news-details

مراقَبَة ظهور قمر الـحُب | مارون سامي عزّام

أيها القمر تُطِلّ علينا من فضائكَ الغامض، المليء بنجوم السّهر، لتشع علينا بنورها، أنت تبخل أن تمدّها بضوء أكثر إشعاعًا، خوفًا من انتشار لآلئها حولكَ. أنا مبهور كغيري من ثقبكَ الفضيّ، الذي يخترق السّماء عمدًا، من أجل أن تطل على البشر من عُلُوِّكَ، فحرمتهم من معرفة سركَ، تركتهم مندهشين، كاندهاشي من فتاة مدَدت بيني وبينها مسافة استلطاف طويلة لا يمكنني أن أطالها. 

جَعَلْتَني أسيرٌ في معسكر أحاديث السّمر عنك وعن هيمنتك على عقل تلك الفتاة، فيا ليتكَ تتجسس على تفكيرها لأجلي أيها القمر، حاول أن تسلِّط عليها عَظَمَة نورك، أريد معرفة باطن أحاسيسها، لتعكس لي إذا كان قنديل فِكرها مضيئًا بأفكار إيجابيّة عنّي، أم أنّها بدأت تنظر في أفق نصيبها، باتجاه عاشقٍ آخر، يقف أمام واجهة أحلامها.

تتغيَّر ملامح وجهها الجميلة بين الحين والآخر كوجه القمر، فتارة أراها على شكل هلال مثل رسم ابتسامتها، التي أنتظر رؤيتها في وضَحِ اشتياقي... تارةً أخرى أرى وجهها مكتملًا كالبدر، فيه ملامح النُّضج، تجعلها تتألَّق حضورًا، كتألق ضوء البدر، رغم أنّني لا أفضِّل إطلالتها القمرية، بل أفضّلها تَدخُل في مدار يومي، لأزداد لهفةً... ولكن أين هي من كل هذا؟!! 

قمر الحب، يراه العشّاق على أنه كوكب مُنير بأنوار الفرح، يتّخذونه مسارًا رومانسيًّا لتفكيرهم، كي يمنحهم راحةً ليليّة نفسيّة! ولكنّ جانبه المظلم يخبّئ الكثير من الحكايات المؤثّرة، لا يمكننا الوقوف على أرض واقعه، لانعدام حياة العشق الرّوتينيّة التي اعتدنا عليها، الشّيء الوحيد اللافت على قمر الحب، أننا فقدنا جاذبيّة الماضي، وحَلِّقنا فوق فجوات تجاربنا الفاشلة... فوق جبال القهر المقفرة.        

أيها القمر ما زالت النجوم ترتعش منكَ، لأنها بالفعل تخافكَ، لقدرتكَ على استرجاع ضوئكَ المستَمَد منكَ... فإن تلك الفتاة بدأ نورها يخفت... رَسَمَتْ حولي هالة سَهَر غريبة لم تُشِعّ عليّ هيامًا، بل سامرني السُّهاد، حاولت جفوني مراعاة نعاسي لأغفو قليلًا، لكنّ عينيّ أبت ذلك، بعد أن بدأت تظهر حالة خسوف قمرها في سماء آمالي... 

...بصراحة لقد توقَّعتُ حدوث هذا المنظر، وتحديدًا في هذه الليلة، لأنه بالفعل انتابني إحساس تراكَمَ منذ فترة على درب ظنوني، لأنّي شعرتُ أنّها دائمًا كانت تحاول إبعادي عن محيط اهتمامها، وراحت تختفي رويدًا رويدًا كالخائفة، ليكتمل خسوفها وراء شمس حبٍّ آخر، هكذا أحرَقَت بيديها أوراق وفائي، صدقي وسذاجتي، فهل ساعتئذٍ ستولول من أوجاع البعاد؟!

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب