news-details

"الحصاة" للوران غوده - فلسطين هي المكان؟ | رياض خطيب

هناك العديد من المحطات المشرقة عبر تاريخ الادب العالمي من أصحاب الأقلام الحرة الشريفة، التي تركت بصمات مشرقة عبر نافذة الادب العالمي في معركة النضال الطويلة من أجل احقاق العدل والمساواة على وجه هذه البسيطة ومن احترام انسانية الانسان.

لوران غوده...

روائي ومؤلف مسرحي من مواليد باريس عام ١٩٧٢ تخرج من مدرسة الكاتب والمخرج الفرنسي الشهير بيير سارازاك، الذي أشرف على دراسته حتى تخرج. عمل لوران بعد تخرجه فترة قصيرة في التدريس وبعدها قرر الاعتزال والتفرّغ للكتابة. فأصبح فيما بعد من مشاهير الادباء الفرنسيين ودخل العالمية من أوسع ابوابها.

في عام٢٠٠٤ حصل على جائزة الغونكور عن روايته الشهيرة "شمس ال سكورتا" ومنذ ذلك بزغ نجم جديد في عالم الادب. ومنذ ذلك التاريخ واصل غوده مسيرته ورهانه الأدبي المجدد والمراهن على القضايا الجوهرية خصوصا الصراع بين الشمال والجنوب وقضايا الشرق الاوسط.

الابداع المسرحي عند لوران غير منفصل عن حالة التأمل في المسرح نفسه. وقد وقع العديد من المقالات التي نشرت في مجلتي "العصور الحديثة"

و"البدائل المسرحية"، عبّر من خلالها عن هواجسه الابداعية وأسباب ارتباطه بقضايا انسانية وواقعية قائمة على عدم التجرد من الجوهر الانساني المأساوي للأشياء للتمكن من نقله الى عالم الخيال، ومن اجل اجتراح حلول بشرية رحيمة وعادلة.

وعلى الرغم من انه لم يصرح عن المكان الذي تدور فيه احداث مسرحيته "الحصاة" الا اننا نكتشف بصورة واضحة وسريعة بان مكان الحدث هو فلسطين! وبالتحديد في المناطق المحتلة وتتحدث عن الذين بقوا على قيد الحياة تحت سياسة القهر والاذلال من المحتل الاسرائيلي.

اما الذين اجبرتهم الظروف على الرحيل القسري، بقي حلمهم دوما هو العودة الى ارضهم ووطنهم..

ولكن هناك الاسلاك الشائكة والدبابات والجدار الظالم يمنعهم من تحقيق حلمهم بالعودة.

المسرحية تتحدث عن الجرح المفتوح والشرايين المتدفقة عن قصة عائلة فرقتها الحرب، وعن فاروق الذي مكث بين اطلال مدينته بينما بالجانب المقابل من الجدار توجد مريم اخته التي تحاول بفضل احد المهربين العودة الى دفء اخيها ورابطة الدم والتراب.

ولكن بالنسبة لفاروق تبقى الامل الوحيد لتشبثه بالبقاء هو ابنته عديلة لكن ذلك ايضا لم يتحقق كما ان حلم الاستقلال واستعادة الارض المنهوبة لم يتحقق بعد.

وبعد وفاة فاروق تصبح مريم هي الوجه وهي المسؤولة عن اعادة نقل التاريخ المنسي لان لا شيء يجب ان يُنسى.

الناس الذين رفضوا العيش تحت قمع الاحتلال وعاشوا رغم وبال العنصرية والاضطهاد بكرامة وسمو واباء، هؤلاء الناس يجب ان تنقل رسالتهم الرمزية الى الاجيال القادمة. وعلى الرغم من التراجيديا التي فرضها الوضع القائم الا ان لوران يمنحنا بصيصًا من أمل، فالذاكرة التاريخ هي الارث الحقيقي الذي يجب ان ينتقل فعلا عن طريق مريم والى الناس الاكثر تضررا بفلسطين، الاطفال الذين يجسدون البراءة والمستقبل. والذين ممكن ان يعطوا معنى جديدا للمقاومة، حتى وان كانت بالحجارة فقط فإنها ستسمح للمجتمع الفلسطيني المضطهد أن يستعيد كرامته وقوته..

مسرحية مميزة كتبت بطريق الملحمة الثورية من خلال مجريات الحدث. انها بامتياز قطعة ادبية وانسانية رائعة. حري بمطالعتها وتجسيدها على خشبة المسرح!

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب