news-details

اسرائيل والغاز: الاستراتيجية اختفت في البحر

مشكوك أن يكون جرى بحث واحد شامل في مسألة الغاز تضمن كل المتغيرات، الاقتصادية، الامنية، البيئية والإدارية، وفحصت كلها بالتوازي

لمكتشفات الغاز في البحر امكانية كامنة لإحداث تغيير دراماتيكي في وضع دولة اسرائيل، ولكن ذلك شريطة أن نعرف كيف ننسق كما ينبغي الاعمال في أربعة مجالات: الاقتصادي، الاداري، السياسي والامني. الى جانب القدرات السليمة فإننا نواصل ايضا الوقوع في الخطأ.

الخطأ البارز الاول يتعلق بالاتفاق الاول مع مالكي حقل "تمار". فقد تمتع "تمار" بالفعل بميزة الاحتكار، ولكن كان بوسع الدولة أن تعرض امامه مشترٍ وحيد. في هذا الوضع كان يمكن للدولة أن تخضع الاحتكار من حيث سعر الغاز، وذلك لانه ما كان للاحتكار خيار غير بيعه لزبون واحد – دولة اسرائيل، بينما كان يمكن للدولة أن تواصل شراء وقود اخرى (المازوت) الى أن يتنازل الاحتكار لانعدام البديل.

بدلا من ذلك اتخذ قرار رهيب بموجبه تخرج الدولة من اللعبة المستهلكين المختلفين – شركة الكهرباء، المحطات الخاصة والصناعات الكبرى، للتنافس الواحد مع الاخر امام الاحتكار. النتيجة معروفة – سعر غاز أعلى بكثير مما كان يمكن الحصول عليه.

مخطط الغاز، الذي وضعه بشجاعة في 2016 الوزير شتاينتس، أصلح جزئيا ما كان ممكنا اصلاحه، ولكن ينشأ السؤال لماذا لم يبدأ هذا المخطط، الذي يخلق منافسة، قبل خمس سنوات من ذلك حين اكتشف "لافيتان". كم خسرنا لانعدام الفعل؟ كيف حصل ان الحكومة لم تقرر في المخطط للغاز قبل خمس سنوات من ذلك؟

قبل بضع سنوات تقرر ان مكتشفات الغاز تستوجب شراء أربع سفن جديدة لحماية المياه الاقتصادية. وفضلا عن كثرة علامات الاستفهام حول اختيار الشركة الفائزة – تسنكروف – انكشف هنا انعدام التنسيق بين الوزارات الحكومية.

ثمة طريقتان لجلب الغاز من منطقة التنقيب الى الشاطئ. في الطريقة الاولى تنصب طوافة فوق منطقة التنقيب، وفي هذه الطوافة يحول الغاز "الخام" الى غاز نقي ينقل في انبوب من الشاطئ، وهناك فقط تتم تصفيته.

عندما تقرر شراء السفن، وهي الصفقة التي تكلف مليارات، كان افتراض بان كل الطوافات ستكون على مسافة عشرات الكيلومترات عن الشاطئ (الطريقة الاولى)، وها هو قد تبين بان مالكي لافيتان اختاروا الطريقة الثانية، طوافة على مسافة 9.7 كيلو متر عن الشاطئ، بينما مالكي حقل "كريش" قرروا الاخذ بالطريقة الاولى، طوافة على مسافة نحو 90 كيلو متر عن الشاطئ.

والنتيجة هي خسارة للجميع. نحن نشتري أربع سفن باهظة الثمن كي نحمي حقل صغير ("كريش" – نحو عشر لافيتان) وبالتوازي من شأننا ان نخلق مشكلة بيئية – صحية عقب الطريقة التي اختاره حقل لافيتان. ويوجد التحدي البيئي الان في قلب دراما يتم استيضاحها في محكمة العدل العليا. كان صحيحا على ما يبدو عمل واحد من اثنين: إما إلزام "كريش" بالعمل مثل لافيتان وعندها لا تكون حاجة للسفن الاربعة، او لإجبار لافيتان على العمل مثل كريش والامتناع عن وجود طوافة كبرى على هذا القرب الشديد من الشاطئ.

مشكوك أن يكون جرى بحث واحد شامل تضمن كل المتغيرات – الاقتصادية، الامنية، البيئية والادارية – وفحصت كلها بالتوازي.

مسألة اخرى تثور فيها الاسئلة بالنسبة للتخطيط الاستراتيجي هي القرار بالسماح لحقلي تمار ولافيتان ببيع الغاز لمصر. القرار صحيح، ولكن مع تحفظ. في 2011 توقفت مصر من طرف واحد عن توريد الغاز لإسرائيل. ورفعت شركة الكهرباء الاسرائيلية دعوى على الحكومة المصرية (وعلى شركة الغاز المصرية) على خرق العقد وفازت في التحكيم الدولي بمبلغ قرابة 2 مليار دولار (اعتراض، كنت شاهدا خبيرا عن شركة الكهرباء في هذا الحدث).

لا تسارع مصر الى دفع الدين وتوافق على ان تدفع نحو ربعه فقط. وسواء اصحاب تمار ولافيتان أم مصر متحمسون لتنفيذ اتفاق توريد الغاز الجديد. كان يمكن لدولة اسرائيل وينبغي لها أن تقول للطرفين بان اصدار الاذن للتصدير مشروط بالحصول على نسبة معينة من الدين، بعضه يدفعه المصريون وبعضه شركتا الغاز. ولكن الامر على ما يبدو لم يحصل.

توجد مسألتان اخريان تتعلقان باتخاذ القرارات الاستراتيجية بالنسبة للبحر وكنوزه لا مجال لتفصيلهما، مثل الحاجة العليا لترتيب الحدود البحرية بين اسرائيل ولبنان، الاستخدام المحتمل لتوريد الغاز الى الاردن لترميم العلاقات المتضعضعة، والحاجة للتصدي لتركيا التي تريد هي ايضا ان تضع يدها على النجاح البحري. الواضح هو أنه حتى عندما كانت هناك حكومة "عادية" فإنها لم تستخلص الحد الاقصى من المنفعة من الغاز، فما بالك الان.

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب