عشيّة عيد ميلادي، راودني كابوس مخيف؛ إذ ظهر لي حبيبي، أرعبتني نبرة صوته المريبة، التي حذّرتني من محاولة التلاعب به... في تلك اللحظات بدأت فقاعات الذّهول تتفرقع على وجهي، فمسحتها حالًا، لكنّها لم تزُل، فقلتُ: "يا إلهي ما هذا؟!". قبل ذهابي إلى النّوم، دخلتُ الحمّام وغسَلتُ وجهي للمرّة الثّانية، على أمل أن يزول أثر الفقاعات، لكن عبثًا!!
قبل أن أطفئ ليلة غد قنديلًا آخر من قناديل عمري، ما زال هدير صوته، كصوت كرة جليديّة تتدحرج من أعالي الجبال، لأنه في حال لم أمهِّد لأهلي درب علاقتي به، ليعرفوا وجهة خياري، سيكون حبّي له مثل كرة جليديّة كبيرة، تكبر يومًا بعد يوم، قد ترتطم بسد رفضهم له فتتفتّت، وبصراحة أكثر، لا أدري ماذا سيكون ردّ فعلهم؟! داس الزّمن بشدّة على دوّاسة تردّدي، تعَطَّلَت آلة تفكيري، ولم تسِر قاطرة هذه العلاقة على سكّة الأمان.
بقيتُ مرتعبة طوال الليل من كابوسه، ولم أغادر غرفتي إلّا صباحًا. أريد أن أذكّر حبيبي بالأضرار التي أَحدَثَها. أنسيها؟ أم يرفُض مُسبقًا تصديق ما سأقوله له؟! أريده أن ينظُر كيف حطَّم جزءًا من قواعد تركيزي؟!... كيف كَسَر إطار صورتنا معًا التي كانت مطبوعةً على صفحات عمري؟!! فهل أدرك حجم أضرار كابوسه الليلة الماضية؟!! لأنه أصاب تفكيري السّليم في الصّميم.
لأوّل مرّة يكُون حبّي شديد البرودة. أيُمكن أن يبقى باردًا هكذا؟! دون أن أعلَم مصير علاقتي معه. بعد تلك الليلة المفزعة، شعرتُ أن أهلي بدأوا يراقبونني بمرصاد صبرهم، يرصدون تصرُّفاتي لحظةً بلحظة، يحاولون إخراج مذكِّرة موقفي المبدئيّ من الشّخص المتقدِّم لي. تملّكَتني الجرأة، وأخبرتهم أنّي على علاقة بآخر، وصرَّحت أمامهم رفضي للشّخص الذي تقدّم لهم، طالبًا التعارُّف إليّ، عن طريق مركز إدارتهم المنزليّة التقليديّة، مع أني أتحفّظ جدًّا من هذا النّهج الاجتماعي الذي يفرض على الفتاة أن تكون منزوعة الرّأي، خاضعة لإملاءات أهلها!!
ضَرَبَ ماس كهربائي ردود فِعل أهلي، استشاط غضبهم، كأنّي أيقظتُ دبًّا أبيضَ من سباته الشتوي. علمتُ أنّي فتحتُ على نفسي جبهة عذاب أخرى غير عذابي بحبِّه... استصعبتُ الدّفاع عنه في غيابه، ارتبكتُ كثيرًا، ولكن رغم كل ما حصل... بقيتُ متشبّثة بموقفي أمامهم، دون أن أُسقِط حقي الشّرعي بأن أحبّ من أشاء، وبأن يكون اختيار نصيبي، خيارًا شخصيًّا لي.
حاول أهلي إلقاء حبّي له في بئر الضّياع، ليبعدوني عنه بأيّة وسيلة. لكنّني عارضتهم، أُقسمُ بأنّه لا بديل عنه، لو كان هناكَ بديلٌ آخر. أنا متأكّدة أن هذه محاولة كاسدة من أهلي، وبرمجة شخصيّة منهم، كي يُرغِّبوني بالزّواج... كي يستنفروا مشاعري، اعتقدوا أنّي راكدة عشقيًّا... باردة حسيًّا، فليته يسرِع، ليزورهم، مقدِّمًا لهُم مرسوم حبّه الرّسمي.
تشتّتت فعاليّات يومي، بين محاولتي الهبوط على أرض واقعي وبين التّفكير بتفسير هذا الكابوس. فهل سيتوقّف حبّنا عن الخفقان يومًا ما، بعد أن تكاثرت كريات حبّي؟! هل سيتحقّق كابوس تلك الليلة؟! كم أخاف على حبّي له من التَّهلكة.
إضافة تعقيب