news-details

الزوجان سافرا في سيارتهما في الضفة في منتصف الليل، وكانت هذه جريمتهما الوحيدة| جدعون ليفي

*الجيش قال إن السائق حاول دهس الجنود. ولكنهم حتى لم يقوموا بملاحقته *اسامة كان بائع خضار تجول في القرى بسيارته. في اليوم الذي زرنا فيه بيتهم كان عيد ميلاده الـ 36، لكن لا أحد ذكر ذلك. قبل شهرين تم اطلاق سراحه من السجن بعد قضاء 18 شهرا، بسبب ضبطه بدون تصريح مكوث في القدس وتم تفعيل ضده حكم اعتقال مشروط سابق*

 

الشارع الرئيسي الذي يربط قرية الجيب مع قرية بير نبالا في الضفة الغربية. يوم الاثنين 5 نيسان الساعة 2:45 فجرا، قوة من الجيش الاسرائيلي اقتحمت للمرة الثالثة في نفس الليلة. الجنود قاموا بوضع سياراتهم المدرعة والثقيلة على الجزيرة الضيقة التي تفصل بين مساري الشارع الواسع. قبل ثلاثة اسابيع، في 13 آذار، سحب الجنود من السرير شاب يعيش هنا وقاموا باعتقاله. وفي هذه الليلة عادوا من اجل اقتحام محل لبيع الملابس يعود لعائلته.

جنديان وقفا قرب السيارات المتوقفة على الجزيرة امام المحل. فجأة اقتربت سيارة من نوع "تويوتا" من جهة الشرق، أحد الجنود اشار للسيارة بمصباح كي تتوقف. في البداية السائق لم يميز ضوء المصباح، لكن سرعان ما صرخت الزوجة التي كانت تجلس الى جانبه عليه ليتوقف. السيارة وقفت على بعد اربعة امتار عن الجنود.

تحدثوا معهم قليلا وسمحوا للسيارة بالسفر. بعد لحظة بدأوا باطلاق النار على السيارة. "اذا سقط شخص من طائرة في منتصف الليل فان الله وحده هو الذي يمكن أن يرفعه"، كتبت داليا رافيكوفيتش. ايضا اذا سافر شخص بسيارته في الضفة في منتصف الله فان الله فقط هو الذي يمكن أن ينقذه. اسامة منصور الذي ساق سيارته قتل، سمية زوجته نجت.

محل الملابس الذي قبالته حدث كل ذلك، يعرض للبيع ملابس واحذية وعطور وادوات مطبخ بأسعار رخيصة. هذا المحل يعود لعائلة المعتقل الذي يعيش قريبا. داخل المحل الجميل وضعت لوحة في هذا الاسبوع بالعبرية كتب عليها "تنزيلات 50% على كل شيء لاعضاء النادي". للمرة الاولى جاء الجنود الى هنا الساعة التاسعة والنصف. قوة كبيرة بحافلة وسيارات مدرعة. قاموا بتفتيش بيت المعتقل. الاولاد والشباب رشقوا الحجارة والجنود اطلقوا قنابل الغاز. وبعد ساعتين تقريبا غادروا القرية.

في منتصف الليلة عادوا. مرة اخرى رشق حجارة واطلاق قنابل الغاز. الجنود قاموا بتفتيش عدة بيوت، وشهود عيان شعروا بأنهم ينوون فعل شيء ما. في الساعة الواحدة بعد منتصف الليل غادروا. وفي الساعة الثانية والنصف فجرا عادوا. سيارتان وقفنا فوق الجزيرة امام محل الملابس، سيارة فان وسيارة جيب.

وسيارتان مدرعتان وقفتا في نهاية الشارع على بعد عشرات الامتار من هناك. ربما كان يوجد المزيد من السيارات. الشارع كان هاديء في هذه المرة بسبب الوقت المتأخر. جنديان وقفا على الجزيرة التي وقفنا عليها نحن ايضا في هذا الاسبوع من اجل استرجاع احداث تلك الليلة مرحلة بعد اخرى، بمساعدة باحث "بتسيلم" في منطقة رام الله، اياد حداد. شهود عيان، عزام مالكية وبسام عسكر، شاهدا في تلك الليلة ما يحدث من شقتيهما.

سيارة التويوتا اقتربت. الجندي اشار لها بالمصباح للتوقف. السيارة توقفت بشكل كامل. حسب الشهادات، السائق ايضا قام باطفاء محرك السيارة. في السيارة كان يجلس الزوجان اسامة وسمية منصور. وهما من سكان قرية بدو المجاورة التي كانت ذات يوم رمز لعمليات شراء الاسرائيليين في ايام السبت.

ومنذ اقامة جدار الفصل تم حجزها خلفهم. سمية واسامة قالا للجنود بأنهم عائدين من زيارة عيادة في بير نبالا لأن سمية شعرت بوعكة. الكثير من ابناء العائلة اصيبوا بالكورونا، اسامة اجتاز المرض بسهولة، والدته تم علاجها مدة 25 يوم في مستشفى هوغو شافيز في ترمس عيا، وسمية ايضا عانت من اعراض ومكثت في البيت. المرض انقضى، لكن في تلك الليلة سمية مرة اخرى شعرت بوعكة.

اسامة كان بائع خضار تجول في القرى بسيارته. في اليوم الذي زرنا فيه بيتهم كان عيد ميلاده الـ 36، لكن لا أحد ذكر ذلك. قبل شهرين تم اطلاق سراحه من السجن بعد قضاء 18 شهرا، بسبب ضبطه بدون تصريح مكوث في القدس وتم تفعيل ضده حكم اعتقال مشروط سابق.

سمية (35 سنة) وهي تعمل خياطة في مخيطة في جفعات زئيف. يوجد لهما خمسة اولاد وهم يعيشون في بيت صغير له سقف من الاسبست، في ساحة بيت والد اسامة. عندما نظرنا الى البيت، بالضبط حضرت بيسان ونيسان من المدرسة، وهما توأم بعمر عشر سنوات، والآن هما يتيمتان.

صورة لاسامة معلقة فوق شاشة التلفاز. في المساء الاخير من حياته سأل أمه ماذا سنعد لرمضان الذي بدأ في هذا الاسبوع واجابته بأنه ما زال لدينا وقت. احدى صوره الاخيرة، صورة قرب المسجد الاقصى بعد أن تسلل للصلاة هناك، وبعد ذلك تم اعتقاله. الى الغرفة دخلت الارملة سمية مع بناتها التوأم، هي امرأة جميلة، طويلة القامة وتثير الانطباع، حديثها هادئ وخال من الدموع، وجهها اصفر من الألم.

في ذاك المساء عاد اسامة الساعة 11:30 ليلا من العمل وسارع لنقل سمية الى العيادة في بير نبالا. سمية تحدثت عن أنه كان يهتم دائما بها ويسارع الى نقلها الى العيادة في أي أمر. الابن محمد (15 سنة) مرض ايضا بالكورونا، لكن باقي الاولاد لم يصابوا.

الطبيب قال لها بأنه يجب عليها الراحة في البيت، وبعد ذلك اقترح اسامة أن يتجولا معا في السيارة بعد أن كانت طوال اليوم محبوسة في البيت. سمية قالت إنه اشترى لها ساندويش من بقالة كانت مفتوحة في الليل. هما لم يلاحظا أي وضع خاص، الى أن شاهدت الجندي الذي كان يحمل مصباح ويشير لهما بالتوقف. الجندي وجه نحوهما البندقية وبدأ يصرخ عليهما: لماذا لم تتوقفوا. سأله اسامة لماذا تصرخ علي بالعبرية. الجندي سأل عن مكان سكنهما ومن أين جاءا. هو لم يطلب بطاقات الهوية أو رخصة السيارة.

الجندي قال لهما استمرا في السفر. اسامة حرك السيارة وسافر. بعد لحظة سمعت سمية صوت رصاصة من الخلف، وعلى الفور بعد ذلك توجه نحوهما عدة جنود من الامام وبدأوا يطلقون النار على السيارة. سمية وصفت ذلك مثل سيل من الرصاص نزل عليهم. هي خافت وانحنت الى الامام لحماية نفسها من الرصاص. وشعرت أن شظايا اصابت ظهرها. اسامة صرخ نحوها: هل أنت بخير؟ وهي اجابت: لقد اطلقوا علي النار.

سمية شعرت أن اسامة فقد السيطرة على مقود السيارة، وأن السيارة كانت تتأرجح من جهة الى اخرى. سألته: لماذا تسافر هكذا. لكنه لم يرد. جسد اسامة رمي جانبا وسقط على ساقي زوجته. رأسه كان ينزف. سمية بدأت تصرخ.

ولكنها لم تفقد السيطرة: امسكت بمقود السيارة وضغطت على دواسة البنزين وهي جالسة في المقعد بجانب السائق، زوجها كان ينزف، من اجل الهرب من اطلاق النار. وبعد مئات الامتار اوقفت السيارة بمساعدة الكابح اليدوي. الجنود لم يأتوا خلفهم. ومن سيارة جاءت من الجهة المقابلة نزل اربعة شباب وسارعوا الى نقل اسامة الى سيارته. اسامة ما زال يتنفس، لكنه كان فاقد الوعي.

نقلوه الى عيادة الكرمل في بدو. وهناك قاموا باستدعاء سيارة الاسعاف التي نقلت اسامة الذي يحتضر الى مستشفى رام الله الحكومي. في المستشفى تم ادخاله الى غرفة العمليات، في الوقت الذي تم فيه علاج سمية من جروحها الخفيفة. وفي الساعة السادسة صباحا اخبروها سمية بموته.

الجنود جاءوا الى السيارة فقط بعد ربع ساعة من الحادثة وأخذوها. ومروا على كل البقالات والبيوت في المنطقة وصادروا كاميرات الحماية، بما في ذلك الكاميرا في محل الملابس. وجمعوا كل الرصاصات من الشارع.

هآرتس- 16/4/2021

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب