news-details

الانتخابات الأميركية أرض محروقة

يديعوت أحرنوت- 21/10/2020

*جو بايدن افضل – ليس بفضل ذاته، ليس بفضل ما هو بل بفضل ما ليس هو: هو ليس ترامب. هو النقيض لترامب وبالتأكيد يحتمل انه في الأجواء السياسية السامة لانتخابات أميركا 2020 يكفي هذا لاجل الانتصار*

ظهر المرشحان في الانتخابات للرئاسة الأميركية في الاونة الاخيرة في لقاءات مع جمهور مؤيديهما، بعد ان الغيت المواجهة السابقة والاخيرة التي كانت معدة ليوم غد. القى الرئيس الحالي دونالد ترامب، مرشح الحزب الجمهوري خطابات نشطة بالاف المحتشدين ممن يرون اصابته بفيروس الكورونا دليلا على القوى العظمى لزعيم قد لا يكون ذروة الثقافة ولكنه اثبت قدراته الجسدية والروحانية في الانتصار على المرض.

اما نائب الرئيس السابق جو بايدن، المرشح الديمقراطي، ففضل الظهور امام قلائل في بث لجماهير الناخبين الليبراليين الذين يستمعون اليه بصبر وعطف ولكنهم يديرون رؤوسهم الى الخلف حين يتورط بأجوبة على الاسئلة الابسط.

يكاد يكون كل شيء يفصل بين ترامب وبايدن: الأسلوب، المضمون، النبرة، الفكرة. تقريبا، إذ مع ذلك شيء واحد مشترك يميزهما ويخلق حلفا خفيا بينهما: فهما غير مناسبين لقيادة الولايات المتحدة في السنوات الأربعة القادمة. فهما كبيران في السن اكثر مما هو مرغوب فيه. ويفهمان الواقع حولهما اقل بكثير من المتوقع من أناس يدعون الوقوف على رأس القوة العظمى الأقوى والأكثر نفوذا. ليس الأول ولا الثاني مصنوعين من مادة قيادية لازمة لإنقاذ أميركا من الازمة.

عبر عن ذلك بطريقته الغريبة بالذات تراتب نفسه الذي كاد يعترف او يهدد بان هزيمته امام "مرشح الرئاسة الأسوأ في تاريخ الولايات المتحدة" ستهربه، من شدة الخجل، الى خارج حدود أميركا. وبالضبط ذات الامر يمكن قوله، مع تغيير الأسماء من منافسه جو بايدن. فهو يتنافس مع رئيس سيء على نحو خاص: وقح عدم الكوابح، مفلس ومجنون عنيف بالأنا كان سهلا جدا هزيمته لو لم يكن يقف امامه سياسي تعب، متآكل وعديم الكاريزما مثل جو بايدن ابن ا لـ 78.

ان البؤس البارز للمرشحين لتاج الرئاسة الأميركية يبعث على أفكار بشعة. كيف حصل أن أميركا العظمى، ذات الجامعات الأفضل في العالم، العلم الرائد في العالم والتكنولوجيا التي تغير وجه العالم لم تنجح في ان تعرض على مئات الملايين من مواطنيها ان ينتخبوا رئيسا شخصية بقامة زعيم تتناسب والمنصب؟

 لم أجد جوابا على هذا التساؤل في محيط من المقالات التي نشرت هناك قبيل الانتخابات والتي معظمها ان لم تكن كلها مشبعة بسياسة انتخابية فورية. يحتمل أن يكون هذا في الواقع هو الجواب: عندما تكون افضل العقول الأميركية متجندة بكاملها في صالح هذا الجانب أو ذاك في الطيف الحزبي، فان قدرتهم على التسامي الى نظرة عليا تحليلية تتضرر بشدة بل ومؤخرا اختفت تماما.

ان مساحة الخطاب الجماهيري الأميركي مشروخة حتى النزف بين المعارضين والمؤيدين لشخص واحد يعربد في أروقة البيت الأبيض؛ مخرب الامة او منقذها. ثلاثة ارباع الاعلام الأميركي ينصب على الحملة ضد ترامب، بكل الوسائل وعلى كل المنصات، والربع المتبقي موظف لمدح ترامب، وان كان دون ذرة نقد ذاتي. لقد اختفى التنوع الفكري وحتى كُتّاب المقالات في الفيزياء النظرية ينجحون كيفما اتفق في ادراج كلمة "ترامب" فيها. على مثل هذه الأرض المحروقة لن ينبت مرشحون للرئاسة ملتزمون بفكر شامل والالتزام بحكم رشيد.

عبثا يبحث المستطلعون عن التبرير الاقتصادي او الاجتماعي او الصحي المطلق الذي يحرك الناخبين لاعطاء صوتهم (عشرات الملايين صوتوا منذ الان من خلال المغلفات في البريد) لترامب او لبايدن: المعركة شخصية. وعليه فلم تكلف قيادة ترامب الانتخابية نفسها عناء اصدار أي برنامج سياسي ولا حتى اقتصادي بينما جمعت قيادة بايدن برنامجا من أوراق عمل توفرت بالصدفة، دون ترتيب او ارتباط. يوجد فيها غير قليل من الاقتراحات الصحيحة والفهيمة وبالتأكيد ليست "يسارية – شيوعية" مثلما يندد بها ترامب دون أساس، غير ان جو الناعس لا ينجح في أن يترجمها الى اقوال باعثة على الحماسة.

بايدن هو بالفعل مرشح سيء وترامب بالفعل رئيس سيء، ومع ذلك لا توجد هنا مساواة في رؤية المستقبل. ترامب كرئيس في ولاية ثانية سيعمق ويوسع الاضرار التي سبق ان الحقها في الوقت الذي يمكن لبايدن كرئيس في ولاية أولى ان يحتملها "فقط" لانعدام الوسيلة التي تميز حياته السياسية غير اللامعة. وبالتالي فان جو بايدن افضل – ليس بفضل ذاته، ليس بفضل ما هو بل بفضل ما ليس هو: هو ليس ترامب. هو النقيض لترامب وبالتأكيد يحتمل انه في الأجواء السياسية السامة لانتخابات أميركا 2020 يكفي هذا لاجل الانتصار.

 

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب