إحكيلي..
أيتها الأرض
عن الذين مرّوا
وغابوا..
وتركوا وراءهم
آثار أقدامهم
تحكي حكاية الموت
في ذلك اليومٍ
الأغبر
***
إحكيلي..
عن وجه أحمد
"طائراً" على دراجته
فغاب قبل الغياب
ولم يصل إلى حضن أمه
ليبلغها أن الطّغاة أعطوا
للموت الضوء الأخضر
***
إحكيلي..
حكاية فاطمة العيسى..
كانت عائدة من النَّبع
تحمل جرَّتها
تلملم بلهاثها
آخر ودعات الشمس
فغابت..
وجدوا ميَّة جرتها
تسقي التراب
مخلوطة بدمها الأحمر
***
إحكيلي..
عن عمي أبي سليم
حمل كيس الزيتون
في فضا عينيه
ومشى يحثُّ خطا رجليه
ليلحق الصلاة
فوجدوا حبات زيتوناته
بين ثنايا الطريق
تزعق بالدَّم:
"الله أكبر".
***
إحكيلي..
هل صاحوا..
هل صرخوا..
هل شهقوا..
هل استغاثوا..
أم ناموا تحت الشمس
بين أحضان التراب
ألحفتهم دمائهم
وفوقهم ضوءها الأًصفر
***
هل مرَّ الصمت متسللاً
من هناك
وتكسَّر..
بعد أن زعقت خضرا
زعيق موتها الأطهر
هل مرَّ الموت من هناك
قبل ان يصرخ حميد
يا ليتني رجعتُ الى بيتنا
من طريقه الأقصر
***
إحكيلي..
بعد أن قُتلوا..
هل احمرَّت وجناتهم
هل تبسَّمت شفاههم
هل سُبلت أجفانهم
هل صرخت عيونهم:
كيف مرَّ السفّاح من هنا
راكباً غول الموت
وسرق حلمنا وأدبر
****
إحكيلي...
قصه غيابهم..
هنا كتبوا قصة الموت
على صحائف الحياة
هنا زعقوا بهم
إما ممات وإما ممات
***
هنا فارقَ الموتُ الحياة
وهنا فارقت الحياة الممات
واغتالت الدموع الآهات
هنا كان الطغاة
هنا كان الجناة
صلبوهم
حفاة عراة
ورقصوا على ضوء
أوسمة العسكر
***
إحكيلي..
"من سيكفِّنهم"؟
صاحت أم الوليد..
التراب كَفَنَهم..
صاحت أم المجيد
لينبتوا زعتر!
صاح: سعيد من بعيد..
***
من سيصلِّي عليهم!؟
صاحت أم المجيد
براعم اللوز
بياضها هو الأطهر
صاح سعيد من بعيد..
***
من سيدفنهم التراب!؟
صاحت أم السعيد
هل يُدفن الشهيد!؟
سألت ام الوليد
يُزرع في التراب..
ليولد من جديد
سرّيس وعبهر
صاح سعيد من بعيد
***
هل نغنّى للشهيد!؟
سأل أبو مجيد
زفّوهم بالنشيد..
ردَّت أم المجيد
الأرض عروس ثكلى
تحبُّ التغريد..
صاحت أم الوليد
ان الشهيد يطرب للنشيد
صاح سعيد من بعيد
***
هل نبكيهم!؟
ان الدُّموع مطر يسقي
روح الشهيد
صاحت أم السعيد
قطرات ندى تبشِّر
بيوم وليد
تسقي الزعتر
فيولد من جديد
صاح سعيد من بعيد
***
إحكيلي..
من سيحكي حكايتهم
من سيكمل روايتهم!؟
الأرض..!
صاح سعيد من بعيد
ترويها بحروف
الزيتون الأخضر
(عرعرة)
إضافة تعقيب