الاستطلاعات تظهر أن حكومة الاحلام التي ستقصي نتنياهو تلوح في الافق. ولكن إذا تم تشكيل حكومة بعد ازاحة نتنياهو فهي ستكون حكومة قامت بإزاحة الظلام ولكنها خلقت ظلام أكبر. لأن اليسار سينتهي وسيكون هناك حزب واحد وشعب واحد والاحتلال سيستمر والمستوطنون سيزدهرون واسرائيل ستواصل كونها دولة ابرتهايد
انتصار كبير يلوح في الانتخابات القريبة القادمة: استطلاع للقناة 13 تم اجراؤه أول أمس تنبأ بـ 66 مقعد لكتلة المعارضين لبنيامين نتنياهو. كتلة جديدة وفجر جديد يبزغ على اسرائيل. يوجد مستقبل، أمل جديد، اسرائيل بيتنا، القائمة المشتركة، العمل، ميرتس وازرق ابيض في كتلة واحدة كبيرة وموحدة. جلوس الاخوة معا.
هكذا ستبدو حكومة الاحلام التي سيتم تشكيلها في اعقاب الانتصار الجميل: يئير لبيد مع بني غانتس، ميراف ميخائيل مع جدعون ساعر، نيتسان هوروفيتس مع افيغدور ليبرمان، وربما ايضا مع نفتالي بينيت. هكذا سيعيش الذئب مع الاغنام. يوجد مستقبل ويوجد أمل جديد لاسرائيل. من الذي قال إن الانتخابات غير هامة؟ إنها مصيرية. الديكتاتور سيتم ارساله الى البيت. وفي يوم جميل، ربما حتى الى السجن. ما الذي نريده أكثر من ذلك؟
الاستطلاعات توقفت عن احتساب يمين ويسار. هي محقة. في هذه الانتخابات لا يوجد يمين ولا يوجد يسار. ومن المشكوك فيه اذا كان هذا موجود ذات يوم. إما أن الفرق بينهما لم يكن فرقا، وإما أن كراهية نتنياهو أخرجت الاحزاب عن اطوارها. من الصعب معرفة أي خيار هو الاسوأ من بين الخيارين؛ الاثنان يبعثان على اليأس.
هذا الاتحاد الكبير تشكل في هذه الاثناء فقط في الاستطلاعات. ولكن هم أنفسهم ليس فقط يتنبأون بالواقع، بل هم ايضا يخلقونه. سنوات كراهية نتنياهو اعطت ثمارها. من الصعب التصديق بأن رئيس من رؤساء هذه الاحزاب سيشارك في حكومته. من الارجح أكثر الافتراض بأنهم سيتحدون من اجل أن يؤدي ذلك الى ازاحته.
عندها كل شيء سيتم وضعه جانبا، الايديولوجيا والاخلاق والاستقامة ودروس الماضي، من اجل تحقيق الهدف الاكبر الذي سيبرر كل الوسائل. هذا واقع هستيري. اسألوا في احتجاج بلفور وسيقولون لكم إن هذا هو تحقيق لحلم. اسألوا المصوتين لهذه الاحزاب، على الاقل بعضهم سيقولون بأنه لا يوجد هدف أسمى من ذلك. من اجل ازاحة نتنياهو يمكن أن نغفر أي شيء. وأخيرا، الحديث يدور عن عملية انقاذ لإسرائيل. هذا لا يعتبر انتهازية أو اضاعة طريق، هذا سيكون عملية طوارئئ تنقذ الحياة.
بعد ذلك، سيأتي الصباح وستستيقظ اسرائيل على واقع جديد. وسيتبين أن هذا هو اسوأ خيار ستواجهه. على أي حال، التلاوات اللزجة التي يتم تسميعها انتهت دائما بصورة سيئة جدا - الوحدة هي تجانس وشلل – لكن بهذه الوحدة لم يفكر أي أحد. باستثناء القائمة المشتركة التي لن تنضم وايضا لن يتم ضمها الى الاحتفال، هذا يظهر الآن مثل احتمالية مرجحة، تطلع لنصف الشعب. لبيد وساعر ربما في تناوب، والباقون كجوقة تشجيع. أي سعادة ستغرق تل ابيب وبناتها، كم من الاسرائيليين سيشعرون بأنهم خرجوا من الظلام الى النور. وبعد ذلك سيحل الظلام الاكبر.
إذا تم تشكيل حكومة كهذه فسيكون من الواضح أنه لم يعد هناك ايديولوجيا في اسرائيل، ولا يوجد بالطبع يسار. ارض واحدة وشعب واحد وحزب واحد ورأي واحد. النغمة سيمليها اليمين، دائما اليمين، والباقون سيتساوقون معه حسب التقاليد. عملية محو اليسار التي بدأت منذ زمن ستصل الى نهايتها. ومن المشكوك فيه أن يكون هناك احتمالية لينهض منها.
التفكير بأن الجلوس في حكومة ساعر – ليبرمان هو عملية شرعية للوسط – يسار، يقول كل شيء. كراهية نتنياهو تفوقت على كل شيء. الحرج البسيط الذي ربما يسود في البداية، سينشر كراهية كبيرة وقديمة اخرى وهي كراهية الاصوليين: هذه الحكومة ستكون نقية منهم، وهذا حلم آخر سيتحقق.
اسرائيل ستواصل عدم معرفة ما الذي ستفعله مع الكورونا. والمستوطنون سيواصلون الازدهار والسلب والطرد. وطالبو اللجوء سيواصلون الصيد بوحشية وعنصرية. وميزانية الدفاع ستواصل الارتفاع. والرفاه والصحة والبيئة والتعليم، جميعها ستواصل الجوع في ظل هذه الحكومة.
وإيران ستواصل كونها خطر أكبر مما هي في الحقيقة، مثلها مثل الاخطار المتخيلة التي لا يمكن لإسرائيل أن تعيش بدونها. والعالم سيصفق. وجو بايدن سيؤيد. ونحن سنتنفس الصعداء. والفلسطينيون سيواصلون النزف على جانب الشارع. والاحتلال سيواصل التنكيل بهم واهانتهم. واسرائيل ستواصل كونها دولة ابرتهايد.
الاساس هو أن نتنياهو ذهب أخيرا.
هآرتس- 4/2/2021
إضافة تعقيب