news-details

بانتظارِ موعد اللقاء | مارُون سامي عزّام

كسَرتُ ألواح اليأس التي حجبت عني شمس أيّامي، تخلّيتُ عن ذكرياتي، تمهيدًا للقاء أنتظر حدوثه... أنتظر أن تفتح تلك الباسمة، قابليّتها للقائي، تعتقد أنّي وضعتها في مأزق أدبي، رغم أن حفاوة ابتساماتها، وسَرْب نظراتها الذي حلّق في مجالي، هُم من بدأوا بإطلاق مفرقعات إعجابها الشّرسة علي، اختَرقوا تفكيري... حطَّمُوا أدوات أولويّاتي، لكنّي لم أعُد أحتَمِل هذا "الاعتداء" غير المبرَّر، فطلبتُ من صديقي المقرّب منها، أن ألتقي مع هذه الآنسة، لأفهم منها سِر إطلاقها لمفرقعات ابتساماتها ونظراتها، التي أنارَت سمائي بالآمال مجدّدًا.

كنتُ أتأمَّلها، فوجدتها مكسوة بطبقات من الأنوثة، تَحْتَك ببعضها البعض، لكي تزلزل الأرض تحت أقدام الشبّان، من أجل أن يهابوا حضورها. شعرها الأسود ينام على كتفيها، كما في أسطورة الأميرة النائمة، يستيقظ فرِحًا لتُقبَّله نسمة صباحيّة... جمالها سَحَرَته عشتروت إلهة الحب والجمال عند الفينيقيين، وقلتُ في ذاتي: "بالفعل جمالها أسطوري!! وبما أنّها تمتلك كل هذه الموارد الطبيعيّة، لماذا إذًا تبحث عن موارد هيمنة خارجيّة؟!!، ألَم تُشبِع بعْد جشع نظراتها وابتساماتها؟!!، أم أنّها تحاول سحب تفكيري نحوها؟!" لهذا أنا مُصِر أن ألتقي بها.

أتمنى ألّا تدع أحدًا يمنعها من الالتقاء بي، لأني أعرفهم جيّدًا، فهم موهوبون في تأليف الأساطير الخيالية عني، لترتاع منّي! لا... لستُ كما تتصوّر، أنا باختصار شديد مجرد حكاية من حكايات جدتي وجدّتها البسيطة، أمّا لقائي بها، سيكون أسطورة خياليّة، لأنّه شبه مستحيل، ولن تستوعبه حتّى حكايات جدَّاتنا! التي كانوا يروونها لنا، فعندما تطلبْ لقائي، لن أصدق، لأنه بالنسبة لي إنجاز عظيم استطعتُ تحقيقه.

أعْلَم أنّها متحفّظة من طلبي للقائها، دائمًا كنتُ أُلِح على صديقي بأن يحثّها على تعيين موعده، ولكنّي كنتُ مُغيَّبًا عن جدول اهتمامها، كأني أطلب منها منحة استرحام... أريد أن أوضّح لها أمرًا هامًّا، وهو أنّي أثناء لقائي بها سأكشف لها جميع أوراقي، ولن أتركَ لها مجالاً للذّرائع، أو لمقارعتي لاحقًا. لا أدري أي شكل سيأخذ هذا اللقاء، هل سيكون رسميًّا... جديًّا...عفويًّا، أم مؤثّرًا؟! فإن هذا عائد لجوِّه العام، في حال وافقتْ عليه.

أرجو أن يكون اللقاء الأول عمليًّا وخاصًّا جدًّا. قد تستغربْ من طلبي، قد تقول يا للوقاحة!!، هدف لقائي بها فقط من أجل بلورة الصورة الأنسب لشخصيتينا معًا، حتّى يستطيع كلٌّ منَّا عرض مواقفه بشكل جاد وصريح، قبل أن تنتقل علاقتنا إلى مرحلة متقدّمة، حتى كتابة هذه الأسطر، لا أدري إذا كان "لقاء القمة" المرتقب سينعقد أم لا! لا أدري إذا كنتُ سأوفّق في لقائي! لأن الخيارات أمامها!!

أريد لقاءً بدون مجاملات، خاليًا من التكليف، كل هدفي هو التفرٌّد بها ولو لساعةٍ واحدة، رغم أنها كانت تُدير معرفتها لي عن بُعْد، عبر مؤشّرات تودّدها اللاسلكيّة!! لذلك ليس هناك ما يدعوها للانفعال منّي، ولا داعي أن تُرهق نفسها بجمع المعلومات عنّي... مع مرور الأيّام، تبيّن لي أن مماطلتها غير المسبوقة بتعيين اللقاء، نتيجة تخوّفها المسبَق من إفشاله، بعد أن مرّت بسلسلة لقاءات خائبة مع غيري، التي مسحت من ملامحها أي أثر للهفة، إلى أن تلاشت أضواء المفاجأة الأوّليَّة من عينيها، رغم أنّني أعتبر تصرّفها تهرّبًا من اعترافها بجنحة تلميحاتها!!

أطلب منها لآخر مرة أن تُخرجَني من وكر ذاكرتها، فلقائي بها سيُخرجني إلى دنيا تمنحني الحماية، واختبائي بِوَكر ذاكرتها هو الخوف بعينه. أرجو ألّا ترّدني خائبًا إلى منتدى واقعيّتي. أنتظر تحديد موعد اللقاء بفارغ الصبر، كي يتحرّك موكب التعارف قُدُمًا، فأنا أكره البقاء لوحدي في جزيرة التّكهّنات مثل روبنسون كروزو، معزولًا عن عالمي، لقد طال انتظاري للقاء المصيري! ألا تعتقد تلك الباسمة الجازمة أنه قد حان موعده؟!!

 

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب