مع كتاب تواقيع على الرمل للدكتور حاتم عيد خوري
الدكتور حاتم عيد خوري ابن فسوطة القريبة من الحدود اللبنانية هو خريج جامعة لندن في مجال التربية والتعليم حيث قضى طوال ثلاثين عاما في التعليم في الكلية العربية للتربية أي دار المعلمين العرب في حيفا وفي جامعة اورانيم ومفتشا قطريا في وزارة المعارف والثقافة الى أن خرج الى التقاعد. كذلك شغل منصب نائب مدير بلدية حيفا لمدة عشر سنوات وخرج الى التقاعد عام 2003 وهو متفرغ للنشاطات الاجتماعية التطوعية وحاصل على لقب عزيز بلدية حيفا وحامل وسام بول هاريس من نادي الروتاري.
نشر الدكتور حاتم العديد من الكتب التعليمية والأبحاث والمقالات العلمية والاجتماعية وساهم في انشاء جمعية أبناء أبرشية الجليل ورابطة الأصدقاء العرب لصندوق حيفا وصندوق المنح التعليمية لتعزيز الدراسة فوق الثانوية وجمعية مسرح الميدان والمركز العربي للنهوض بالتعلم، واللجنة التربوية للمدارس الأسقفية الجليل وجمعية أصدقاء القلب المقدس وغيرها.
فماذا مع كتاب تواقيع على الرمل؟ عنوان هذا الكتاب لا يشي بما في داخله مع أن المتمعن في معنى هذا العنوان سيلاحظ أن ما جاء فيه ليس سوى محاولة لكتابة أمور لم تتحقق كما أن الكتابة أو التوقيع على الرمال ستزول مع أول هبة ريح أو مع أول زخة مطر. والقارئ لفحواه سوف يتوصل الى استنتاج أن محاولات الدكتور حاتم خوري لاصلاح ما يجب اصلاحه في الأبرشية الكاثوليكية سوف يكون كمن يوقع على الرمال لأن آذان الاساقفة / المطارنة الذين يجب أن يهتموا لما يقوله مغلقة ولا يريدون الاستماع الى أي نقد بناء وهم يتصرفون بأموال وممتلكات الطائفة كما يحلو لهم ويبذرون الأموال، بغير حساب وبدون أن تكون هناك رقابة حقيقية لصرف هذه الأموال حتى أن المطرانية التي يتحدث عنها وهي مطرانية حيفا وسائر الجليل مدينة بملايين الشواقل ولا أحد يدري لماذا هذه الديون وكيف تصرف الأموال واين الرقابة الحقيقية ولماذا يسكت أصحاب الحق عن ملاحقة من يبذر أموال الطائفة بغير حساب ولا رقيب.
ما يعلمه صاحبنا الدكتور حاتم خوري هو محاولاته لاقامة هيئة واعية تتكون من بعض الشخصيات القيادية في الطائفة الكاثوليكية اطلق عليها اسم "جمعية ابناء ابرشية الجليل" وحكايتها مع الرئاسة الكنسية مستندا على الكثير من الوثائق الرسمية والبيانات البطريركية والاسقفية أي المطرانية من اجل دعم ادعاءاته واثبات صحتها، يدعمه في ذلك جمهور محترم من اصحاب الفكر والشخصيات التي يهمها هذا الموضوع ومن اجل البحث عن طرق سليمة لا التواء فيها لدعم العمل الكنسي ودعم الطلاب من ابناء الابرشية في دراساتهم العليا.
ولكن الى جانب اضاعة الممتلكات والاموال كانت هناك مشكلة كبيرة قضّت مضجع دكتورنا وهي هجرة المسيحيين من ابناء الابرشية الى الخارج وما يترتب عليها من ضياع الكيان الفلسطيني على ارض فلسطين. وهو في هذا المجال يبدو كمحارب صُلب لا يلين امام المسؤولين الكبار في الطائفة يتحدى هذا وذاك من اجل الحفاظ على الكيان الفلسطيني اولا ثم على الكيان الكنسي ثانية ومن ثم على شباب الابرشية ودعمهم في دراساتهم العليا ثالثا.
لم يكن نجاح الدكتور حاتم متوقعا لولا انه جمع حول جهوده جهود بعض رجالات المجتمع من محامين ورجال اكاديمية وشخصيات مرموقة دعمت جهوده ولاحقت نشاطاته، فرسخت جذور هذا العمل باقامة جمعية ابناء ابرشية الجليل وعناد هذه الجمعية وصمودها امام التحديات الصعبة من اجل افشال محاولات بيع وتأجير ممتلكات الابرشية من قبل بعض المطارنة كتلك التي كانت ستتمدد لتصل لمدة الف عام ! والتأجير لمدة الف عام اخرى أي حتى عام 3019 : وذلك معناه فقدان السيطرة على الممتلكات بحجة ان الابرشية تعاني من الديون الباهظة والفوائد التي تجبيها البنوك وبغير رادع!
لن احدثكم عن العمل الدؤوب والمتواصل الذي بذله صديقنا الوطني المخلص لانني سأترك الامر له كي يحدثنا بما لديه حول الموضوع، وكشف مجموعة الوثائق المتعلقة بهذه القضية المشينة بحق الابرشية وحق الانسان المسيحي والوطني في هذه البلاد.
هذا وقد حدد بعد البحث والتدقيق أسباب هجرة الشباب المسيحيين الى الخارج في النقاط التالية وهي:
أ. ان هجرة العرب المسيحيين الى الخارج بدأت منذ مطلع سنوات الخمسين من القرن الماضي أي بعد قيام دولة اسرائيل وما زالت مستمرة حتى اليوم.
ب. ان 28% من عرب حيفا المسيحيين يفكرون بالهجرة – 16% منهم أكدوا أنهم سيهاجرون – بينما 12% قالوا سنحاول أو ربما سنهاجر!
ج. من بين العرب المسيحيين الذين يفكرون بالهجرة وجد:
1. أن نسبة الشباب الجامعيين أعلى من نسبة غير الجامعيين.
2. نسبة العازبين – أي غير المتزوجين أعلى من نسبة المتزوجين.
3. نسبة الشباب من سن 20 – 30 بشكل عام أعلى من باقي الشرائح.
4. نسبة الساكنين في دور مستأجرة أعلى من نسبة مالكي الدور.
د. الشباب العرب المسيحيون الذين هاجروا من أجل الدراسات العليا لم يعد منهم خلال أربعين عاما سوى 14% فقط.
من هذه الاحصائية خرج الدكتور حاتم بتوصيات لمنع الهجرة والتصدي لها تتلخص فيما يلي:
توصي الدراسة ببناء جامعة عربية في مدينة الناصرة.
توصي بتأسيس صندوق لمساعدة الطلاب الجامعيين.
توصي بأهمية الاتصال برؤساء الكنيسة خاصة المطران سلوم الا أن رده في حينه كان سلبيا حيث قال : ان مثل هذه التطلعات التي نتحدث عنها هي أحلام تعجز عنها دولة بأكملها ! والكنيسة ليست دولة.
توصي بالاتصال بمجموعة من الأصدقاء الواعدين ودعوتهم الى اجتماع تشاوري وقد حصل ذلك الاجتماع، وتم اتخاذ القرارات التالية أ. يجب تحديد الهدف الذي نسعى اليه كي يكون سبيل العمل واضحا للجميع.
ب. بناء آلية خاصة للعمل.
ج. اقامة جمعية ابناء أبرشية الجليل التي تدور أحداث هذا الكتاب حول نشاطاتها ونجاحاتها.
المهم هنا أن نذكر أن الدكتور حاتم خوري هو انسان ذو رؤية مستقبلية جريئة وواضحة ولا يثنيه عن عزمه في العمل أي من الموانع والعراقيل التي قد تواجهه.
ومع أنه كانسان كان ولا يزال يتصدى لكل فكر هدام الا انه يصرّ دائما وأبدا على القيام بالمهمات التي تدعم النضال الوطني وبكل اخلاص، مجندا معه العديد من الشخصيات الوطنية التي أبدت ولا تزال تبدي استعدادها للعمل القانوني والمثمر بالرغم من مختلف العراقيل والصعوبات.
ولذلك فاننا نعتبره قائدا ومنظّرا أي صاحب فكر واع وصاحب نظرية سليمة في الدفاع عن العرب المسيحيين، ولذلك أيضا فهو يعتبر واحدا من الوطنيين الشرفاء ونحن من أجل ذلك نشدّ على يديه الاثنتين ونعلن تضامننا معه على أمل تحقيق الأهداف الوطنية التي يصبو اليها مجتمعنا. أيها الصديق الدكتور حاتم عيد خوري لك الحياة!
(كفرياسيف)
إضافة تعقيب