رفيت هيخت
هآرتس- 21/6/2020
اجراء تغيير جذري في اسرائيل هو موقف يثير الخوف في اوساط الكثير من الاسرائيليين لأن لا أحد يحب التنازل عن امتيازاته. وهناك احتمال أكثر من ضئيل بأن دولة كهذه ستتحول إلى حمام دماء ضد الديمقراطية.
يبدو أن دراما الضم آخذة في الانهيار على نفسها. أقل من اسبوعين على الموعد المحدد، يبدو أن ما سيبقى من قصائص الورق الفاخرة التي القيت في الهواء بعد الاحتفال في واشنطن هو بقايا اعلانية أو رمزية بدرجة ما. وكالعادة لدى بنيامين نتنياهو: الكثير من الضجة والقليل من الجوهر (دون التقليل من الامكانية الكامنة لضرر هذه الضجة).
النقاش حول الضم يجري فقط داخل اليمين. والخلاف الرئيسي الذي يمزق المستوطنين في الوقت الحالي هو مسألة الثمن الذي يريد الامريكيون أخذه من الاسرائيليين مقابل فرض سيادة ما حتى ولو على كثبان رملية مهجورة في المناطق.
موقف بيت شماي الذي يمثله رئيس مجلس يشع، دافيد الحياني، يعتبر صفقة القرن "لا تقل عن خطة تقسيم التي الدولة الفلسطينية هي هدفها النهائي". هذا الجناح ينشغل الآن بضغط ذاتي وتنمية المخاوف في الوقت الذي يعتبر فيه الخطة خطرا وجوديا على اسرائيل وليس أقل من ذلك. ولشديد المفارقة فان عددا منهم يقتبس فجأة يتسحاق رابين الذي حسب رأيهم رفض بشكل حاسم وجود دولة فلسطينية، إلى درجة أن نتنياهو لا يعتبر يميني في نظرهم.
موقف بيت هيلل المتمثل بأشخاص مثل رئيس مجلس أفرات، عوديد رفيدي، يتفق مع شرح نتنياهو بأن فرض السيادة يلزم فقط بالبدء في مفاوضات، التي في هذه الاثناء الفلسطينيون لا يأتون اليها، دون تعهد اسرائيلي جوهري بدولة فلسطينية. هكذا، يوجد لاسرائيل، أي المستوطنات، فقط ما يكسبونه من تبني الخطة. هذا موقف كلاسيكي لمباي، الذي يتناسب ايضا مع نموذج نتنياهو الذي يؤيد كسب أكبر قدر من الوقت مع تحرك بالحد الادنى.
يائير غولان، أحد آمال اليسار الصهيوني المقلص، قال إنه سيؤيد الضم اذا اعلنت اسرائيل الانفصال عن الفلسطينيين. تأييد الضم باستثناء البنود الاكثر تفجرا، التي بالتأكيد لن تنفذ، مثل نقل سكان المثلث إلى السلطة الفلسطينية، يمتد فعليا من ياريف لفين ومرورا ببني غانتس وغابي اشكنازي وانتهاء بغولان.
هنا نأتي إلى السبب الرئيسي الذي بسببه اليسار تقريبا لا يوجد في حوار الضم، باستثناء موقف اخلاقي سمع من قلائل. حل الدولتين هو حمار ميت تم دفنه في هوامش الوعي الاسرائيلي في الانتفاضة الثانية والآن يتم اجراء تنفس اصطناعي له عن طريق نتنياهو. وإذا وافقنا على موقف بيت شماي للمستوطنين، الذي بالضبط يبدو منطقي على خلفية الرسائل التي تصل من الامريكيين، فان نتنياهو قريب من خطاب بار ايلان أكثر مما هو قريب من قانون التسوية، طالما أنه يعمل ولا يختار الامكانية المفضلة عليه: تجميد شميري.
يوجد لليسار الصهيوني نطاق معارضة محدود جدا للخطة، التي تقوم على المتاجرة بعدة سنتيمترات وبلاغة كلامية. المعارضة الحقيقية لليسار لخطة ترامب والتي تقمع الفلسطينيين وتهينهم هي الانفجار الفكري لليسار الراديكالي، الذي يقترح رقعة لعب جديدة وجغرافيا بديلة. من الآن فصاعدا لا يوجد ترسيم للحدود، وتخطيط محكم للمعابر وخلق كيانات من لا شيء، التي اساسها التملص من دولة فلسطينية لها جيش ولها حرية فضاء، بل لعبة جديدة تجتث من الجذور التفوق اليهودي في كل سنتيمتر من البحر وحتى النهر، وتغير طبيعة الدولة اليهودية حتى في حدود 1948.
هذا موقف يثير الخوف والخشية في اوساط اسرائيليين كثيرين. أولا، لا أحد يحب التنازل عن امتيازاته. وثانيا، هناك احتمال ضئيل جدا بأن هذه الدولة ستتحول إلى حمام دماء ضد الديمقراطية. والمؤيدون اليهود لهذه الاحتمالية يصلون إلى الاغلبية، بالتحديد من قلب ذوي الامتيازات الاقتصادية والطبقية.
ومشكوك فيه اذا كانوا يريدون العيش في دولة كما يبدو لا تظهر كحلمهم الرومانسي والخيالي، لكن هذا على الاقل موقف متماسك ومتميز ويشكل صورة طبق الاصل وحقيقية للفكرة المؤسسة والمنظمة لليمين الايديولوجي وهي ترسيخ التفوق اليهودي كهدف وقيمة بدعم الهي.
إضافة تعقيب