news-details

أجمل مكان في الدنيا | سليم شومر

دخل نابليون الإسكندرية ومعه 55 ألف رجل، وكانت حملته مكونة من 400 سفينة. طبعَ نابليون منشورا باللغة العربية، في المطبعة التي حملَها معه، جاء فيه:
"منذ وقت طويل، وهؤلاء المماليك العبيد، الذين اشتراهم السلاطين من القوقاز وجورجيا، يستبدون بمصر، أجمل مكان في الدنيا، شاءت إرادة الله، الذي توكلت عليه أن تدول دولتهم".
يا أبناء مصر، سيقال إنني جئت لأهدم دينكم، لا تصدقوا، وإنما جئت أعيد لكم حقوقكم، وأعاقب غاصبيها، فأنا أحترم دينكم، وأومن بالله ورسوله، وكتابه القرآن الكريم، ونحن نؤمن مثلكم بأنه لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى.
ولكن ما هي تقوى المماليك، وما هي العدالة، حين يكون للمماليك كل شيء، وليس للشعب العربي شيء؟!
ما العدالة حين تكون الحياة الكريمة لهم، ولكم الذلُّ والهوانُ؟
وإن كانت هناك أرضٌ، فللمماليك وحدهم، وإن كانت هناك جارياتٌ، فللمماليك وحدهم، ولا شيء لكم، ثم أين هذه الأرض الخصبة؟ وأين الحدائق؟
إن بخلَهم وجهلَهم وظلمَهم جعلها خرابا، يبدو أن نابليون قد علم أن هذه البقعة من أجمل ما يكون على وجه الكون، فيها البحر والجبل والسهول والنسيم المميز ورائحة الهواء والأجواء المنعشة.

لم يكذب على الشعب، كان صادقا ولكن أهدافه كانت مشينة ونواياه سيئة أودت بالكثيرين من أبناء هذا البلد الصامد. لقد كان نابليون صادقا في كل كلمة، فالتاريخ يعيد نفسه، وما زلنا حتى اليوم نعاني كثيرا من النظام الطبقي والأناني الذي تحدث عنه نابليون، واقترح نفسه منقذا في تلك الفترة. 

وها نحن اليوم في صدد الانتخابات المقبلة، ويعتقد حشد كبير من سكان إسرائيل أن نتنياهو هو المنقذ، لما وصلت إليه هذه الدولة من مشاكل عقيمة وغلاء معيشة، حيث أن ما يقدر بنحو 850 ألف أسرة في إسرائيل تفتقر إلى عناصر التعليم والرعاية الصحية والغذاء الأساسي، مع وقوع 268 ألف أسرة في براثن الفقر منذ بداية الوباء وحتى انتهائه، وهذا العدد يرتفع تدريجيا، فهل سيأتي نتنياهو وحزب الليكود ويوقف تزايد الفقر وتدهور الاوضاع الاقتصادية هذا؟ ناهيك عن المشاكل الاجتماعية وتفشي الجريمة، خصوصا في المجتمع العربي، ولم ننته بعد، لدينا الكثير من القضايا والملفات، الملف الإيراني والملف اللبناني وآبار الغاز في البحر المتوسط، هل ستكون هناك معادلات سياسية لنتنياهو وحزبه وينقذ إسرائيل وشعبها في قاسم مشترك وعادل؟ الطريق إلى الحلول عصيبة جدا، ولا أحد يرى إلى أين ستؤدي بنا هذه الأمور، وكأنما نحن نسير في قلب دوامة يصعب الخروج منها.

 إن الدولة بحاجة إلى كنيست يعتني بمشاكل الناس والدولة، لا كنيست يعتني بحاجات أعضائه، دولة من غير حكومة وفقط من انتخابات إلى انتخابات، وخلافات ما بعدها خلافات، مشاكل كثيرة ومشادة وخطابات من غير معنى، أصبح منبر الكنيست فقط استعراض عضلات، سينما ببث حي مباشر، لا تعلم ولا تفهم ماذا يجري وإلى متى سندور في هذه الدوامة، الانتخابات أمامكم والبحر من ورائكم، إما الغرق في بحر الظلمات وإما التصويت ورفع نسبة التصويت، واجب علينا نحن كأقلية في هذه البلاد أن نكون يدا واحدة مع قوى اليسار من أجل مستقبل أفضل، وإلا سنقع تحت سوط الجلادين.


 

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب