news-details

الأزمة الاقتصادية لم تصل ذروتها

هآرتس- 28/10/2020

*رغم أننا في خضم ازمة لم نصل بعد الى ذروة انحدارها اقتصاديا واجتماعيا، فإن الموضوع الرئيسي هو نتنياهو، والرسائل تركز عليه وعلى الفساد*

المظاهرات في شارع بلفور أمام مقر اقامة رئيس الحكومة، وكذلك ايضا مظاهرات الجسور ومفترقات الطرق التي تطورت في الاسابيع الاخيرة في ارجاء البلاد كأمر اضطراري في اعقاب تقييدات الحكومة، لا تذوي، وهي تدل على الطاقة والدافعية العالية للمتظاهرين. ولكن ربما أن تركيزهم على بنيامين نتنياهو يجعلهم يصطدمون مع سقف زجاجي معين.

هناك ما يكفي من الاسباب من اجل التظاهر ضد نتنياهو: لائحة اتهام تتكون من ثلاثة بنود، حربه ضد جهاز انفاذ القانون، ملف الغواصات وملف الاسهم التي اغلقت بدون أن يحصل الجمهور على تفسير مرضي واسهامه العام في الجو العام المسموم.

ولكن كان يمكن أن نتوقع أنه في ذروة احدى الازمات الاقتصادية الكبرى في تاريخ الدولة، حيث مئات آلاف الاشخاص فقدوا اماكن عملهم ومشروع حياة عشرات آلاف المستقلين انهار، سيكون طابع المظاهرات مختلف، أي أن نرى في الشوارع المزيد من العاطلين عن العمل ومن اصحاب المصالح التجارية ومن المستقلين، وأن تأخذ المظاهرات طابع اقتصادي – اجتماعي بشكل اكبر.

نحن نسمع في كل يوم عن اشخاص تم تدمير حياتهم، ونعرف بشكل شخصي عاطلين عن العمل بسبب الكورونا واشخاص أفلسوا. ونحن ايضا نرى الآثار المتباينة وغير المتكافئة لهذه الازمة. فالبعض لم يتضرروا أبدا، بل ربما استفادوا من الازمة. والبعض يدفعون ثمنا باهظا لا يطاق.

هذه هي المواد الخام التي صنعت منها الاحتجاجات، التي كان يجب عليها تغيير طابع الاحتجاج وأن تدخل فيه المتضررين من الكورونا. ورغم ذلك، الاحتجاج يركز على مواضيع اخرى: الرشوة وطهارة المعايير لرئيس الحكومة. في الهامش هناك ايضا احتجاج شباب يرتبط بالكورونا، اشخاص يشعرون بأن هذه الازمة تقضي على مستقبلهم، لكن حتى الآن، الموضوع الرئيسي هو نتنياهو، والرسائل تركز عليه وعلى الفساد.

هذا يثير عدد من التساؤلات. أولا، ربما أن تركيز الاحتجاج على نتنياهو وعلى التحقيقات معه تردع اشخاص غاضبين منه لاسباب اخرى – اقتصادية – لذلك فان الاحتجاج يخسرهم. لا توجد لهم أي مصلحة في أن يتم تشخيصهم مع احتجاج يركز على ملفات نتنياهو. لأن ألمهم يتمحور في هذه الاثناء على اماكن اخرى.

احتمالية اخرى هي أن الحلول التي تقترحها الحكومة تفعل فعلها. فقد تعهدت بأن تدفع بدل بطالة حتى حزيران 2021، وهي تدفع منح للمصالح التجارية وترمي مئات ملايين الشيكلات على مجموعات مختلفة. هذا بالتأكيد يهدئ قسم من الناس حتى لو كان هناك الكثير جدا منهم يسقطون بين الكراسي ولا يحصلون على أي تعويض، أو على الاقل على تعويض يقترب من الضرر الحقيقي الذي اصابهم.

احتمالية ثالثة هي أن الكثيرين في هذه الاثناء ينشغلون فقط في محاولة تجاوز الازمة، والحفاظ على انفسهم من ناحية صحية، والامتثال لتعليمات الابتعاد الاجتماعي وتقليص النفقات ومحاولة تدبر امورهم وكسب الرزق بطرق بديلة (العمل في الاعمال السوداء، مثلا). الاحتمالية الرابعة هي أن الحكومة تنجح في تحييد الاحتجاج من خلال حوار سياسي ذكي، مثلما في حالة أبناء عائلة شولمان الذين من المفترض أن يمثلوا اصحاب المشاريع الصغيرة.

وحسب مصلحة التشغيل، يوجد في اسرائيل الآن حوالي 971 ألف طالب عمل. والرقم الحقيقي هو أقل بقليل من 800 ألف شخص (حسب المكتب المركزي للاحصاء). الى جانبهم هناك 90 ألف مصلحة تجارية ستغلق هذه السنة، والكثيرين من اصحابها ليس فقط سيغلقون اعمالهم ويمضون قدما، بل سيغرقون في اجراءات قانونية لسنوات كثيرة. هذه الضائقة كان يمكن أن تخرج الى الشوارع اعداد اكبر بكثير من الاشخاص مع رسائل مختلفة جدا عن خط الاحتجاج الحالي.

كل التفسيرات تبدو منطقية، لكن ينقصنا تفسير آخر وهو أننا لم نر كل شيء بعد. نحن في ذروة ازمة لم نقترب بعد من مستواها الادنى من ناحية اقتصادية واجتماعية. الاغلاق الثاني لم ينته بعد، وليس واضحا بعد من سيتجاوزه ومن لن يتجاوزه. وبعد وقت قصير سيأتي فصل الشتاء (وأمراضه) ومحاكمة نتنياهو وربما ستسقط الحكومة، وبالاساس، نحن لم نصل بعد الى لحظة دفع ثمن الازمة. وسيكون هناك المزيد من الاسباب من اجل الخروج الى الشوارع.

 

 

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب