جدعون ليفي
هآرتس- 21/6/2020
في إسرائيل حياة السود لا قيمة لها. لذلك، ينكلون بالأفارقة ويطلقون النار على الفلسطينيين. ومع ذلك، باستثناء عدة جمعيات وحفنة من المواطنين الشجعان فإن الاغلبية تصفق أو تتثاءب
مفتشو سلطة الهجرة والسكان مصابون بالملل والاحباط بعد أن انتهى موسم صيد البشر المليء بالإثارة. وكبديل عن الاعتقالات والاختطافات الليلية يقومون الآن بالتنكيل باستمتاع بطالبي اللجوء الذين يأتون الى مكاتب التسجيل من اجل تجديد تأشيرات اقامتهم التي يستحقونها بشكل تلقائي. الصور التي تم عرضها في الاسبوع الماضي في برنامج "همكور" في القناة 13 لا يمكن أن تترك أي شخص له ضمير غير مبال. لقد شوهد فيها تنكيل مجرم وسادي وسيء بأشخاص ضعيفين جدا من قبل موظفين صغار هم ملوك للحظة، يمارسون العنصرية والعبودية المهينة.
جنود الجيش الإسرائيلي ملوا بدرجة لا تقل عن ذلك كما يبدو، لذلك هم يطلقون النار بين حين وآخر على أقدام الفلسطينيين الذين يتسللون الى إسرائيل من مئات الثغرات التي فتحت في جدار الفصل ولم يتم اصلاحها من اجل العمل أو زيارة عائلاتهم. في الاسبوع الماضي قمت بزيارة محطة طولكرم، وهي أحد المعابر الكبرى المؤقتة. مئات الاشخاص، بما في ذلك عائلات كاملة، تجتاز هناك الجدار كل يوم.
شباب عاطلون عن العمل ويائسين، شيوخ فقراء، ازواج يمنع الحظر المتوحش المفروض جمع شملهم ويمزق عائلاتهم وأولاد يتسولون في مفترقات الطرق من اجل التخفيف من معاناة الحصول على لقمة العيش. كل ذلك كان يجب أن يثير الشفقة الانسانية في إسرائيل. وبدلا من ذلك قرر الجيش الإسرائيلي أن يكمن مرة كل بضعة اسابيع لهؤلاء البؤساء وإطلاق النار على اقدامهم أو طردهم حتى الى أن تسيل دماءهم.
باستثناء التنكيل بحد ذاته، لا يوجد لهذه النشاطات "العملياتية" المثيرة للسخرية التي يقوم بها الجيش، أي قيمة. الثغرات بقيت على حالها وآلاف الفلسطينيين اليائسين يواصلون تعريض حياتهم للخطر والتسلل من خلالها. ولو كانوا يريدون استغلالها لتنفيذ عمليات داخل إسرائيل لكان يمكنهم فعل ذلك منذ فترة طويلة. إطلاق النار العرضي على ارجل الفتيان ليس له أي صلة بالأمن.
هناك خط مباشر يربط بين هاتين الساحتين – مكتب الهجرة وجدار الفصل: حياة، كرامة، حرية، ممتلكات، غير اليهود يعتبرون قشرة ثوم في إسرائيل، مسموح استخدام أي شيء ضدهم. وقت وكرامة واجسام طالبي اللجوء الأفارقة وطالبي العمل الفلسطينيين، هي السلعة الارخص في السوق، ثمنها صفر، كم من السهل المس بهم، لا أحد يعاقب على ذلك. هاتان المجموعتان لا يوجد أعجز منهما، لهذا فهما الاكثر ملاحقة. التنكيل بهما هو أمر حكومي، بموجب صلاحيات وترخيص، تستند الى العنصرية والشر الممأسس.
كان يتوقع أن هذا الواقع سيواجه بمعارضة جماهيرية، احتجاج، اظهار التضامن مع الضحايا. ولكن هذا لا يحدث. أمس صادف يوم اللاجئ العالمي. ولكن في دولة معظمها لاجئين واحفاد لاجئين، يهود وفلسطينيين وحفنة من الأفارقة، لا يعترفون بأهمية هذا اليوم، ومشكوك فيه اذا كانوا سمعوا عنه. حتى في ذروة موجة الاحتجاج التي تبعث على الأمل في الولايات المتحدة فإن إسرائيل لم تهتم.
"حياة السود مهمة"، تحول الى نداء الغضب في أميركا. في إسرائيل حياة السود غير مهمة. الدولة المتأثرة بقوتها الوقائية لا تفعل ذلك عندما يتعلق الامر بمظاهرها الاكثر اثارة للإعجاب، مثل موجة الاحتجاج والتضامن التي تغمرها الآن. في إسرائيل، الدولة التي لا تقل اضطهادا وعنصرية وظلما عن الولايات المتحدة، بما في ذلك وجود الديكتاتورية العسكرية في جزء كبير من اراضيها، لا يوجد احتجاج حقيقي على التعامل مع الناس الاكثر ضعفا. ينكلون بالأفارقة ويطلقون النار على الفلسطينيين. وباستثناء عدد من الجمعيات وحفنة من المواطنين الشجعان، الاغلبية تصفق أو تتثاءب.
تخيلوا تحطيم رموز من يرتكبون هذه المظالم، من اللافتات على مكاتب الهجرة وحتى اللافتات في الشوارع والتماثيل التي تعظم المسؤولين عن المظالم في تاريخ الدولة. تخيلوا مسيرات احتجاج جماهيرية، ليس قطاع كهذا أو ذاك من اجل نفسه، بل مسيرات للأغلبية من اجل الاكثر اضطهادا. تخيلوا عشرات آلاف الإسرائيليين يتظاهرون من اجل هدم الجدار ومنح الجنسية لطالبي اللجوء. تخيلوا، هذا يظهر مثل قصة خيال علمي.
إضافة تعقيب