقر ولذلك يتم تفكيك كل الأشياء القيمة مثل السيارات لاستخدام كل أجزائها.
ويمكن رؤية فكرة "استخدام كل شيء" نفسها في الميناء، حيث تم جمع أصغر الأسماك التي يتم عادة التخلص منها ليتم بيعها للأسر الفقيرة.
وبينما كان الشباب يحتجون يوم الجمعة على الحدود بين غزة وإسرائيل، ذهب مارتينيز إلى الشاطئ ليرى ما يحدث.
وقال مارتينيز "لقد فهمت حقا أن مليوني شخص لم يذهبوا إلى الحدود للاشتباك مع الإسرائيليين. ماذا كانوا يفعلون؟".
وقال "وجدت مجموعة من المتزلجين هناك، لا أعرف، أعتقد أن لوحا أو لوحين كانا بينهم... كانوا يصورون أنفسهم وهم يحاولون القيام بالحيل وأشياء من هذا القبيل".
وبعد غروب الشمس وخلو الشوارع، تستمر صالات البلياردو والمخابز في العمل خلال ظلام الليل وانقطاع الكهرباء المستمر في غزة.
وتلقى مارتينيز تحذيرات عدة مرات من المسؤولين والمارة في الشارع كي لا يصور نقاط تفتيش حماس أو المنشآت العسكرية.
وفي كثير من الأحيان، لم يعرف مارتينيز ماهية المباني لأن تصاميمها الخارجية لم تعط أي إشارة لما قد يكون بداخلها. خلاف ذلك، واجه مشاكل قليلة.
وقال مارتينيز "ثمة شعور حقيقي بأنك محاصر. يمكنك أن تقف على الشاطئ وتنظر في الأفق وترى هذه الشمس والمياه الزرقاء الرائعة، وتشعر بأنك جزء من العالم وهناك كل شيء من حولك".
وأضاف "تنظر إلى اليمين وتحول الاتجاه فهناك إسرائيل ويمكنك السير في هذا الطريق بالسيارة لمدة 20 دقيقة. تنظر في الاتجاه الآخر، هناك مصر. تسير على الطريق، هناك الحصار، لا يمكنك الذهاب إلى أبعد من ذلك".
وتابع قائلا "تنظر إلى البر، هناك في الأفق بالخلفية إسرائيل أيضا، ولا يمكنك السير في هذا الطريق".
واختتم بقوله "ثمة شعور دائم بأنك لا يمكنك الذهاب إلا في اتجاه واحد... هناك شعور بالحصار وهذا ما شعرت به".
صورة: أعضاء فرقة "صول" في مدينة غزة - بعدسة ديلان مارتينيز
إضافة تعقيب