news-details

بين الحرب والحب| د. معراج أحمد معراج الندوي

يكاد العالم لا يخلو من الحروب مهما تواتر الزمان، من حرب البسوس الى الحروب العالمية، ثم الحرب على الارهاب وداعش، ومن حرب بين روسيا وأوكرانيا. ويشهد العالم اليوم في أرض فلسطين، تغير الأسماء والمبررات و المعنى واحد وكلها تخلف الركام و بقايا إنسان.

الحرب تدمر البناء والجمال، وتبعث على الضيق الإنساني لأنه مستنبت من بذرة الكراهية، فهو ما ينشر في عصرنا من فنون الحرب في ابتكار القتل وإبادة البشرية. الحرب لا تنتهي ببساطة، الحربُ توَلدُ حربا أكبر منها، تُنتج بشرا لم يتبق عندهم ما يمكن خسارته، ولا تبقي لديهم خيارات، تَلدُ وحوشا على هيئة بشر. تبدأ بينَ طرفين، تُولَد أطراف أخرى، تصبحُ بين جماعات متوحشة.

أما الحب فيسهم في بناء معالم الجمال في الحياة، فالحب لا يبني إلا الجمال، فإذا ما توهج بالقلب بنى الحياة والجمال والسلام والسعادة في قلوب البشر. في الحب يحاول الإنسان أن يتمسك أمام طوفان الحب وجبروته، ولكنه قد يفشل من الصمود كثيرًا، ثم ما يلبث أن ينهار، ويعلن الاستسلام. وفي الحرب أيضًا يعيش الإنسان تلك الصورة، بعد أن يحاول أحدهم أن يصمد، ولكنه قد يفشل فيحاول صنّاع الحرب أن يستخدموا كل أنواع الأسلحة لكسب المعركة.

الحب منذ الأزل هو محرك الإبداع، الأديب عاشق أزلي في مراحل عمره كافة، الشعر الذي يخلو من الحب هو شعر ناقص، هو الشعر الذي يقرض بالحروف ولا يلامس القلوب، والرواية التي تخلو من الحب ليست رواية إنسانية، والقصص التي تخلو من عناصر الحب تنشر المادية في العالم. 

الحب هو حصن الإنسان للحفاظ على الإنسانية، إن للحب أسماء مختلفة، ولكل اسم له درجة تختلف باختلاف الأشخاص، ربما يكون الحب الهوى، ربما يكون الحب الصورة يعني الميل الخاص لشيء ما، وشغف أي شغاف القلب أي منشأه يدل على عمقه، ربما يكون الحب الجنون، والجنون ظاهرة فلسفية للحب، ربما يكون الحب الوجد أي حب المعاناة والمشقة، الحب هو العشق الشي يفرط في شدة الحب، الحب هو النجوى وهي حرقة الشاعر في الليل المنجم، الحب هو الشوق يعني حنين القلب، وكثير من الأسماء التي تفسر شدة الحب ودرجاته.

وللحب أسماء عديدة ومفاهيم مختلفة، فله أيضا لغة يتحدث بها مشاعر يترجمها كل فرد من أفراد المجتمع الإنساني، وإن لكل فرد لغة حب مختلفة دون الآخر. إن عاطفة الحب والحرب لازم من لوازم الحياة، ولا يمكن للإنسان أن يعيش الإنسان بلا حب ولا حرب، وأن يفقد النطق باللغتين معًا، فلا لغة الحرب مروية، ولا لغة الحب محكية. وإن عاطفة الحب تختلف في مسمياتها، تتشابه في أحاسيسِها، تتسابق وتتنافس في مخزون كلماتها التي تصف الحب. يتفوق الحب، لا تعبر عنه لغة، ولا يعطيه حقه وصف.

الكلمات لغة، يمتلك الإنسان قوة الحياة والموت، والمجاملة اللفظية هي إحدى الطرق للتعبير من الحب، وإن الكلمات هي الوسيلة التي يترجم الحب بها، فبالكلام يستطيع الشاعر أو الأديب أن يوصل ما بداخله للآخر. ولغة الحب لا يعرفها إلا الراسخون في علم المحبة، حتى في زمن الحرب، وهناك من لا يعرفون إلا لغة الحب؛ لكي يتحدثوا بها، فالحرب أحيانًا تكون ضرورية، لكي تسود لغة الحب.

الأفعال لغة: إن الأفعال عند بعض الناس تتحدث بصوت أعلى من الكلمات حيث يكون التعبير عن الحب في قضاء وقت ممتع معهم، إن إعطاء الطرف الآخر الانتباه الكامل، لا يعني أن ينظر كل منا في عين الآخر، ولا تستمع إلى الطرف الآخر. وتنشغل بشيء آخر في نفس الوقت.

لا شئ فوق الحب، والحرب منذ القدم فإما حرب تقوم بسبب قصة حب وإما حرب تنطفئ بقصة حب، الحب كالعصافير ينبت لها أجنحة بسرعة حين تزعجها أصوات عنيفة وتطير بعيداً تشعر بالخوف والوجع فتلوذ بنفسها قبل الانفجار، الحب يحوّل الخراب إلى الجنّة. إن شمس الله ستشرق على قلوب الشهداء والأحياء فتعود الروح إلى الأرض وتنبت البيوت سيأتي الحب من جديد..

الأستاذ المساعد، قسم اللغة العربية وآدابها - جامعة عالية ،كولكاتا - الهند 

 

 

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب