هآرتس- 10/6/2020
*هناك ثلاثة معايير من أجل اعتبار قتل الفلسطيني أمر يقتضي الحزن ويتطلب الاعتذار، وهذه المعايير هي أن لا يكون هناك مبرر للاشتباه فيه بنية تنفيذ عملية وأن يكون معوق وأن يكون متوحد. وحتى في هذه الحالة لم يعبر معظم وزراء الحكومة والمعلقون في الشبكات الاجتماعية عن الحزن والأسف*
"هذه مأساة. هذا شخص معوق ومتوحد، تم الاشتباه به بدون وجه حق. جميعنا نشارك عائلته الحزن. هذا يشمل الجمهور الاسرائيلي كله وكذلك حكومة اسرائيل كلها"، المتحدث هو رئيس الحكومة والتراجيديا هي قتل اياد الحلاق الذي هرب خوفا من جنود حرس الحدود ولم يكن يشكل أي خطر على حياتهم.
العيون تحدق والفم فاغر. بنيامين نتنياهو يعتبر قتل فلسطيني مأساة. في الغد هو أيضا قادر على عرض تعويضات. هكذا يبدأ التدهور في المنحدر الزلق. رئيس الحكومة كان يمكنه الاكتفاء بموقف مهني بعيد عن ذلك، مثل موقف وزير الامن الداخلي امير اوحانا، الذي قال إنه "يتم فحص الحادثة كما يقتضي القانون وسنعمل حسب النتائج من اجل تكرار احداث مشابهة.
وحتى انتهاء التحقيق لن نقوم بالحكم على عناصر الشرطة"، أو أن نخرج من الثلاجة الصيغة الباردة التي اختارها بني غانتس "نحن حقا نأسف على الحادثة. أنا متأكد أن الموضوع سيتم التحقيق فيه بسرعة وسيتم استخلاص الدروس منها"؛ صيغة قصيرة ودقيقة تصيب الهدف، كما هو مطلوب ممن خدع، وقال إنه كان مسؤولا عن قتل 1364 ارهابيا في عملية "الجرف الصامد" – لماذا نصف هذا بالتراجيديا.
حسب توزيع القتلى في "الجرف الصامد"، الذي نشره الجيش الاسرائيلي في 2015، فإن 761 شخصا منهم، 36%، كانوا من المدنيين. وحسب تقرير "بيتسيلم" فانه بين الأعوام 2009 إلى 2020 قتل بنار قوات الامن الاسرائيلية 3524 فلسطينيا، من بينهم 797 قاصرا و342 امرأة. قتل مواطن أو مواطنة أو طفل يستحق وصفه بالتراجيدي.
ولكن لم يتم ارسال أي تعزية لأي عائلة من عائلاتهم. بالتأكيد هذه العائلات لم تحظ بالتعبير عن حزن جارف من قبل حكومة اسرائيل. لماذا حظيت بالذات عائلة الحلاق بهذه الدرجة من الشفقة والحزن التي يمكن لنتنياهو أن يعتصرها من نفسه؟
الجواب على ذلك يكمن في الأسس الثلاثة المتراكمة التي اعتبرها نتنياهو معايير تبرر اظهار الأسف: لا يكفي أن يكون الفلسطيني مشتبها به بدون وجه حق بنيته تنفيذ عملية. يجب أن يكون متوحد ومن ذوي الاحتياجات الخاصة. هذه شروط متشددة جدا بشكل خاص، وفقط فلسطينيون قلائل يمكنهم تلبية هذه الشروط.
محمد حبالي الذي اطلقت النار على ظهره وقتل في كانون الاول 2018 في مخيم طولكرم للاجئين، لم يلبي الشروط المطلوبة. صحيح أنه تم الاشتباه به بدون وجه حق بالمشاركة في الاخلال بالنظام وكان يعاني من تخلف عقلي، لكن كما يبدو لم يثبت أنه متوحد. لذلك هو لم يكن يستحق التعبير عن الحزن أو الاعتذار.
وحسب هذه المعايير أيضا عائلة أبو القيعان التي قتل ابنها يعقوب في كانون الثاني 2017 على أيدي شرطي في اطار عملية اخلاء القرية البدوية أم الحيران، لا تستحق التعبير عن الأسف. صحيح أن تحقيق قسم التحقيقات مع عناصر الشرطة ورأي الشباك برأه من تهمة نية تنفيذ عملية، لكن للأسف الشديد هو لم يكن معوق أو متوحد.
حادثة هامة بشكل خاص هي حادثة عبد الفتاح الشريف من الخليل، الذي كان مستلقيا وهو ينزف بعد تحييده وتم اطلاق النار عليه وقتله على أيدي اليئور أزاريا. للحظة كان يبدو أن المعايير المتشددة تم تجاوزها وأن الاجماع كان على وشك التحطم. وفي آذار 2016 قال نتنياهو إن "ما حدث في الخليل لا يمثل قيم الجيش الاسرائيلي. الجيش الاسرائيلي يتوقع من جنوده التصرف بهدوء ووفقا لأوامر فتح النار".
ولكن هذه كانت صرخة عبثية. في كانون الثاني 2017 اوضح بأن "الجيش الاسرائيلي هو جيش اخلاقي ولا يقوم بإعدام أي شخص. هذا يوم صعب ومؤلم لنا جميعا – أولا بالنسبة لاليئور وعائلته. وأنا اؤيد منح العفو لأزاريا". "اليوم الصعب" هو اليوم الذي فيه ادانت المحكمة العسكرية أزاريا.
نتنياهو بالغ عندما وصف الأسف على قتل الحلاق بأن الحزن يغرق كل الحكومة وكل الجمهور الاسرائيلي. المعلقون في الشبكات الاجتماعية يروون قصة اخرى. وهكذا أيضا ردود وزراء الحكومة الذين معظمهم أصابهم الخرس. المآسي هي احتكار لليهود. الفلسطينيون فقط يلاقون حتفهم.
إضافة تعقيب