news-details

التواصُـل العشقيّ الخفيّ | مارون سامي عزّام

من منا لم يستمع إلى أغنية السيدة أم كلثوم "سيرة الحب"؟ أغنية غدت "ترويقة" آخر الليل في الأعراس. ولكن عندما يستمع إليها العشّاق الجدد، من كُتّاب "مقتطفات" من سيرة حبهم "الشاقة"، عبر مواقع التواصل!، أجدهم يتبنّون مطلَع هذه الأغنية الذي يقول: "طول عمري بخاف من الحب..."، فممَّ يخافون لا أدري!، ألا تتمايل قدودهم طربًا مثل غصن البان على أنغامها الجميلة!

الحب أيها المتسترون، كلمة مكونة من حرفين، "ح" و "ب"، لكنهما بالنسبة لكم مكتوبان بالنار، لا يحرقان قلوبكم فقط، إنما باعتقادي يحرقان أيضًا شاشات هواتفكم الذّكيّة، فتغدو ألوانها شاحبة، كلماتها ممحوّة، متقطّعة، غير مقروءة... فيا لتعاسة هذين الحرفين... ويا لسخافتكم أنتم، عشّاق سياسة الإعلام العشقي الحديث، لأنّكم ترتعبون من ثوران بركان حبّكم في أعماقكم.

بعضكم يخجل من كتابة اسمه الحقيقي على صفحة تواصله الخفيّ، يلجأ لكتابته مختصرًا مبهمًا مثل: ب. م. عاشق الجمال، كأن صفحته أصبحت فرعًا من فروع أجهزة المخابرات! لذلك أجد تصرّفاتكم مستغرَبَة، فقمتم بتهجير مفردات اللغة وحروفها، وأسمائكم العربية، إلى قفر إبداعاتكم، البعض الآخر يكتب اسمه بأحرف أجنبية للتمويه الشّخصي.

للأسف أنتم لا تدركون أنّكم تُطَوِّبون إنكاركم للغتكم العربية في طابو الغربة اللغويَّة... تتنكّرون لهويّتكم... تُؤكّدون لمتابعيكم، أن مشاعركم تجاه المرشّحات المستقبليّات ليس لها ملكيّة محدّدّة، سرعان ما تتبدّل، سريعة الذّوبان في مَصَب الانجذاب للأخريات! الرّمزيّة في الحب مرغوبة، لكن أدواتها التعبيريّة تحتاج إلى مقدرات لغويّة وإبداعيّة عالية، أيّها العاشقون المستحدثون!

رجاءً لا تهابوا كلمة الحب الصادقة الخارجة من الصميم، لا ترتدعوا من قوّة معناها. لقد كتبتُ مجموعة لا بأس بها من الخواطر المشبعة بالحب واللوم واللوعة، بعضها مأخوذ من تجارب شخصيّة... بعضها الآخر من ابتكار أفكاري، نشرتها كلّها في الصحف، تحت اسمي الكامل، وبدون أن أسبّب أي حرج شخصي لي أو لغيري، طالما أنّي استثنيت ذِكْر اسمها من خاطرتي.

الرسائل الغرامية لا تُرسَل عَبْرَ صفحات تواصلكم العشقي "المشفّرة"!، في حال اعتقدتم أيها العشاق المستحون، أن اختباءكم وراء ستار الخجل، هو الحل الأمثل لمشكلتكم العاطفية، أو تهابون من تعقيداتها، أنتم مخطئون جدًّا... وكأنكم ترتكبون خطأً أو تأتون جرمًا لا قدَّر الله، هذا أنا أسمّيه التفاف الضّعفاء أمثالكم حول نيّتكم. دَوِّنُوا لحظات العشق الجميلة، التي طالما انتظرتموها، على صفحاتكم العلنيَّة، فلعبة قبعة الإخفاء العشقيّة التي تلعبونها، ينطبق عليها قول السيدة أم كلثوم في أغنيتها "سيرة الحب": "أهل الحب صحيح مساكين!".

 

 

 

 

 

 

 

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب