هآرتس- 7/4/2020
*نتنياهو وليتسمان قاما بتغيير الاتجاه وتجاهلا التوصيات المهنية بفرض الاغلاق على بؤر الاصابة. ويجب الحذر من تنبؤات متفائلة بخصوص فتح الاقتصاد. والمساعدة التي يقدمها الجيش هي مساعدة مجدية ولكنها محدودة*
اغلبية الامور، اذا لم يكن كل شيء، هو سياسي. حتى في ذروة ازمة الكورونا العالمية فان عدد غير قليل من القرارات التي تتخذها الحكومة يتأثر باعتبارات داخلية، التي في جزء منها تبدو اعتبارات ضيقة. المثال البارز على ذلك يتعلق بالتجربة الفخمة التي اجتازتها السياسة في اليوم الاخير حول اقتراح فرض الاغلاق على البلدات والاحياء الاصولية التي حدث فيها تفشي واسع للفيروس.
بني براك التي تتصدر قائمة البلدات التي اصيبت صرخت طالبة المساعدة. وبالفعل، تلقت معالجة واسعة – اغلاق محدد، الذي الى جانبه كان هناك تجند مؤثر للجيش الاسرائيلي لتوفير احتياجات السكان. ولكن بحساب متوسط المرضى لكل ألف نسمة نجد في رأس القائمة بلدات متدينة اخرى مثل العاد وموديعين عيليت الى جانب تركيزات عالية من المصابين في الاحياء المتدينة في القدس وبيت شيمش.
غيلي كوهين قالت في هيئة البث "كان" بأن الهدف الاصلي لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو هو فرض الاغلاق على ثماني بلدات متدينة اخرى. وزيران متدينان هما يعقوب ليتسمان وآريه درعي عارضا، وبالتالي مشروع القرار تم تخفيفه. وقد تقرر أنه سيتم فرض اغلاق مخفف في اطاره يسمح للسكان الذين يعملون خارج البلدات بالخروج الى العمل في الصباح.
ولكن ايضا هذا الاقتراح سقط والجلسة الافتراضية للحكومة تم تأجيلها مرة اخرى. الآن الاغلاق سيتم تشديده الى درجة منع الخروج من المدن خلال فترة العيد – هكذا سيتركز على الموضوع الذي يشغل نتنياهو منذ اسبوع: منع اللقاءات العائلية الواسعة عشية عيد الفصح.
هذا بالفعل هو نقطة عدوى محتملة، لكن الانشغال فيها لا يمكنه أن يحل محل تركيز الجهود لمساعدة البلدات الاصولية. ليس فقط نتنياهو غير التوجه، بل ايضا وزارة الصحة الخاضعة لليتسمان عادت الى التركيز على ليلة العيد. لسبب ما الوزارة لم تدفع أمس بتطبيق الموقف المهني الذي يقول إن فرض الاغلاق على بؤر الاصابة العالية هو أمر ضروري لمحاربة المرض.
معركة طويلة
في عدد من الدول الاوروبية التي اصيبت بصورة شديدة بالفيروس ظهرت مؤخرا بداية انخفاض في العدد اليومي من المصابين الجدد وحتى في نسبة الوفيات اليومية. يبدو أن خطوات الابتعاد الاجتماعي التي ذروتها تأتي في اغلاق شامل في دول مثل ايطاليا واسبانيا، بدأت تعطي نتائج حقيقية على مدى ثلاثة اسابيع واكثر من الموعد الذي اتخذت فيه.
ضربة الكورونا في اسرائيل كانت أخف ونسبة الاصابة والوفاة كانت منخفضة مقارنة مع تلك الدول. وما زال من الصعب أن نشخص هنا ميل واضح باستثناء أن عدد المصابين في حالة خطيرة والذين يربطون بالتنفس الاصطناعي ما زال يرتفع بنسبة معتدلة نسبيا ولا يخرج عن السيطرة.
طاقم من العلماء من معهد "وايزمن" قدر أن استمرار الاغلاق سيؤدي الى انخفاض كبير في نسبة المصابين الجدد والوفيات بعد اسبوع تقريبا. نقطة التغيير حسب رأيهم ستكون في وضع فيه يضاف في الدولة 10 إلى 20 مصابا جديدا يوميا. وحسب تقدير الطاقم فانه اذا استمرت السياسة الحالية وبدون تفشي موضعي جديد فان الامر يمكن أن يحدث قبيل نهاية الشهر الحالي. بهذا سيكون من الممكن فتح تدريجي للاقتصاد من خلال استمرار التركيز على البلدات التي توجد فيها اصابة عالية.
هذا يسمع كتقدير متفائل. ورفع الاغلاق يمكن أن يؤدي ايضا الى عدوى جديدة واسعة وسريعة. يجب أن نضيف الى ذلك تحذير الدكتور انطوني باوتشي، وهو الطبيب الاول الذي يقف على رأس المعركة الامريكية ضد الفيروس، حسب قوله اذا لم يكن النضال ضد الكورونا نضال عالمي ومنسق، واذا تبين أن الفيروس يتأثر حقا بفصول السنة (أي أن انتشاره يكون أقل في الطقس الحار) فيجب علينا الاستعداد لعودته قبل الخريف والشتاء في نصف الكرة الشمالي. هذه ستكون معركة طويلة يمكن أن تنتهي فقط بعد تطوير لقاح ضد الفيروس.
الجيش محدود
صحيفة "يسرائيل هيوم" نشرت أمس رسالة ارسلها رئيس الاركان افيف كوخافي لرئيس الحكومة ووزير الأمن نفتالي بينيت. رئيس الاركان طلب أن تنقل الى الجيش الاسرائيلي المسؤولية عن معالجة 8 مسائل رئيسية مرتبطة بمحاربة الكورونا، منها تركيز الفحوصات وتركيز المعلومات عن الفيروس. واضاف كوخافي بأن الجيش مستعد لأن يأخذ على عاتقه بصورة فورية العلاج المنهجي لمكافحة الفيروس.
هذا لن يحدث، كما يبدو – بالتأكيد لن يحدث طالما أن بينيت يجلس في وزارة الأمن. ربما ستتغير الامور بعد تشكيل حكومة جديدة وتعيين وزير أمن جديد. في هذه الاثناء فان تدخل الجيش الاسرائيلي بقي محدود ورسالة رئيس الاركان ستحفظ في الاماكن المطلوبة، من اجل لجنة التحقيق المستقبلية (هناك من يقولون بأن هذا كان هدفه من البداية).
في بني براك على الاقل الجنود يقومون بعمل ضروري. كان من الممتع أمس الاستماع الى توجيه ضابط كبير، الذي ينشغل جنوده بنقل طرود الغذاء والمعدات الى العائلات في المدينة. الى جانب النقاش الحذر حول الفلفل الاحمر والجزر والبطاطا برز مستوى عال من الالتزام في المهمة والوعي الموجود هنا وليس في ساحة المعركة، وكان هناك اختبار حقيقي للجيش في هذه الايام.
عندما سئل الضابط ما هي افضليات الجيش في تولي معالجة الامور في بني براك، كان يبدو أن اجابته تتعلق ايضا بالساحة الوطنية كلها. هذه تنعكس في ثلاثة امور، قال. "توجد لدينا قدرة ادارة وسيطرة تمكن من جمع معطيات وفهم، يوجد لدينا جهاز لوجستي واسع؛ والجيش هو جهاز لانهائي – نحن سنكون هنا بقدر ما يقتضي الامر". هذه حقا افضليات الجيش في مكافحة الفيروس.
في المقابل، هناك شك في أن الجيش يمكنه أن يكون بديل عن جهات مهنية تعالج المجموعة السكانية المحتاجة أو يرسمون سياسات بخصوص عدد الطواقم الطبية المطلوبة لمعالجة تشغيل اجهزة التنفس.
النشاط في بني براك، ومن الآن في بلدات اصولية اخرى وفي القليل من دور المسنين، هو مناسب وناجع. ولكن داخل البيت فان الجيش لا يستطيع أن يشكل مثال ونموذج لجدية التعامل مع الكورونا. محادثات مع آباء الجنود تظهر اضطراب شديد فيما يتعلق بالسياسات والتوجيهات المتغيرة من حين الى آخر، وبالتأكيد بخصوص تطبيقها.
الجيش الاسرائيلي ينوي في البداية أن يفصل بقدر الامكان الجنود عن المجتمع المدني، من خلال فرضية أن الكورونا تتفشى بالاساس "في الخارج"، وحجز الجنود في القواعد بكونهم شباب، سيؤدي فقط الى اصابة بسيطة وتقريبا لن يتم الشعور بها. عمليا، يصعب جدا الحفاظ على جيش محصن تماما من الفيروس، ليس فقط بسبب المساعدة للمدنيين.
عدد كبير من الجنود تم ارسالهم الى بيوتهم مؤخرا في اجازة طويلة بعد انهاء دورات أو لاسباب مختلفة قبل عيد الفصح. هؤلاء الجنود يستطيعون أن يخلقوا سلسلة عدوى جديدة، في العائلة أو العكس، داخل الوحدة عند عودتهم الى القاعدة. ورغم أنه في المناطق العامة في القواعد حسنوا قليلا الحرص على الحفاظ على المسافة، إلا أنه لا يتم تطبيقها بدرجة كافية في الفضاء المغلق – في غرف السكن والصفوف.
في بداية الازمة خططوا في الجيش "كبسولات" محمية ستساعد على منع الاصابة الجماعية بالعدوى في الوحدات. هذه الطريقة تعمل، في افضل الحالات، في وحدات الاستخبارات والاسراب الجوية وربما في السفن البحرية. في هذه الاثناء يبدو أنه لا يوجد أي طريقة حقيقية لتطبيقها في الوحدات القتالية أو في جهاز التدريب.
إضافة تعقيب