news-details

المشكلة تبدأ من فوق | عاموس هارئيل "هآرتس"

 
غياب التخطيط والفوضى الادارية والاكاذيب الفظة والمناورات، كل ذلك يجعل العالم يضع اسرائيل في مربع "لا تتصرف هكذا". ووحدة في الجيش قامت بضم الضفة الغربية الى اسرائيل على الورق من خلال شعارها الجديد
 
يجب الاعتراف: هذه مشكلة غير سهلة، أن تكون مواطن اسرائيلي في الوقت الحالي. في حين دول اوروبا تخرج بالتدريج من الاغلاق الطويل الذي فرضته على نفسها بسبب تفشي فيروس كورونا فان اسرائيل تعرض كنموذج سيء يجب الحذر منه. هذا بالضبط ما ينشر في وسائل الاعلام الاجنبية، يمنع التصرف، إذا أردنا عدم العودة والتورط في تفشي جديد غير مسيطر عليه للفيروس. 
الفترة الاخيرة بشكل خاص جسدت بصورة بارزة كل ما هو غير سليم في المواجهة الاسرائيلية مع الفيروس: غياب التخطيط، فوضى ادارية، عدم تطبيق القرارات والجداول الزمنية التي تم وضعها، مناكفات على صغائر الامور، تقديم استقالات صارخة، القاء المسؤولية على الآخرين، أكاذيب صارخة ومؤامرات لا تتناسب مع الحقائق.
كل شعب يستحق بدرجة ما الزعامة التي وضعها فوقه. ولكن حكومة الطوارئ التي شكلت من اجل مواجهة ازمة كورونا بدأت من المكان الاكثر انخفاضا، ومنذ ذلك الحين تثبت بأن هناك مكان منخفض أكثر من اجل التدهور نحوه. هذا محبط بشكل خاص، لأنه في المجتمع الاسرائيلي ما زال هناك قدرات كبيرة – تكنولوجيا، علوم وطب، مبادرات، مظاهر تطوع وتضامن – التي تقريبا لا يتم التعبير عنها في المرحلة الحالية من الازمة. المشكلة تبدأ من فوق. 
في ظل غياب سياسة واضحة ومعقولة وشفافة يعرفها الجمهور، في استطلاعات الرأي العام ظهرت في هذا الاسبوع خيبة أمل متزايدة من أداء رئيس الحكومة نتنياهو في معالجته للفيروس وتداعياته الاقتصادية.
شخص كان مشاركا في معالجة ازمة كورونا منذ البداية قال أول أمس للصحيفة بأن هناك ثلاثة أمور تسببت بالموجة الثانية وهي الفتح غير الحذر وغير المراقب للاقتصاد، التخلي عن برنامج اقامة النظام الوبائي لقطع سلسلة العدوى وعدم ثقة الجمهور بسياسة الحكومة. بعد بضع دقائق على هذه المحادثة نشر روعي يانوفسكي في "كان" نبأ مدهش: عشية دخول القيود الجديدة التي بادر اليها الى حيز التنفيذ والتي تقضي بأنه بدأ منع التجمع لأكثر من عشرين شخص حتى في البيوت الخاصة، اختار وزير الصحة يولي ادلشتاين التصرف بصورة مختلفة. فقد احتفل بعيد ميلاد زوجته في حفل حضره عشرات المدعوين.
ادلشتاين اتهم يانوفسكي بنشر "اخبار كاذبة". ولكن هذا في نهاية المطاف هو هراء. الموضوع ليس في الوقت الذي دخلت فيه التعليمات الى حيز التنفيذ، بل في السياسة. إذا كانت وزارة الصحة تحذر من أن هذه الاحتفالات هي دفيئة للعدوى فلماذا يختار الوزير اجراء واحدة كهذه عندما أصبح الوضع واضحا له؟
في بريطانيا حدثت عاصفة مشابهة قبل شهرين تقريبا عندما تبين بأن دومنيك كمنغتس، المستشار المقرب من رئيس الحكومة بوريس جونسون، قد خرق تعليمات الاغلاق المتشددة في شهر نيسان وخرج مع أبناء عائلته خارج لندن، في الوقت الذي كانوا فيه ما يزالون مصابين بفيروس كورونا. وسائل الاعلام في بريطانيا لم تترك هذه القضية مدة اسابيع. في اسرائيل يبدو أننا نعود الى روتين الحياة خلال بضع ساعات. وزير الصحة فقط ينضم الى قائمة طويلة لخارقي التعليمات، منهم رئيس الحكومة ورئيس الدولة ووزراء وسياسيين. المتهكمون سيقولون إن النبأ يخدم ادلشتاين، حيث أنه يرسم له الطريق السهلة الى الخارج. 
منذ أن قام نتنياهو بتعيين شخصين قويين من الليكود، ادلشتاين واسرائيل كاتس، في المناصب غير الممكنة في هذه الظروف، وزارة الصحة ووزارة المالية، هو بالضبط لا ينشغل باعطاء الدعم. ومن يتصفح الاعداد الاخيرة للصحيفة الناطقة بلسان المقر، يكتشف أن المسؤولية عن الاضرار التي اصابت الاقتصاد والصحة موزعة بين كاتس وادلشتاين وبني غانتس. في هذه الاثناء حدث تأخير في محاولة ادلشتاين تعيين الجنرال احتياط روني نوما رئيسا لمركز السيطرة الوطني لمحاربة المرض. لأنه من غير الواضح أن هذا سيكون نطاق صلاحياته.
ليس هناك مناص من الاستنتاج بأن هذه الحكومة لا تأخذ الفيروس بنتائجه الاقتصادية المدمرة بجدية كافية. خرق التعليمات المنهجي في القمة هو أكثر من ظاهرة، وهو يشير للجمهور بأنه يوجد حكم للمواطن العادي وحكم مختلف لمن رفعهم الشعب؛ سياسيون واصحاب مليارات ومشهورون. القطيعة بينهم وبين المواطنين اصبحت كاملة.
نتنياهو اخطأ عندما اظهر عدم المبالاة ازاء التفشي الجديد للمرض في اسرائيل خلال شهر حزيران. وقد كان بالامكان الافتراض بأنه سيصلح منذ ذلك الحين المسار، ولو خوفا من الضرر السياسي. ومنذ ذلك الحين حدث العكس، في الاسبوعين الاخيرين سمعت تصريحات علنية تدل على انغلاق كامل، بدء من الوزير تساحي هنغبي وبعده من المقرب نتان ايشل. 
ايضا أول أمس عندما سجل عدد المرضى المشخصين رقم قياسي جديد، قضى رئيس الحكومة ساعات طويلة في مناورة سياسية حول التلاعب الذي قامت به قائمة يمينا والتي طالبت بتعيين لجنة تحقيق من اجل فحص تضارب المصالح للقضاة. ومشكوك فيه إذا كان هناك في البلاد أكثر من حفنة مواطنين تعتبر هذه القضية على سلم اولوياتهم.
 
الخارطة التي توجد على الشعار
 
مخطط ضم اجزاء من الضفة الغربية، التي كانت على رأس الاولويات فقط قبل عشرة ايام، نسيت بشكل ما. المتحدثون بلسان الليكود ذكروها بصعوبة في هذا الاسبوع. ورئيس الحكومة انتقل للانشغال بقضايا اخرى أكثر الحاحا. زيارة المبعوث الشاب لإدارة ترامب في اسرائيل، آفي باركوفيتش، انتهت بخيبة أمل كبيرة في القدس. بعض مقربي نتنياهو ما زالوا يعدون بأن الفكرة لن يتم اهمالها تماما، ويتوقع أن يعودوا ويرفعوا الوتيرة على أمل تجنيد موافقة امريكية قبل الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة في تشرين الثاني القادم.
مع ذلك، يتبين أن 1 تموز، الموعد الذي حدده نتنياهو لبداية عملية الضم في الاتفاق الائتلافي مع ازرق ابيض، لن يمر بدون أي عملية رمزية. في الوحدة الأقل لمعان في الجيش، مركز التموين، قاموا في الاسبوع الماضي بتوزيع شعار جديد للوحدة على الجنود، في اعقاب تغيير تنظيمي وحد تحته عدد من المناطق الفرعية. وعلى الشعار ترفرف خارطة لأرض اسرائيل الكاملة، بما في ذلك الضفة الغربية وقطاع غزة.
رسم شعار لوحدة في الجيش هو عملية طويلة، تكتنفها مصادقة رسمية للجنة برئاسة ضابطة رفيعة. في اسرائيل هناك عدد من الهواة المتحمسين لجمع شعارات الوحدات العسكرية في الجيش على مر اجياله. ومن فحص الامر معهم يتبين أن هذه هي المرة الاولى التي فيها خارطة كهذه تظهر على شعار عسكري. مناطق مختلفة في البلاد تظهر على عدد من الشعارات، طبقا لانتماء الوحدات الجغرافي، لكن الخارطة لا تظهر بالكامل.
المتحدث بلسان الجيش قال ردا على ذلك بأنه "في الاشهر الاخيرة صادق رئيس قسم القوة البشرية على شعارين جديدين لوحدات عسكرية، يعرض فيهما خارطة ارض اسرائيل. هذان الشعاران يعرضان، كل واحد بطريقته، الامتداد الجغرافي للوحدة بصورة رمزية. وكل محاولة للربط بين تصميم الشعارات وبين مسألة سياسية مرفوضة تماما.

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب