أيها الاخوة المحزونون! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته!
هل رأيتم فتى لا يملّ الحياة؟ هل رأيتم فتى لا يمل العطاء؟ وهل رايتم فتى يحمل الله في قلبه؟! وعلى راحتيه ترف السماء؟!
لم يستكمل تشرين أول أحزانه ويقف الزمان عند أول منعطف فيولد رحيل شاعرنا الكبير وقائد مسيرة هذا الشعب من خلال نشاطه السياسي ولكن بكل الجرأة التي يعرفها المناضلون الشرفاء وبكل العمل المعقد والطافح بالعطاء بغير حدود!
تشرين يا أقسى الشهور لماذا أصررت على أن تأخذ منا من نحب؟ هكذا وقد كان شعلة من الذكاء والجرأة والبطولة والعطاء؟!
عندما يرحل صديق عنا نتألم وتدمع عيوننا وتكثر كلمات الرثاء ولكننا نعرف أن كلمات الرثاء مهما بلغت او ستبلغ فانها لن تفي استاذ هذا الجيل العظيم حقه لأنه كان أكبر من أي رثاء وأعظم من أي تأبين! فأستاذنا الراحل كان واحة في صحراء حياتنا وقطرة طاهرة نميرة في هجيرة قيظنا وبسمة أمل في جحيم وجودنا ممتدة في ظلام يأسنا بشموخ متفائل ونضال لا يعرف الكلل ولا الملل. وذا انتماء عميق الى أرض هذا الوطن والى كفرياسيف بالذات فكان رمزا للصمود في زمن الهزائم وكان ظبي الفيافي ولكنه لم يقهر تشرين بجماله لأنه كان معلما لا يجديه الصمود موثّقا في القلوب الأمل المنشود.
فيا أيها الراحل الى احضان الأبدية! كم كنت تعرف أن الرجال لا يبكون الرجال خاصة لأنك كنت بيننا مصدر ثقة بالنفس ووعي بأهمية الانسان ومتأكدا بأن النضال الحقيقي في هذه الحياة لا بد من أن يعطي ثمراته. سيذكرك جميع الشباب الذين ربيت وعشرات الشعراء الين تتلمذوا على يديك وحفظوا من جميل نظمك وشعرك الشيء الكثير. سيذكرك أهل هذه القرية المفجوعة كما سيذكرك النضال الفلسطيني كمناضل عنيد ولكن في الحق! ها هم أرباب الكلمة الحلوة الأحياء منهم يضمونك الى خصوبة كلماتهم لأنك كنت واحدا منهم ومعلماً فذا لا يعرف الخوف ولا التراجع عند مواقف الحسم والجبروت!
بغيابك أيها الرفيق فقد شعبنا العربي الفلسطيني رجلاً ومفكرا مميزا وأديبا لا يشق له غبار حيث كرّست حياتك كلها في خدمة هذا الشعب وفي تعزيز الانتماء الى الهوية الفلسطينية والوطنية الصادقة.
ان شعبنا العربي الفلسطيني الذي فقد هذه القامة الشامخة هو شعب حي لا يموت وستبقى أجياله الحالية والقادمة تذكرك بكل المحبة والوفاء.
كنت يا أبا نزار معلماً فذا، ومعبرا صادقا عن ضمير شعبنا العربي الفلسطيني فى آلامه وطموحاته وقد فقدنا بفقدك أخا وصديقا مميزا ومفكرا مبدعا ترك بصماته الجليلة في نفوس هذا الشعب على مدى عقود من حياته! فقد عهدناك كلفا بالكلمة الحلوة ولذلك فأننا نقبض اليوم عل صهوة البراق ونستمرئ انفاس الربيع العربي القادم ولكن المراوغ فيضنينا وجد العاشقين وتستبد بنا رغبة الورد على منابع النور!
لقد رحلت ايها الراحل الكريم لأنك أدركت وقوفك على تخوم الحكمة فوهبت الجسد الذي أنهكته وعثاء السفر الى ثرى لا يخون واشرأبت روحك الى عنفوان لا يشيخ. فهنيئا لك بالإياب وبوركت روحك مع الصالحين! نم اذن ايها المعلم القائد العلم على سواعد النخيل واقرأ على العابرين في التاريخ ميثاق الأرض لأبنائها وقسم التين والزيتون لأن الأرض ستحفظ السرّ فان الزبد يذهب هباء وان لا فكاك عن الحلم رغم ما يتوهم المتوهمون.
فلتهدأ روحك أيها الصديق ولتقرّ عينا بعد أن اكتحلت بمرأى الصبية الفلسطينيين يعتمرون الكوفية، كوفية المجد ويطوون الأهداب على حلم بات قاب قوس أو دون ذلك!
ففي ذمة الله لا تضيع الودائع وأنت وديعتنا في ذمة الله!
تشرين ثاني 2024
رئيس الاتّحاد العام للأدباء الفلسطينيّين الكرمل 48
كفرياسيف
إضافة تعقيب