رحل البارحة مع أشعة الغروب أخي الكبير الى أبديته البيضاء هناك مثل ندف الثلج وحمل معه قلبه الجميل وقسما من أجمل ذكريات حياتي منذ أن وعيت على هذه الدنيا الحزينة. كان الأخ الحنون والأب بعد رحيل والدنا رحمه الله. أخي والدي وحبيبي، الموت هو حقيقة الحياة الوحيدة ودرب الرجوع الأخير. كم شاهدت صراع الأضداد بين الحياة والموت. كم حاولت زرع حزمات الضوء في بؤبؤ عين غار وانطفأ. كم مرة سمعت شهقات وخفقات القلب آتية من بعيد من عالم سكون حاولت اقتحام عالم الحياة مرة أخرى. لم أفلح في القبض على حزمات ضوء وبعثها في أعماق عين انطفأت وأصبحت في سرمدية الزمن.
صارعت الموت على قلوب وعيون كثيرة كسبت في صراعي ذاك معارك ولكني خسرت الحرب. عيشنا وهم وحياتنا ومضة من ومضات زمن سرمدي يواصل سيره من أزل الى أبد. يبحث هو بذاته عن ذاته، عن أصل وجوده وغايته من هذا الوجود. الزمن لا يأبه الى أحد ولا يلتفت ولا يرجع مرة الى الوراء. أيسير هو ذاته من وهم الى وهم؟. نولد ويهتز مهدنا ذات اليمين وذات اليسار، نكبر تماما مثل أوراق الشجر نخضر ونداعب الريح والشمس، نلهو ونلعب ونعقد عقود الجلنار والاقحوان من نور ونار. نسير مع هذا الزمن التائه ونصفر ونذبل وتختفي عروق الحياة ثم نسقط ونتوه مع هذا الزمن التائه بلا أزلية ولا أبدية. ندور كطواحين الريح بلا كلل نبحث الى الأبد عن سر وعظمة هذا الوجود. الزمن يكمل رحلته ويتركنا كالقطار السريع في المحطة الاخيرة ننتظر زمنا أخر آتيا مع هبة ريح أو نسمة أو عاصفة تحملنا الى البعيد وفي جيبنا بطاقة سفر في ذهاب بدون رجوع.
ها أنت يا أخي الغالي وصلت الى محطتك الاخيرة وركبت قطارك الأخير الى عالم نجهله. كلنا ننتظر دورنا ومقعدنا في ذاك القطار لا نعرف من أين والى أين السفر والمصير والمسير. عزائي الجميل يا أخي أنك موجود معي في ذكرياتي وذكريات حياتي وأنت هناك في عالمك الجديد تخطر بين المحبين دمعات قلوبنا الذين تركونا قبلك. كن في غيابك كما كنت في حياتك نسمة صيف عذبة. لن أقول وداعا بل أنت باق في تراب مقدس نعشقه حتى الموت كما فعلت أنت في حياتك ومماتك. عزائي الأجمل أن قبرك يجاور شجرة بطم ريانة خضراء تنمو على مهل فهي نعم الصديق ورفيق دهرك الأبدي. انا لله وانا اليه راجعون.
إضافة تعقيب