news-details

قُـربـان حُـبِّـي الأزلـيّ | مارون سامي عزّام

هل يستطيع الطفل التخلي عن والديه؟ هل يستطيع الزّرع العيش بدون ماء؟ هل يقدر العاشق أن ينام دون الاطمئنان على حبيبته؟ الجواب عن هذه الأسئلة هو لا... كذلك أنا لا أستطيع التخلي عن حبيبتي... طوَّبت قلمي وعقلي لها... أجلس على متن سفينة الارتياح، تسحبها نسائم مشاعري ببطء لميناء حبيبتي، لأطمئنّ أنّها قريبةً منّي فِكرًا، رغم بعدها عنّي جسَدًا.

أنا مخلوق مُروَّض على يد حبيبتي لا أستطيع العيش بدونها، أنا مثل سمكة لا أستطيع العيش خارج البحر، دون أن أجعل زعانف تفكيري المجنونة بها، تشق أعماق تنهداتها، لأسمع زفير عتابها من الذين يتحرّشون بحياتها الخاصّة، ستبقى حبيبتي ما حَيِيت، حتى قلبي ذلك الإيقاعيّ الماهر، لا يستطيع ضبط نبضاته إلّا إذا سمع وقع قَدَمَيها تطرقان وجه الأرض.

حبّي لها تراث محمي بقوة مصداقيّتي تجاه حبيبتي، أستشعر دبيب أحاسيسها تسير نحوي عن بُعد، عندما أسمع صوتها، كأنّي أسمع نبُوءتها تهبط على أرض وعدها لي، لإيماني بها... لو طال رواق الانتظار، فلا بُدّ أن ينتهي عندها عاجلًا أم آجلًا. قطفتُ عناقيد الأيام التي جمعتني بها، المتدلّية من كرمة الزّمن لئلّا يسرقها منّي العُمُر، وصنعتُ منها تشكيلة من اللحظات، الصُّدَف والمواعيد المؤجّلة، لقد نزعتُ أشهُر القلق عن رزنامة أفكاري، ما زلتُ أُرَكِّب قِطَع صورة الآمال المتناثرة على سجّادة التكهنّات لوحدي، قطعةً تلو الأخرى، حتّى تكتمل بلقائي بها.

لا أستطيع التخلي عن حبيبتي ولو للحظة واحدة، فإذا تخليتُ عنها كأنّي تخليت عن حاسة نظري، والشخص الذي يستغني حاسّة عن نظره يصبح كفيفًا، لا يستطيع التحرك قيد أنملة بدون عصاه. باختصار، لأنها حبيبتي، فلن أتركها وحدها في حلبة القهر، فهي حقًّا حاسة نظري، بريق نظراتها الحادّة، يُضيء ظُلمة مشوار مستقبلي... بل أكثر من ذلك، ستظل العصا التي أستند عليها، منحتني الإصرار على إكمال طريق الصّعود نحو شمسها، لأكون شاهدًا على حرقها لأكاذيب المنافقين، مؤكّدةً لي أنّها حقًّا قربان حُبّي الأزلي.     

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب