*ساندرز في البيت الابيض ونتنياهو في رئاسة الوزراء وصفة موهومة لمواجهة تعرض مصالح اسرائيل القومية للخطر. بينما غانتس في اسرائيل وسواء ترامب أم ساندرز في أميركا لن يتسبب بأي مواجهة*
قبيل انتخابات 2016 للرئاسة الأميركية، فاجأ السناتور المستقل بارني ساندرز حين شكل تهديدا حقيقيا على سفارة هيلاري كلينتون في الحزب الديمقراطي. بعد أن اتصلت عليه، تعاون معها ودعمها. كان واضحا أن السياسي اليهودي الشائخ، الغريب بعض ما، الغاضب دوما، صاحب الصوت الثابت، المهمل في لباسه، المنحني والمسمي نفسه اشتراكي ديمقراطي في دولة يعد فيها هذا الاصطلاح اشبه بالشتيمة، لن يتنافس على الترشيح للمنصب الاهم في العالم.
عندما وقف ساندرز السنة الماضية مرة اخرى بين المرشحين الديمقراطيين الكثيرين، بدا هذا يشبه نكتة خاصة: اذا ما أدى اليمين القانونية للرئاسة في 20 تشرين الثاني 2021 ستنقصه فقط بضعة اشهر حتى يصل الى سن 80. وسيكون الرئيس الشيخ في التاريخ الأميركي. واذا اضفت الى هذا النوبة القلبية التي تعرض لها قبل بضعة اشهر، فانه يمكن القول ان هذا عناد زائد.
ولكن للواقع اعتباراته الخاصة. بايدن يفقد جزء من التأييد الكبير الذي كان له، ساندرز يصبح شعبيا ويواصل التمتع بتأييد الشباب حين تبدو لهم قابلة للتحقق وعوده للتأمين الصحي للجميع والتعليم العالي الذي لا يكلف مالا طائلا. المزيد فالمزيد من الديمقراطيين يعتقدون اليوم بأن من يجب أن يقف في وجه ترامب هو احد ما فظ، مجرب، شجاع وذو مواقف واضحة جدا في جملة واسعة من المواضيع.
يحاول معارضوه تشبيهه بجيرمي كوربين، زعيم حزب العمال البريطاني، ولكن حقيقة أنهما كلاهما يساريان – لا تكفي لغرض الحكم المشابه. ففي الموضوع اليهودي على الاقل لا يمكن اتهامه بـ "اللاسامية" حتى لو كان معارضة شديدا لحكومات اليمين في اسرائيل. فهو علماني فخور لا يحاول شطب يهوديته ولا حقيقة انه قبل بضع عشرات من السنين كان متطوعا في كيبوتس شاعر هعمكيم لعدة أشهر.
وهو يعرض تأييدا واضحا لحل الدولتين بروح مبادئ الرئيس كلينتون في كانون الاول 2000، ومعقول الافتراض بانه اذا فاز بالتمهيدية بالفعل، وتغلب لاحقا على دونالد ترامب فانه هذه ستكون سياسته. عن المؤتمر السنوي لايباك يقصي قدميه وذلك على ما يبدو لانه يرى فيه تنظيما ذا طابع يميني صرف.
رغم انتعاش ترامب في الاستطلاعات الاخيرة، فانتخابه المتجدد ليس مضمونا في جيبه. صحيح أن المعطيات الاقتصادية ايجابية، ولكن لا يزال الحديث يدور عن شخصية موضع خلاف في المجتمع الأميركي، وكثيرون لا يرغبون في أن يروه رئيسهم. أما انتخاب ساندز سواء في مؤتمر الديمقراطيين أم في الجمهور الغفير، فهو خيار ممكن.
واذا انتخاب نتنياهو لرئاسة الوزراء في اعقاب الانتخابات، واذا انتخب ساندرز في الولايات المتحدة، معقول الافتراض بان زيارة رئيس وزراء اسرائيل في جادة بنسلفانيا في 1600 ستكون على جدول الاعمال بعد وقت قصير من اداء الرئيس الأميركي الجديد اليمين القانونية. ليس صعبا وصف اللقاء بين ساندرز ونتنياهو، الذي القى بكل حماسته على ترامب.
الاحتمال المتزايد لانتخاب ساندرز يستوجب حظرا متزايدا مع حلول الانتخابات في اسرائيل. اذا انتخب نتنياهو وانتخب ترامب بعد بضعة اشهر منه، معقول الافتراض بان شهر العسل بين الزعيمين سيستمر. ولكن اذا انتخب نتنياهو في اذار بينما في تشرين الثاني انتخب ساندرز، فقد تقع مواجهة حقيقية بين الطرفين، مواجهة ستجعل تلك التي وقعت بين نتنياهو وبراك اوباما لعبة اطفال، في ظل تعريض المصالح الاسرائيلية القومية للخطر.
من هذه الناحية، فان انتخاب بيني غانتس لرئاسة الوزراء لن تتسبب في مواجهات مع ادارة ترامب (ورأينا حذر ترامب في قضية دعوة غانتس الى واشنطن كي يعرض عليه خطة القرن)، وبالتأكيد لن يتسبب بمواجهة اذا ما انتخب ساندرز. من يعتبرون "منتخبون عقلانيون"، سيتعين عليهم أن يأخذوا هذا بالحسبان.
إضافة تعقيب