لم يزر وزير الخارجية الألماني هايكو ماس السلطة الفلسطينية. إسرائيل، التي قررت تجنيد فيروس الكورونا لمساعيها السياسية، أوضحت لوزارة الخارجية الألمانية بانه إذا زار الوزير السلطة الفلسطينية فانه سيضطر الى المكوث في الحجر في إسرائيل على مدى أسبوعين.
يمكن التقدير انه لو كان الامر يتعلق بوزير الخارجية الأميركي لما كان هذا القيد ينطبق عليه كما لا ينطبق على المستوطنين، الجنود والضباط الذين "يزورون" كل ليلة مناطق السلطة، على العمال الفلسطينيين الذين ترغب إسرائيل في خدماتهم في البناء وعلى الدبلوماسيين الذين يمكثون هنا منذ الان.
غير أن زيارة ماس، وموقف ألمانيا بشكل عام، مصابة، بنظر الحكومة، بفيروس خطير آخر يستوجب اتباع الزعرنة الدبلوماسية ضده: ألمانيا تعارض بشدة ضم مناطق في الضفة. فهو برأيها من شأنه أن يمس بالاستقرار في الشرق الاوسط وابطال كل فرصة للمفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين. ألمانيا ليست وحيدة في موقفها. فمعظم دول الاتحاد الأوروبي أعربت عن معارضتها المصممة للضم بل تهدد باتخاذ خطوات ضد إسرائيل إذا ما اتخذ القرار.
لموقف ألمانيا أهمية زائدة، سواء بسبب منظومة العلاقات، الامنية والاقتصادية، الوثيقة التي تقيمها مع إسرائيل، ولأنها ستترأس الاتحاد الأوروبي ابتداء من تموز بل وان تشغل منصب الرئيس الدوري لمجلس الامن. في نظرها، القانون الدولي ليس كلمة فارغة، والضم، مثلما هي إقامة المستوطنات ايضا، خرق فظ للقانون.
يفضل بنيامين نتنياهو تبني الموقف الأميركي الذي منحه الشرعية لتنفيذ الضم، ولا يرى في المستوطنات خرقا للقانون الدولي. وعلى الطريق يتجاهل الشرط الأميركي، الا يقف الضم بحد ذاته بل ان يكون جزءا من صفقة شاملة. اهتمامه لا ينصب على الخلاف بين الولايات المتحدة وأوروبا او على مصير علاقات إسرائيل مع دول العالم.
وهو ملزم بان يسوي أولا النزاع الفكري بين جناحي حركات الاستيطان، التي تضع امامه معضلة محملة بالمصائر: فهل سيضم في إطار خطة ترامب، التي تتضمن اقامة دولة فلسطينية أم لا يضم ويرفض خطة ترامب، كي لا يذكر لا سمح الله اسم الدولة الفلسطينية.
إن أمن إسرائيل، استقرار المنطقة، علاقات إسرائيل مع دول العالم ومصير مواطني إسرائيل كله متعلق الان بنتيجة منافسة إنزال الأيدي بين عصابات سالبي الاراضي بينهم وبين أنفسهم وبينهم وبين رئيس الوزراء. هذا عبث لا يمكن قبوله. نتنياهو مطالب بان يكرس معظم انصاته لوزير الخارجية الألماني الذي يرى امام ناظريه مصالح إسرائيل وليس لعصبة خارقي القانون الذين يرون في الدولة ملكا خاصا بهم.
إضافة تعقيب