يديعوت أحرنوت- 5/10/2020
*خطيئة نتنياهو الكبرى، التي لا تغتفر، هي انه حاول ادارة ازمة الكورونا بادوات سياسية. والخطيئة الكبرى للموظفين، من كبار مسؤولي وزارة الصحة هي أنهم سمحوا بهذا الامر. احتمال ان تتدهور اسرائيل الى عصيان مدني*
يدعي الوزير يوفال شتاينتس منذ حزيران أن السبيل الوحيد لإنقاذ الاسرائيليين من مصيبة على مستوى تاريخي هو فرض اغلاق تام عليهم. فلا أحد يأتي أو يخرج. ويستند هذا السيناريو المتطرف لديه الى حسابات بروفيسوريين في الفيزياء وفي الرياضيات، يتناسب مع الواقع في نهاية الاسبوع الماضي، يحذر من امكانية ان نصل الى 30 ألف وفاة. واكرر: 30 ألف وفاة. ينبغي ان يقال في صالحه إن المسألة السياسية التي تنطوي عليها المظاهرات في شارع بلفور لم تشغل باله. فقد جاء الى هذا الجدل بيدين طاهرتين.
إن الحل الذي يقترحه هو تشديد القيود والانفاذ. حد أدنى من المسافة عن البيت، صفر نشاط في الاقتصاد، مزيد من الشرطة في الشوارع، غرامات تعسفية لخارقي الاغلاق، عقوبات. بعض من زملائي في الليكود يعولون على الشرطة؛ فهي ستقمع المظاهرات، ستفرض النظام وتفرض الاغلاق. هو وهم على حد سواء مخطئون.
ما أبقى الاسرائيليين في البيت في الاغلاق الاول كان خليطا من الخوف الشخصي الملموس، واعرابا عن الثقة تجاه المنظومة. كان الخوف حادا على نحو خاص في مجتمع الحريديم. ليس بسبب قرارات الحاخامات او جهاز اعلام حكومي، بل بسبب بشرى ايوب التي جاءت من كراون هايتس، حي الحريديم في نيويورك الذي تعرض للوباء.
وسار بعض الاسرائيليين خلف ما اعتبر كنجاح: حالات ظهور نتنياهو وبار سيمانطوف في التلفزيون، وتجند الموساد وكتيبة "رئاسة الأركان"، التطويرات المرتجلة، الابتكارات. وفقط بعد الفعل تبين بان النجاح لم يكن كبيرا جدا والخروج من الموجة الاولى كان دعوة للكارثة.
ان خطيئة نتنياهو الكبرى، التي لا تغتفر، هي انه حاول ادارة ازمة الكورونا بادوات سياسية. والخطيئة الكبرى للموظفين، من كبار مسؤولي وزارة الصحة هي أنهم سمحوا بهذا الامر. اما الان فإنهم نادمون على الخطيئة، كل بدوره: سيغال سيداتسكي، حزاي ليفي، ايتمار روتو. يحتمل أن يكونوا سعوا الى أن يغطوا بذلك على قصورات جهازهم: يحتمل أن يكون هذا سبيلهم للبقاء. روني غامزو هو الاخر ليس نقيا من المسؤولية.
لم يعرف تسييس الكورونا حدودا. فقد تلقى تعبيرا في المهاتفات الاعتذارية لرئيس الوزراء الى الادموريين ناكري الكورونا ممن حاولت الشرطة فرض القانون عليهم؛ لاقى تعبيرا في القرار لمنع فتح المحلات التجارية الصغيرة، بسبب الخوف من ان فتحها سيعطي سلاحا قانونيا في ايدي المتظاهرين في شارع بلفور؛ لاقى تعبيرا في لحظات الظهور امام الناس لآرييه درعي الذي حاول اعجاب الجميع، ان يبدي المسؤولية، وان يثني على خارقي النظام في نفس اليوم، ان يغلق ويفتح الكنس في نفس الوقت. ان يغمز زملائه على طاولة الحكومة، وغيرها وغيرها.
والنتيجة هي أزمة ثقة من اخطر الازمات التي شهدناها. هوة فتحت بين الحكومة والمواطنين. فلا ثقة بالتعليمات ولا ثقة بدوافع اولئك الذين يقررون التعليمات. عدم الثقة يتجاوز المجال المحدد لمعسكر سياسي واحد. فهو يعيش ويركل في ساحات كبار الحاخامات في بني براك بقدر لا يقل عما يعيش ويركل في مواقع المتظاهرات في تل أبيب.
في الانظمة الدكتاتورية يوجد طريق بسيط، سريع، للتصدي لازمات الثقة: يرسلون كتائب الجيش الى الشوارع ويطلقون النار على كل من يتحرك. اما الانظمة الديمقراطية فتميل الى حلول اقل تعسفا. والحل الواجب، الاقل ايلاما، هو استبدال من يفشل. توجد طرق شرعية لعمل ذلك: من خلال تغيير الشخوص، تصويتات حجب الثقة في الكنيست. لجان تحقيق رسمية، من خلال الانتخابات او المظاهرات. كل هذه الاساليب جربت في اسرائيل بنجاح.
ما يصعب على الوزراء ان يفهموه هو أن هذا لن ينجح بالقوة. فبدون ثقة لن يكون انفاذ للقانون – ليس في الوباء. كل محاولات الشرطة، بداية في القدس وفي مساء السبت في تل أبيب لقمع المظاهرات بالقوة توسع فقط دائرة المتظاهرين وتشدد مقاومتهم. فالاحتجاج كفيل بان يتدحرج الى تمرد: يحتمل أن في المرة الأولى منذ قيام الدولة سنشهد هنا عصيانا مدنيا على مستوى واسع. مؤشرات أولية تأتي من المداولات في الشبكات الاجتماعية.
البداية سهلة، شبه طبيعية: افراد الشرطة حرروا مخالفات للمتظاهرين، وقسم منهم على تجاوزات غير قائمة على الاطلاق في سجل القوانين. المتظاهرون لن يدفعوا الغرامات؛ لا يوجد ما يدعوهم الى دفعها. وسيختارون، كلهم كرجل واحد، المداولات في المحكمة. الجهاز سيغرق.
العصيان المدني يمكن أن يرتدي اشكالا أخرى. فيلم وثائقي يوثق انهيار نظام سلوبودن ميلوشوفيتس، حاكم الصرب اصبح رائجا في أوساط المتظاهرين. ويركز الفيلم على نشاط "اوطفور" (مقاومة)، حركة احتجاج للشبان عملت في الشارع، ليس في الساحة السياسية، ركزت كل طاقتها على اسقاط الحاكم وامتنعت عن العنف. الشرطة ضربوهم، ولكن في النهاية انضموا اليه. إسرائيل ليست صربيا، الحياة ليست فيلما، ولكن النموذج موجود.
إضافة تعقيب