يداك السمراوان تحملان قلمكِ، أمين سرّكِ، لتكتبي لي أنَّكِ متلهّفةٌ إليّ، فتطايرت كلماتكِ من تحت فستان شمس الصّيف الحمراء، حلِّقَت في الأفق، راقبتها بترقُّب وتأهُّب، خوفًا من صيّادي عصافير الأمل، الذين يحاولون إيقاع كلماتكِ في شِباك غيرتهم المفروشة على ملكيَّتهم الفكريَّة!... حينها الويل ثمّ الويل لكِ منهم، لذلك أبعديها عنهم، وابتعدي أنتِ أيضًا عن مجالهم، تعلَّمي منّي دروسًا في قوَّة الشَّخصيَّة، التَّملُّص واللامبالاة، تعلَّمتها جيِّدًا في مدرسة اختبار الذّات، ودعيني يا سمراء حياتي، أُكمِل كتابة ما تبقّى من هذه الخاطرة.
لون بشرتك الحنطيّ، يُبشِّر بقدوم موسم الحصاد الواعد، لتُذَرِّي زوان كراهية المحيطين بك، فتحمله الرياح بعيدًا عنّا... حصدتِ بمنجل شموخكِ سنابل الجمال من أرض الكنانة، أرض الفراعنة، وانحنت تواضعًا. وزَّع الباري على أطراف جسدكِ نعَمه، بشكل يتناسب مع هيئتك الخارجيّة، ووزَّعتِ مساحيق التجميل على واحة وجهك الأسمر بهدوء...
... استحَضَرتِها من بلاد مُشرقة بالأنوثة، لئلاّ يثور عليها خفّاش القباحة، لاءمتِها مع جغرافيَّة تقاطيع وجهكِ الصّغيرة. نورس بساطتك، يحلّق بِحُريّة، فوق ساحل رقّتك، يتمدَّدُ أخدودَا وجنتيك كلّما ابتسمتِ، ويتراجعان كلّما عبستِ... ما زالت أمواج شهوة التَّمتُّع بالحياة تتماوج فوق شفتيك... ميناءَا عينيكِ الأبيضين، نضران، كنضارة لب ثمرة جوز الهند.
كم أنا متخوّف من هجوم جراد المستائين منكِ، حتّى يتلفوا محاصيل لحظاتكِ وذكرياتكِ الجميلة، الملأة بثمار سعادتكِ، فيُشرِّدون حبّكِ عنّي، بين غابات الوشاية الكثيفة بأغصان الثرثرة، لكنّي متأكّد من قوّة احتمالك يا سمراء المرج، لأنّ عزمكِ قادر على حرق قش شائعات الحاقدين... اتّخذتِ من مقصف رجولتي، مَلجًأ آمنًا لكِ، تحمين فيه إرادتكِ الضّعيفة أمامهم.
ارقصي دون وَجَل حول نار حنيني اللذيذة، رقصة قبائل الأمازون السُّمْر، التي أشعلتُها من عود ثقاب اشتياقكِ، هذا ليس استعبادًا لكِ، لذا أرجو ألّا تعتقدي أنّي أطلب منكِ تقدّيس شخصيتي، لا قدَّر الله، بل اعتبريها رقصة إغاظة للآخرين، الذين وقفوا مشدوهين، عندما رأوا أن قيمتكِ لم تنتقص أبدًا، بالعكس، ارتفعت لدرجة تقديس مكانتك في قلبي، وجعلتُ بؤبؤي عينيك السوداوين حَبّتَي هال، تعومان في فنجان قهوتي الصّباحيّة...
إضافة تعقيب