news-details

احبولة يائسة

السبب الاساس الذي يجعل نتنياهو يجتهد لجر غانتس الى المشاركة في حمل النقالة بسيط: ان يكون له من يلقي عليه الملف. ان يكون له من يتشارك معه المسؤولية عن تقصير وزارة وجهاز الصحة

 "هذه ليست احبولة" استجدى بنيامين نتنياهو، "هذا حقيقي... هذه ازمة الانسانية... انتم ملزمون بان تفهموا هذا"، وحاول بكل قوته (الهائلة) اقناع المشاهدين بأصالة استجداءاته لبيني غانتس لان يلقي من الكرة الطائرة لكحول لفان "الفائض" (يائير لبيد) وان يسارع الى "المشاركة في حمل النقالة" كي ينقذ الشعب. 

فهل يحتمل أن يكون قصد غانتس اياه الذي نتنياهو نفسه، قبل بضع لحظات فقط، جعله منحرف جنسيا، متلعثم، انهزامي، عميل لحماس، مختل عقليا، مشارك في احتفالات الذكرى للمخربين، متردد وعديم الوسيلة؟ نعم، هذا هو غانتس ذاته بالضبط. ولكن نتنياهو يحتاجه الان. إذن الان حان الوقت لان يحرض بكل القوة، بصوت عال وبلا خجل، غانتس على لبيد. فهذا ما يجيده دوما. 

وبالمناسبة، هذه بالفعل احبولة. ليس لان الوضع ليس حالة طوارئ. نحن في حالة طوارئ حقيقية، ولكنها ليست حالة تستوجب حكومة وحدة وطنية بين ليلة وضحاها. نحن لسنا عشية الايام الستة، لسنا في منتصف يوم الغفران، نحن لا نتردد قبل اعلان الدولة. لا حاجة لان نطلق الان ثلاث فرق من الجيش الاسرائيلي الى داخل لبنان، نجند الاحتياط او نهاجم الضاحية. نحن بحاجة لان نكافح الوباء. معظم العمل ملقى على كاهل المهنيين. الاقسام المحلية. 

نعم، فحوصات لا فحوصات. لا شيء اكثر من ذلك. المعارضة لا تعرقل. كحول لفان لا يغرد او يشكك بقرارات الحكومة. وحتى الجدال حول الوسائل الرقمية لم تعرقلها حقا. الحكومة الانتقالية (الثالثة على التوالي) لنتنياهو تتمتع بحرية عمل تامة في كل ما يتعلق بالحرب ضد الكورونا. لا احد (باستثناء الاعلام، الذي هذا هو دوره) لا يزعجها في اتخاذ القرارات. 

والسبب الاساس الذي يجعل نتنياهو يجتهد لجر غانتس الى المشاركة في حمل النقالة بسيط: ان يكون له من يلقي عليه الملف. ان يكون له من يتشارك معه المسؤولية عن تقصير وزارة وجهاز الصحة. ألا يبقى وحيدا في القيادة مكشوفا امام الانتقاد الذي سيأتي في وقت ما (اذا لم يسيطر على ما تبقى من حرية التعبير حتى ذلك الوقت). 

"أنها محكمة التاريخ هي التي ستحاكمنا"، حذر نتنياهو امس في القناة 13. هو محق، ومخطئ. انا بالفعل محكمة التاريخ، ولكنها ستحاكمه. ولن تحاكم غانتس. كل هذا يحصل في ورديته. الجهاز الصحي تعفن عنده. ليتسمان كان نتنياهو هو من عينه. واطقم الفحص لم تشتريها حكومته. 

الخلاف في كحول لفان عميق بالفعل. المعضلة هائلة. القوى منقسمة، مثلما وصف هنا كثيرا، الى مجموعتين. لبيد ويعلون غير مستعدين للجلوس تحت نتنياهو، نقطة. اشكنازي مستعد، في ظروف معينة، لان برأيه الخيارات الاخرى اسوأ. غانتس كان اقرب الى اشكنازي وهو الذي أدار المفاوضات مع نتنياهو (من خلال وسطاء). 

في نهاية الاسبوع الحالي سار غانتس خطوة واحدة باتجاه لبيد. لا شيء متفق عليه تماما، كل شيء قيد الحال، والقرارات تتخذ في الحركة. من جهة اخرى احساس الفزع والالحاح الهستيري الذي حاول نتنياهو امس ان يضفيه على الساحة السياسية (خلافا لاحساس الطوارئ حيال المواطنين، والذي هو محق) يعود اصله الى دوافع سياسية صرفة. 

هذا بسيط: نتنياهو يريد أن يمنع كحول لفان من أن ينتخب رئيسا جديدا للكنيست في بداية الاسبوع (هذا ليس "اسقاطا" لادلشتاين بل اجراء ثابت بعد الانتخابات) ويريد جدا ان يمنع تشكيل اللجان وتحريك اجراء التشريع، الذي في داخله ايضا بضعة قوانين يفترض بها أن تنهي حياته السياسية. هذه هي القصة كلها. اما لبيد، وليس فقط هو، فيعتقد انه لا ينبغي اعطاء نتنياهو هذه الهدية. 

ينبغي انتخاب رئيس جديد للكنيست، ينبغي تشكيل اللجان، ينبغي العمل على مشروع قانون ليبرمان وربما تعديله بحيث يبدأ فقط من الكنيست التالية، كي ينجح في اختبار المحكمة العليا. بعد ان يحصل كل هذا سيكون ما يكفي من الوقت لتشكيل حكومة وحدة. 

سيأتي نتنياهو الى طاولة المفاوضات وهو اضعف، ومن يدري، فلعله يتفضل اخيرا في التنازل عن حقيبة القضاء. كيف يرد نتنياهو؟ بانذار: اذا غيرتم يولي ادلشتاين ستتفجر المفاوضات للوحدة. لبيد لا يعتقد أنه يجب اخذ هذا الانذار محمل الجد. وهنا ينبغي أن تضاف ملاحظة: مئير كوهين، رئيس الكنيست المرشح، هو رجل لبيد. اذا بقي لبيد خارج الوحدة، فسيكون له على الاقل رئيس كنيست، وهذا أمر ليس سيئا.

بنيامين نتنياهو لا يحسد هذه الايام. فالضغط على كتفيه غير مسبوق. مشروع حياته يغرق في حياة عظيمة. وهذا قبل أن نتحدث عن المحكمة وعما يجري في داخل البيت. من جهة اخرى، لا يمكن أن نحسد بيني غانتس. لو كان يعرف ما ينتظره، لما كان مؤكدا انه سيقفز الى المياه السياسية قبل سنة ونصف. 

وفي اثناء السبت ايضا تم تبادل الرسائل بينه وبين نتنياهو بشكل غير مباشر. محيط نتنياهو يبث اليأس. فهو يريد أن ينهي على نحو جميل، يريد وحدة. يريد شراكة حقيقية. وزير قضاء؟ لا مشكلة. نجلس معا ونصل الى مرشح متفق عليه. تعال مع عدد النواب الذين تريدهم، وستحصل على حكومة متساوية تماما. من جهة اخرى لديه كحول لفان. 

حزب قام من مكان ما ونجح في صد نتنياهو ثلاث مرات على التوالي. وهو يتمزق بين اشكنازي ولبيد، بين القلب والعقل، بين اغلب مصوتيه الذين يطالبونه بتغيير نتنياهو وعدم التراجع، واغلبية الاسرائيليين الذين يريدون ان تقوم حكومة وحدة، مهما كلف الامر.

الاسبوع المقبل هو احد الاسابيع الاكثر حسما التي شهدناها. اذا سار غانتس نحو تغيير رئيس الكنيست يوم الاثنين، سنعرف بانه جدير ولديه صبر. واذا لا؟ فعندها لن نعرف شيئا.

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب