news-details

تطعيم الكورونا وتجار الاكاذيب

  يديعوت أحرنوت- 17/12/2020

*ينشر الناس الاكاذيب في وسائل التواصل الاجتماعي التي لا توقف شركاتها ذلك وعلى الحكومة أن تقوم بواجبها فتفرض على هذه الشركات العقوبات اذا لم تشطب اكاذيب تمس بصحة الجمهور*

هذه أيام صعبة ومحملة بالمخاطر. اللقاح هنا. كما أن مؤشرات الموجة الثالثة ايضا هي هنا. احساس الامن المقترب يهدد بتضليلنا جميعنا. وكلنا على سفينة مثقوبة تمتلئ بالماء كل الوقت. وقد بات المسافرون منذ الان يرون الشاطئ المنشود، التطعيم، ولكنهم لن يصلوا كهم اليه. وقدر خبراء الجامعة العبرية أمس بان مئات كثيرة في اسرائيل سيدخلون الى المستشفيات في وضع صعب في غضون اسابيع، ومعقول أن يموت مئات آخرين حتى شهر شباط.

وعلى السفينة، اذا ما واصلنا في هذا التشبيه قليلا، يركض الناس كل الوقت وينشرون الكذب والبهتان المكشوفين لدرجة التلاعب. ويصرخون لا يوجد شاطئ ولا ينبغي اخراج الماء من السفينة. لا توجد ثقوب في السنة. لا يوجد مرض ولا يوجد وباء والشاطئ – الذي هو التطعيم – خطير ومن الافضل الغرق في بحر الكورونا. ولكل واحد من هؤلاء يوجد مكبر صوت صغير وهذا يسمى بشكل عام الفيس بوك او الواتس اب. واذا كانوا يصرخون باستفزاز كافٍ في الشبكات الاجتماعية فان احدا ما في الاذاعة وربما في التلفزيون سيدعونهم لان يواصلوا الكذب لجمهور أكبر بكثير.

ان شدة التنكر مذهلة. في لحظة ما يكون هذا "طبيبا" مترجما من خارج البلاد يشرح بانه لا يوجد مرض على الاطلاق. وفي لحظة اخرى بوستا عن عقم النساء ممن سيأخذن التطعيم. وفي لحظة اخرى اخرجت عن السياق وثيقة عن دائرة الصحة العامة الامريكية. توجد طبيبة اسرائيلية – ليس لها اي اختصاص ذو صلة بالتطعيمات – قررت ان تشرك رفاقها بالتوازي بين الظواهر الجانبية للتطعيم ومرض هشاشة العظام العضال. رابط لمقال يحذر من تطعيم الاطفال.

وبين هذا وذاك يبرز بوست آخر ضد الكمامات، مع معلومات كاذبة بالطبع. ويوجد تشبيه بين التطعيم والسياميد. وطبيب آخر يقول ان التطعيم "يحقن بروتينا" في اجسادنا سيجعل الفيروس "ينتحر" (اكاذيب)؛ فلا يوجد بروتين في تطعيمات فايزر او موديرنا، والتطعيم لا يدفع الفيروس لينتحر.

وبالطبع مجموعة من عشرات الالاف المتماثلة مع حاخام ما يقنع الناس بالتوبة، كما توجد منظومة اعلامية تدعي بث الحقيقة عن فيروس الكورونا ليس فيها لا اعلام ولا حقيقة، ولكن الفيس بوك على ما يبدو لا يهتم بالامر. كل هذه الامور تحصل على الاعجاب، المشاركات والنشر غير المنقطع. هذا هو حديث اليوم. انت تسير في الشارع فتجد الناس يخافون العاقرات وفي المتاجر يخافون شلل العضلات وشاب في المقهى يتحدث عن بيل غيتس وعن التطعيم. ولديهم جميعا هاتف ذكي في اليد و "برهان" آخر.

اين سمعوا كل هذه الاكاذيب؟ ليس في وسائل اعلام اسرائيلية. بشكل عام. الفيس بوك تعهد في بيان علني في بداية الشهر بان يبدأ بشطب المعلومات الكاذبة والمضللة المرتبطة بالكورونا وبالتطعيم عن صفحاته، بما في ذلك الانستغرام. وبشكل محدد، تحدث عن اكاذيب في موضوع تركيبة التطعيم، مدى أمانه، نجاعته والظواهر الجانبية. وكانت حجته ان هذا "يلحق ضررا حقيقا" كنتيجة للمعلومات الكاذبة. ولكنه اشار الى أن هذه سيستغرق وقتا.

اما نحن فليس لدينا الوقت. والضرر بات هنا. و "هنا" هي كلمة هامة جدا، لانه يوجد انطباع واضح بان البيانات الرائعة هذه موجهة لاوروبا وللولايات المتحدة فقط. اما في باقي العالم، ذاك الذي يتحدث تايلندي، اوردو أو عبري، فالوضع مختلف تماما. نحن الاصليين، القبائل المحلية للشبكات الاجتماعية؛ هنا يأتون لقطف قصب السكر الخاص بهم – الاعلانات التي تباع في السوق المحلية. وهم يهتمون بنا نحن الاصليين بقدر اقل. كما أن هذا يصعب العثور عليه باللغات الاجنبية، فلماذا يتعين عليهم ان يبذلوا الجهد.

وبالتوازي، تعربد الاكاذيب وحملات التضليل عندنا، ومحاولات الفيس بوك لفرض سياسته كسولة، بينما مرجعياتنا الادارية نائمة. هذا صحيح بالنسبة لامريكا الجنوبية مثلما هو صحيح لاسرائيل. بوست في الفيس بوك من بداية تشرين الثاني في البيرو أظهر صورة جنود الى جانب ممرضات في ما وصف كـ "حملة تطعيم اجبارية"، كذب دائم لناشري الاكاذيب يحذر من ان هذه "مجرد البداية". في البيرو وفي اسرائيل ايضا سيكون اناس لن يتلقوا التطعيم لانهم قرأوا بوستا كاذبا وسيكون منهم ايضا من سينقلون العدوى الى الاخرين، ممن سيموتون جراء ذلك. هذه نتيجة شبه حتمية للاكاذيب منفلتة العقال.

ان حرية التعبير ليست حرية الصراخ "حريق" في قاعة مسرح مليء بالناس، كما قال قاضي عليا في الولايات المتحدة. ولكننا لا نتعامل هنا مع حرية التعبير بل عن سياسة لاجل الرفاه العام. حكومتنا نشطة في فرض القيود علينا.

فلعلها مرة واحدة تكون بطلة على الاقوياء. فقد اجازت قانون الكورونا، وكل شيء، ويمكن ان تضاف له مادة صغيرة مع عقوبات كبيرة على شبكات الانترنت التي تسمح بنشر الاكاذيب في المواضيع التي تمس بالصحة العامة. فاذا لم تشطب هذه خبرا كاذبا في غضون 12 ساعة يجب أن يفرض عليها غرامة، ومال هذه الغرامة يوضع في صندوق خاص لشراء الكمامات واجهزة التنفس.

اذا ما تواصل وباء الانباء الملفقة فإننا سنحتاج لها بالتأكيد.

 

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب