news-details

أَسَيْأتي علاء الدّين؟

نهض الوحش من الأعماق، والزمن أمسى مذعورا تائها في حالة جنون، متهورا مندفعا، لا يمنح العقل النظر والتفكير للحظة. كلمة التروّي باتت مفقودة وقانون حمورابي استفاق من سباته الطويل.

فماذا ينفع الكلام في زمن دُفنت فيه الحِكمة وتضاعفت الشّرور.

نُعلِّم أنّ للكلمة وقْع كبير على الإنسان، قد تزرع الخير في النفوس، وقد تودِي إلى نهايات موجعة إذا امتُزِجت بِجُرعات شيطانية.

أهناك شيء بعد في الانتظار، وقصة قايين وأخيه هابيل تتكرّر يوميا ليل نهار.

نعم، الأشياء ليست غريبة ولا جديدة ولكن الغريب هو تحوّل بعض البشر إلى شخصيات يحركّها قانون الغاب. قد تجرّدت من ميزات منحنا إيّاها الله وخصّبها الإنسان دون غيره، وأهمّها نعمة الحكمة التي تسعى دوما إلى القضاء والانتصار على كلّ نوايا الشر.

لكن كما يبدو بأنّ الحكمة قد شاخت، ولم تقوَ على النـّهوض بعد لتقاوم وتنتزع الأشواك الجارحة التي اشتدّ عودُها وضيّقت على البذور الطيّبة في داخلنا، ودوائر الفساد تحاصرنا من كلّ ناحية، تتزايد تلتف تمتدّ وتخنق. والوجع يتفاقم من شدّة الـوَيلات، هذه أم تبكي ولدها السجين، وأخرى تنوح ابنا توارى تحت الثرى وزوجة تواسي طفلها اليتيم.

ماذا يحدث أهذه الكائنات من بشر!

أيحكمها عقل إنسان أم السّاكن صخر صوان متجبّر!

أخبار كلّها شؤم وبؤس وكأن العَصْرَ مُلْكٌ لـمن يُجيد العَصْرَ فيَعْصُر غيره، يسْحقُ ويتابع علانية غير مبال للنتائج مهما كانت. الغرائز والشّهوات تربّعت على عرش الحكمة وسجنتها في مصباح قديم فأصبحت الآمر الناهي الـمُفكر والـمُدبّر.

أسيأتي علاء الدين ويحررها من الـمصباح.

أننتظر ذاك اليوم الذي ستسوده السّكينة والطمأنينة، أم أنَّ العالَم قد سقط في هاوية شديدة الانحدار بلا مخرج في حالة دمار ذاتيّ.

الخير يستغيث والرأفة تستنجد والقضاء على الشر يبدأ بكلمة من حرفين"لا".

لا تتهور فكّر وتعقّل.

لا تتجبّر اعدل وأنصف.

تعلَّم من تلك الأشجار العظيمة التي بحكمتها تلينُ وتنحني عند قدوم الريح العاتية، تدعُها تمرّ من فوقها وتبقى هي آمنة. فإن تُعاند وتتصدّى ستتكسر أغصانها وتكون الخسائر جسيمة.

هكذا هي الحياة مواقف، والعظيم مَن لا يترك للـمشكلات إليه سبيلا، فَلا يجعلها تتفاقم وتصل الى درجة الغليان.

العَظمة لا تورَثُ ولا تأتي فجأة، فليست بِكَم معك من أموال وما حجم عضلاتك. العظمة رصيدُها الحكمة الـممزوجة بالخير والصّلاح، واللذان يغرسان منذ الطفولة فينموان ويكبران في الأبناء حين نستبدل جملة: "اضرب مَن ضربك".

بجملة: "مَن ضربَكَ سامِحْه"، وسيأتي يومٌ يعلَمُ فيه ذاك الـمتعدّي درجةَ قُوَّتِكَ الحقيقية، وقوة الصمت الذي لا يقهر، قوة الصمود والتحمل لـمداراة الـمشاكل وتفاديها.

وإذا غرسْتَ فيه العين بالعين سيتحوّل ابنك إلى نسخة ثانية من نفس الشخص الذي ضربه وضايقك حين أتاك ولَدُك شاكيا باكيا، والنتيجة لن ترضيك لأنك تسمح للوحش الذي في أعماق نفسه أن ينمو وستكون خسارتك أكبر.

فمائة لا ولا لكل فعل متهوّر مدمّر حتى نبني مجددا ما خلّفته الوحوش من قهر ومرارة.

وألف لا إلى أن ترتفع قوة الخير الحكيم وتعود إلى نصابها، والأمل في عيش هانئ أمين في زمن تصدّرته مكائد الشر.

 

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب