news-details

نظرات تحت رماد الغُموض | مارُون سامي عزّام

 

أنا مُلاحق سِرِّيًّا من قِبَل فتاةٍ وضعتني تحت أنظار رقابتها غير المعقولة، لأنها تركت كدماتها على درب عفويّتي، هناك عطل ما في جهاز نظراتها يتحكَّم بميناء عينيها الذي يستوعب كميات هائلة من بضائع إغراءاتها التي أحضَرَتها من مخزن تفكيرها الفاسد، مع أنّي رفضت أن أسوّقها لنفسي، لأن صلاحيّتها انتهت منذ اللحظة الأولى، وهي إلى الآن تحاول سلب انتباهي.

كفاها بلطجةً بعينَيها، لأن تحركات نظراتها الفاحصة وغير الطبيعيّة لشكلي غير معقولة، تثير شبهات المارَّة ضدّي، ربّما هناك شيء ما جعلها تفغر فاه دهشتها... صوّبت نحوي مُسدّس جرأتها، لتثقُب برصاص مفاتنها دولاب لامبالاتي الذي يدُور برأسي، معتقدة أنها تستطيع اختراق جدار شخصيّتي، لا تعلَم أنه حصين ضد أي سلاحٍ أنثويّ!!

بيني وبينها غُربة معرفيَّة، غريبة عن كياني، منفصلة عن جذوري... لا أستطيع تقَبُّلها. آثار ازدحام نظراتها على درب سذاجتي، غطّت حدود الأدب، ممّا تستدعي تدخُّل حرَس الأخلاقيّات حالًا ليسائلوها مساءلة شاملةً عن تصرّفاتها المركّبة، خاصّةً عندما أسلُك يوميًّا الدرب الاعتياديّة، رغم أنّه لم تعترضني يومًا نظرات وقِحَة، مفتَعَلَة كهذه.

أمثالها من الفتيات مجنّدات فقط لخلق بلبلة بين الشّبان، عقلية هذه الفتاة بهلوانيّة، غير ثابتة، تقفز من مبدأ لآخر "بخفّة أيديولوجيّة" غير مسبوقة! بل تقضي معظم وقتها مع أمثالها في سينما الفيسبوك، تشاهد فيلمًا "اجتماعيًّا إيمائيًّا"، يحاكي مشاعر البشر بجُمَل تعبيريّة منافقة، تلائم نفاقها الذي "تُنفِقَه ببذخ" على نظراتها!!

طَبَعَتْ صورتي على مرآتها الخاصّة... خبأتني داخل عينيها السّوداوَين... لفَّتني بعتمة رهْبَتها خوفًا من زوال قشعريرة استلطافها! فإن نظراتها الغامضة تحكي حكاية فتاة معلَّقة على حبال المصير المتحرِّكَة، غير قادرة أن تُثَبِّتها على جدار واقعها، تجهل التَّذَوُّق الشخصي بعد أن أدْمَنَتْ على تعاطي الأمور السلبيَّة، نافية كل ما تقوم به.        

أقنعَت نفسها أنها وضعتني على أول سلّم عشقها المُخَلَّع، وبكل تأكيد سيهوي بها على عتبة تهيؤاتها عندما أفضحها... لكثرة استغرابي، تجمَّعَت حولي بقعة من التساؤلات، جَعَلْتها تطال شكل هذه العلاقة غير الآدميَّة، لأبعدها نهائيًّا عن مرماي... ولا أريدها أن تتقَرُّب مني، لأنها ناقلة لعدوى قلَّة الحظ، وهذا آخر ما أتمناه!!

أدركتُ حجم مراوغتها، لأن حواسها تخدّرت ضد أي شيء عقلاني، تعيش في حِمَى هلوساتها اليوميّة، ولا تستحق أن أتابع درب نظراتها المتعرّج... ما يجري خلْفَ كواليس حقيقتها، لا أحد يعرفه، رغم ما تُسبِّبه من إزعاجات غير لائقة... رغم كل ما سبَّبته من مضايقات مسَّت الآداب العامّة، إلّا أنها ترفض أن تزيح ستار نواياها عن مسرحيَّة نظراتها الأكثر إقبالًا جماهيريَّا.

اعتَبَرتُ نظراتها حملة دعائيّة لتلهيني عن رؤية حقيقتها... تروّج لنفسها على أن نظراتها عادية، لا تتعمّد أن تطوِّقَني بطوق لهفتها... أمّا أنا فكان استنتاجي، أنها أحبَّت استعراضي على مسار غموضها، وكأنّي جسم فضائيٌّ غريب هبط على الأرض لأجلها. تلك الفتاة حقًّا مسكينة، تستميت لحب المساكنة بأي ثمن، تريد التَّستُّر على ماضيها المشوَّش بخلق أحداث عرضيّة، لتداري على فشلها،  لكنّي تفاديتها، وبقيتُ وفيًّا لمبادئي، واضعًا نظراتها تحت رماد الغموض!

  

 

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب