news-details

وتَمرَّدَتْ على قلبه!.. | مارون سامي عزّام

 

 

التقى صديقي بفتاة على شرفة لقاء فسيحة، أطلَّت عليها شمسُ الصّدفة، لقد عكست مرآة عينَيها عليه مدى إعجابها بشقاوة حديثه الذي يقفز برشاقة مُتناهية على حِبال المرح، العفويَّة والجدية، متماشية معه، ولم تشعر بالملل أو بالانزعاج منه، لأنه إنسان بسيط لا يحب أسلوب التَّكَلُّف تجاه الآخر، بل سجيَّته هي صورته الشفافة. 

تميَّز صديقي بخِفَّةَ دمه المرتسمةَ على وجهه الطفوليّ... فتوهَّج بنور الفرح، لأنه وجد خلال هذه الصدفة القدريَّة فتاة عمره التي طالما سعى ليجدها، مُعتقدًا لسذاجته أنّها بالفعل جديرة به، تستحق جائزة الوفاء التي قدّمها لها، ففاجأها تصرُّفه، لم يَعلَم أنَّها اتَّخَذته كأرجوحة لهو مؤقتة، كي تسدِّ نَهَم جوعها للتّعرُّف المؤقّت على هذه النوعيّة النّادرة مِنَ الشبّان المميَّزين.

لم تمضِ فترة طويلة على بزوغ شمس هذا التعارف، حتّى وَجَدَ صديقي الزمن، ذلك السّاحر الغريب يغيِّر خريطة حظوظه دون عِلمه، تلاعب بمواقع نفوذ شخصيَّته المعروفة لتلك الفتاة، حتّى هزَّتها عدم ثقتها به، فأهمَلَت علاقةُ حبٍّ مبدئية، قد أوشكت على تبييض شكلها الأخير، مع أنها كانت سريعة وفوريَّة، لكنها بدون ضمانات، ولم تُرِدْ لها تلك الفتاة الاستمرار!! 

وَجَدَ صديقي قلبَه مُتَّكِئًا على وسادة حبٍّ خالية الجوهر، لأنّها لم تقدِّرْ ثمن براءة مشاعره، بل تمرَّدَت عليه، انتزعَت أُمنِيته الوحيدة بقسوة من تحت بساط تفانيه... لم يستسلمْ لقرارها أبدًا، فسافرَ وقلبه بعيدًا، لربّما تخفِّف قليلًا مِن تأثير صدمة تلك الفتاة عليه، لدرجة أنه فكَّر أن يتحالف مع النِّسيان، إلّا أنه تراجع عن هذا الحلف المؤذي لذاكرته. سار على رصيف الذكريات لوحده، يفكِّر بكيفيَّة استرجاعها إلى حضن الأمل، ربّما عند عودته من رحلة استشفائه، تكون قد هدأت وشُفيَت مِن دُوار عجرفتها... 

...عاد وصعَقَه تمادي كبريائها بسبب عقلها العاقّ، مضحِّية به بسهولة، كأنه كان بقعة إعجاب شاذّة، لا بُدّ أن تزيلها حالًا، كما لفَّت باستعجال وبشكلٍ طارئٍ شريط رفضها حول مِعصَم فَهمها الضَيِّق!، لذلك هذا الأمر حَدّ مِن توجيه تفكيرها بالاتِّجاه السليم، وحاول أن يُفْهِمَها الخطأ الذي ارتكبه تفكيرها، فلم تتداركه سريعًا، إلى أن تمادى عليه تمرُّدها غير المعقول!!

لقد داست قلبًا أحبَّها حبًّا صادقًا، لذا لا تظنّ أنّها قادرة اليوم أن تُلقي بثقلِ جمالها على صديقي، ليخِرَّ أمامَها مِن جديد، مُستجدِيًا منها قليلًا مِنَ الاهتمام، هذا لن يحصل أبدًا... فإنها لم تقهر قلبه فحسْب! إنما نحرتْ نعمة عيشٍ لم تحلم بها بخنجر لؤمها. التمرُّد الذي افتعلَتْه سيُبقيها مُستلقيةً على سرير أحلامها المُخلَّع، نتيجة تحرك عصيانها باتجاه مقاومة حراك الشُّبّان البسطاء، الذين بدأوا يحيدون عن فتيات معايير عشقهنَّ متغيِّرة، غير ثابتة، فانضمَّ صديقي إليهم بعد تمرُّد "التي أحبّها" على قلبه...

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب