على الرغم من تكفير المتدينين المتزمتين "الحريديم" للصهيونية، إلا أنهم انضموا للمؤتمر الصهيوني العام، لفرض الحصول على حصة من الأموال
تبدأ معظم القصص السياسية بالأيديولوجيا وتنتهي بالفساد. وفي احيان نادرة تحصل لنا قصة معاكسة، قصة بدايتها بالفساد ونهايتها بالأيديولوجيا. ولن يستطيب الحريديم في بني براك هذه القصة؛ ولا العلمانيين المتزمتين في ميرتس. قصة سيئة مع نهاية جيدة: لا يوجد شيء اكثر بهجة من أن نبدأ به يوما خريفيا.
قبل نحو عشرة ايام اجري الكونغرس الصهيوني الـ 38. اجري ولم ينعقد: فبسبب الكورونا دارت المداولات بالزوم. لم يكن للمداولات صدى ولم يكن معنى. منذ عشرات السنين لم تعد المؤسسات الصهيونية اكثر من صندوق تسجيل. المال يأتي في معظمه من الصندوق القومي، من بيع الاراضي، كل خمس سنوات ينعقد الكونغرس، وتوزع الغنيمة.
وهكذا، ما يفعلونه في الحكومة بحذر، خشية تحقيق الشرطة او الكشف الصحفي، في المؤسسات الصهيونية يفعلونه من قمة خشبة القفز. وظائف للمتفرغين من الدرجة الثالثة، اموال لاهداف حزبية، سفريات، تشريفات. في المؤسسات الصهيونية لا توجد معارضة: كلهم، من شاس وحتى ميرتس يمدون ايديهم الى الصحن. الشخص المتفائل على نحو خاص سيسمي هذا الترتيب عدالة توزيع؛ اما الشخص الاقل تفاؤلا فسيسميه فساد.
ميكي زوهر- قوة، مال، شرف- عثر على فرصة. لماذا التوزيع للجميع، سأل نفسه، اذا كان ممكنا التوزيع لكتلة اليمين فقط. كل المظلومين، الاصلاحيين، المحافظين، احزاب الوسط – اليسار، اجتمعوا في جلسة طوارئ وهددوا: نحن سننسحب من الحركة الصهيونية. في الليكود ذعروا واعدوا اتفاقا جديدا، اعطى لكل حزب قطعة من الكعكة. هذه هي القصة العامة.
القصة ذات التفاصيل الداخلية مشوقة اكثر بكثير. الى المؤسسة الصهيونية انضم هذه المرة قطاع جديد – قطاع الحريديم. الكتلة التي تمثله تسمى "البلاد المقدسة"، اسم يعبر، مقلوب على مقلوب، عن حقيقة أن الكتلة تعتمد على دعم الحريديم من الولايات المتحدة، وليس الحريديم في اسرائيل. لديهم حس دعابة، اولئك السياسيون الحريديم.
ظاهرا، هذه هزة ارضية. فكراهية الصهيونية هي جزء جوهري من المذهب الفكري للحريديم، من الطريق الذي يعرف فيه نفسه، من الصيغة التي تسمح له بان يبني حوله اسوار الغيتو. الصهيونية هي تدنيس لاسم الرب. مسيحانية كاذبة.
الحاخامات، عظماء الجيل، يتهمون الصهيونية بكل المصائب التي وقعت للشعب اليهودي، وعلى رأسها الكارثة. نعم، الكارثة. الصهيونية تسببت بها والصهيونية رفضت الانقاذ. وهم يربون اجيالا من الاولاد على هذه الاسطورة الزائفة. الحاخامات الليتوانيون أكثر حدة في كراهيتهم للصهيونية، بقدر لا يقل عن كبار الحاخامات، رؤساء الطوائف، المتطرفين في الدواوين الحسيدية.
الى الكراهية للصهيونية انضم كراهية اخرى، حديثة العهد اكثر، الكراهية للاصلاحيين والمحافظين. فنواب الحريديم مستعدون لان يصافحوا العلمانيين الواضحين ولكنهم يرفضون ان يتواجدوا في غرفة واحدة مع حاخام أو حاخامة اصلاحيين.
وها هي ديغل هتوراة، ممثلة الليتوانيين في حزب الحريديم، تنضم الى الهستدروت الصهيوني (اتحاد المنظمات الصهيونية). وهي تفعل ذلك بغطاء اميركي، ولكن الايادي ايادٍ اسرائيلية. موشيه غفني، النائب الكبير عن ديغل هتوراة تحفظ ولكن رجاله فعلوا ما يجب. يتسحاق فندروس، رفيقه في الكتلة اعطى تأييده، وشموئيل ليتوف، مقربه، مدير عام بلدية بني براك جاء ليمثل الحزب في الادارة الصهيونية.
في الاتفاق لتوزيع الغنيمة، يوجد توقيع ممثل الحريديم فوق توقيع الحاخام جلعاد كريف، ممثل الاصلاحيين. ويدعو الاتفاق الى "دفع الصهيونية الى الامام وتعزيز مركزية دولة اسرائيل"، ليس أقل.
عندما دعي اعضاء الادارة الصهيونية لتقديم اعلان الولاء، اختفى ليتوف، مندوب الحريديم فجأة. للحركة الصهيونية اختفى فجأة مندوب الحريديم. احد اعضاء الادارة روى لي بانهم دعوه باسمه بضع مرات ولم ينالوا جوابا.
على نحو مفاجئ، لم يثر انضمام الحريديم للحركة الصهيونية اهتماما في وسطهم. والجهة الوحيدة التي رفعت صوت صرختها كانت الجناح المقدسي. الناطقة بلسانه، "هبلاس" خرجت بعنوان كبير يتهم القائمة بـ "الاعتراف بالفكرة الصهيونية وبشراكة معيبة مع تيارات كافرة". "ثغرة رهيبة"، كتبت الصحيفة، "تجاوز لكل الخطوط الحمر". وسائل اعلام الحريديم، التي تنفعل لكل كلمة، لم يتأثر.
الدرس رقم 1: اختيار القرارات لدى الحريديم باتت اكثر مرونة بكثير مما درج على التفكير. لا حاجة للتأثر بكل صرخة نجدة، بكل تهديد. من الحاخامات المستعدين للارتباط بالصهيونية والجلوس مع الحريديم مسموح المطالبة بأن يستجيبوا لتعليمات الكورونا، حتى عندما يكون هذا اغلاق مدارس التوراة الابتدائية.
الدرس رقم 2: ليس متأخرا مطالبة الصهاينة الجدد بان يصلحوا، ولو قليلا، النصوص التي يغرسونها في تلاميذهم، المزايدات التي يطلقها الحاخامات. فليقرروا ما الذي يريدونه. ان يشربوا من حليب البقرة أم ان يذبحوها.
الدرس رقم 3: الصهيونية تعلى اليوم فقط على لسان من يكرهها. اما الاخرون فلا تهمهم الا كمصدر مالي.
الدرس رقم 4: أولم يحن الوقت لضم القائمة المشتركة للحركة الصهيونية؟
يديعوت أحرنوت- 2/11/2020
إضافة تعقيب