هآرتس- 1/11/2020
السنوات الـ 12 من حكم يمين فاسد ومتعفن قادت الاسرائيليين الى استنتاج بأنهم يريدون المزيد من نفس الشيء. ربما فقط ليس بيبي، لكن ايضا فقط ليس اليسار
لطالما حلمت اسرائيل بأمريكا، والآن هي تحقق ذلك ايضا: دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو متشابهان بشكل ملحوظ. نتنياهو أكثر ثقافة واثارة للإعجاب من ترامب بالطبع. ولكن التشابه في اساليب عملهما واعتقادهما مدهش. ولا يقل عن ذلك ادهاشا هو التشابه بين من يقفون مقابلهما: جو بايدن وبني غانتس. كلاهما من نفس القرية، قرية الوسط والوسطية. وكلاهما مليئان بالنوايا الحسنة ورماديان لدرجة مؤلمة، مع سيرة ذاتية مثيرة جدا للإعجاب ومع قدرات أقل اثارة للإعجاب. كان يجب أن يكونا الأمل للتغيير، لكنهما لن يكونا.
لقد اثار ترامب ونتنياهو حركات معارضة صاخبة وحازمة ومتمسكة بالهدف. منظمات المجتمع المدني في اسرائيل وفي امريكا عادت الى الحياة. ولكن لشديد الدهشة لم تنجح في انبات بديل، شخصي أو فكري. كان يمكن أن نتوقع أنه بعد أربع سنوات و12 سنة لنتنياهو، مع كل المعارضة والاشمئزاز الذي أثاره الاثنان، سيقوم قادة ويحاولون دفع البندول الى القطب المعاكس.
من اليمين الشعبوي الى اليسار. هذا لم يحدث، البندول توقف في منتصف الطريق، في المنتصف الشرير والملعون. ولم تتجرأ الولايات المتحدة واسرائيل على قطع كل الطريق حتى الوصول الى القطب المعاكس لقطب لترامب ونتنياهو.
للوهلة الاولى كان يبدو أن هذا سيحدث في امريكا. في الحزب الديمقراطي سمعت اصوات لم تسمع في أي يوم من الايام مثل راديكالية، يسارية، اشتراكية ديمقراطية مؤيدة لحقوق الانسان والعدالة والمساواة. عدد من المرشحين الواعدين الذين تبنوا هذه المواقف تنافسوا، وكان يبدو أن ثورة ترامب ستثير رد الفعل الفكري المعاكس والمناسب.
وأنه سينبت امام ترامب نقيضه المطلق. وسائل الاعلام الامريكية تجندت في معظمها لمحاربة الترامبية، لـ "نيويورك تايمز" والـ "سي.ان.ان" لم تكن هناك ايام اجمل من تلك الايام. في الاجواء كان هناك وعد بالتغيير، وأن الولايات المتحدة ستحاول احداث الاصلاح الحيوي جدا لها من اجل الشفاء من مرض ترامب.
بعد ذلك تم انتخاب جو بايدن كمرشح، الوسطي جدا والأقل قيمة من بين كل المرشحين. وايتر شيد اوفبيل (ظل شاحب أكثر بياضا). أكثر بياضا من الشحوب. من كل امريكا الكبرى، الغنية والقوية، ومن كل الجامعات ومعاهد الابحاث، حركات الاحتجاج والاعلام، من كل الخمسين ولاية، هذا ما هو موجود من اجل أن يضرب ترامب.
الولايات المتحدة مرة اخرى قالت "لا" لليسار. ايضا سنوات ترامب الصادمة لم تكفها من اجل استجماع الشجاعة وأن تجرب للمرة الاولى في تاريخها طريق اخرى، طريق الاشتراكية الديمقراطية، وسياسة خارجية تظهر وجه اخلاقي أكثر ومساعدة للضعفاء في بلادها وفي العالم، وأن تجرب امريكا طريق تقول إنه ليس فقط الاموال هي التي تتكلم فيها.
صحيح أن من سبق ترامب، براك اوباما، الذي ساعد اختياره الاعجازي، في تصعيد ترامب كرد فعل، وعد بكل ذلك. ولكن تبين لمزيد الاسف أن هذا كان وعد فارغ. وقد حاول توجيه امريكا في اتجاه آخر، لكن افعاله غرقت في البحر الهائج للسياسة الامريكية التي وضعت له العصي في دواليبه بدون توقف. حتى رئيس حكومة اسرائيل الصغيرة نجح في اهانته واخضاعه. الآن اوباما يساعد نائبه السابق كي يتم انتخابه، لكن بالتأكيد ايضا هو يعرف أنه ليس هو الأمل الكبير الذي تحتاجه بلاده.
مفاجأة: تسلسل الاحداث يشبه التسلسل في الدولة التوأم، اسرائيل. هنا حتى لم يتم للحظة بث أمل بالتغيير، رغم أنه هنا، خلافا للولايات المتحدة، كان هناك في يوم ما اشتراكية ديمقراطية، التي حتى أنها سجلت انجازات لا بأس بها. المرشح الذي تنافس ضد نتنياهو في الانتخابات السابقة كانت شخصية وسط رمادية، المرشح الذي يهدد الآن حكمه هو يميني متطرف أكثر منه.
من اليسار لا نسمع أي كلمة. في اوساط الجمهور اليهودي تقريبا هو غير قائم. الـ 12 سنة من حكم اليمين المتعفن والفاسد أدت بإسرائيليين الى الاستنتاج بأنهم يريدون المزيد من نفس الشيء. ربما فقط ليس بيبي، لكن ايضا فقط ليس اليسار.
الاسرائيليون حتى لم ينخدعوا للحظة بأمل زائف. خلافا للولايات المتحدة هم حتى لم يتركوا فرصة لشخص آخر. بيرني ساندرز الاسرائيلي كان ربما سيجد مكانه في القائمة المشتركة أو في ميرتس. وقد بقينا مع بني بايدن أو جو غانتس، كوعود وحيدة لغد آخر.
إضافة تعقيب