هآرتس- 22/11/2020
*الوقت المسروق من السكان الفلسطينيين غير مرئي ولا يمكن لمسه وهو لا ينزف الدماء. وخلافا للأرض المسروقة فانه لا يمكن اعادته*
الجيش الاسرائيلي يدرب جنوده ايضا على سادية لينة وناجعة، ليس من الصنف الجسدي بل النفسي. في كل يوم مهمة عشرات الجنود من ابناء 18 – 20 هي سرقة وقت مئات الفلسطينيين من جميع الاعمار، وتحويله الى عصيدة من الاعصاب المشدودة والمواعيد الضائعة وعدم اليقين والادوار للطبيب التي تم الغاءها والتأخر عن وجبة العشاء مع الاولاد.
هذا الامر ينفذ عن طريق الحواجز الداخلية في الضفة الغربية – سواء الحواجز الثابتة أم الحواجز الطيارة والفجائية (نهب الزمن في حواجز الخروج من الضفة الغربية هو سادية من نوع مختلف قليلا). الحواجز هي نشاط مسلح ومتعمد، التي نتيجتها المباشرة هي تقصير الحياة النشطة، المنتجة، حوالي نصف ساعة أو ساعة اخرى كل يوم.
الوقت المسروق هو أمر غير مرئي، لا يمكن لمسه وهو لا ينزف الدم. الوقت الضائع ليس وقت اليهود في اكتظاظ مروري، لهذا فان وقف الحياة لا يشكل "خبر"، كما أن هذا الامر يعتبر نشاط روتيني، عكس الامر الجديد. والى جانب الدم فان الصحف تحب ايضا الامور "الاستثنائية والغريبة".
ولكن العادي هو الخبز اليومي للماكثين بصورة غير قانونية. وهاكم ما حدث. في يوم الثلاثاء، 10 تشرين الثاني، الساعة التاسعة والنصف ليلا، كان هناك صف طويل جدا من السيارات خلف الحاجز العسكري الثابت في المخرج الشمالي الشرقي لرام الله والبيرة. ذيل الصف يوجد في ميدان "سيتي ان" في شارع نابلس، وبدايته تحت مظلة الحاجز بين المكعبات الاسمنتية فيه، أي أن طوله كان حوالي 400 متر. مصابيح السيارات اطفئت وأنا كنت اسافر باتجاه رام الله، طريق الدخول كانت مفتوحة، وفيها رأيت في مسار الخروج سيارة واحدة تم وقفها وقربها جنديان. هي لم تتحرك وكل السيارات التي كانت خلفها تجمدت في مكانها.
لم أتوقف جانبا الى أن بدأ شريط الاضواء يتحرك. لم أنزل من السيارة كي اسأل الجنود المسلحين عما يحدث، فهذا حاجز ممنوع على المشاة السير فيه. لم أكن ارغب في أن افحص على جسدي هل الجنود يحرصون على تطبيق أمر التوقيف (يصرخون: توقف، وليس مباشرة يطلقون على المرأة التي تمشي). ولكن من التجربة عرفت: هذا صف طويل جدا لا يتحرك في وقت ليس وقت ذروة – المعنى هو الانتظار هناك لفترة طويلة. لم يتجرأ أي سائق على أن يطلق صافرة السيارة وأن يظهر العصبية. الهدوء الذي لف السيارات العالقة اظهر التسليم بالواقع والخضوع الظاهري. ومن تحته كان هناك حريق مشتعل.
بعد ثلاثة ايام على ذلك، في يوم الجمعة 13 تشرين الثاني، حوالي الساعة الرابعة والربع بعد الظهر، كنت اسير في شارع بير زيت – النبي صالح. على مدخل القرية الصغيرة عطارة كان يقف صفان من السيارات، أحدهما رأسه الى المخرج والثاني رأسه الى الداخل، الى القرية. جنديان مسلحان وقفا في الوسط ولم أنتبه اذا كان هناك جيب عسكري. السيارات التي كانت تعمها مشاعر التسليم لم تتحرك.
ايضا في هذه المرة لم أتوقف. اسرعت وخفت من أن الجنود سينتقمون من السائقين الفلسطينيين ويطيلوا زمن التأخير اذا جئت وطرحت الاحتجاج. واصلت السير نحو الغرب. على مدخل قرية النبي صالح كان يمكن رؤية نفس المشهد، صفان من السيارات، جنديان، السيارات تنتظر وتنتظر. في نفس اليوم وضع في ارجاء الضفة 16 حاجز فجائي، في أحدها تم توقيف شخص، حسب تقارير قسم المفاوضات في م.ت.ف. في 15 الشهر الحالي كان هناك 18 حاجز فجائي، وبعد يومين كان 12 حاجز. كم من القوى الشريرة توجد في أيدي الجنديين المسلحين.
أرسلت للمتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي الاسئلة التالية: فيما يتعلق بالحاجز الدائم – هل كانت هناك سيارة معينة يتم فحصها طوال هذا الوقت، لذلك تم خلق هذا الصف الطويل، أم أن هذا كان فحص روتيني لكل السيارات؟ هل تم تنفيذ اعتقال في المكان؟ متى تم انهاء هذا الاختناق المروري؟ لماذا عندما يقومون بتأخير السيارات في هذا الحاجز لأي سبب كان لا يقومون بوقفها على الجانب (مثلا مثلما في حاجز حزما الذي يمر فيه ايضا مستوطنون اسرائيليون آخرون) من اجل أن لا يعاني من التأخير عشرات السائقين الآخرين؟
بالنسبة للحواجز الفجائية سألت: هل الحديث يدور عن حواجز روتينية في هذه المنطقة في ايام الجمعة؟ اذا كان الجواب لا، هل كان هناك سبب معين لوضع الحواجز في هاتين القريتين في يوم الجمعة وما هو هذا السبب؟ منذ متى والى أي وقت تم وضع الحواجز في هاتين القريتين؟ هل تم اجراء اعتقالات على هذين الحاجزين؟
هكذا اجاب – لم يجب المتحدث بلسان الجيش على اسئلتي: "قوات الجيش الاسرائيلي تقوم بنشاطات عملياتية متنوعة من اجل الحفاظ على أمن السكان (أي المستوطنين) في منطقة يهودا والسامرة. كجزء من هذه النشاطات يضع الجيش بين الفينة والاخرى حواجز طيارة في المفترقات الرئيسية ويقومون بالفحص طبقا لتقدير الوضع واستنادا لمعلومات استخبارية ذات علاقة.
هذه وسيلة عملياتية فعالة، وبين حين وآخر تم القاء القبض على مشبوهين وسلاح كنتيجة لهذه النشاطات العملياتية – ويجب التأكيد على أنه الى جانب الضرورة العملياتية لهذه النشاطات، فانه تستخدم من قبل قوات الجيش الاسرائيلي جميع الوسائل الممكنة من اجل الحفاظ على نمط حياة سليم للمسافرين على المحاور".
نمط الحياة السوي لنظام عسكري اجنبي ومفروض يرتبط ايضا بتنكيل نفسي للرعايا وبإهانتهم. إن السيطرة على وقت الرعايا يكمل السيطرة على الارض، ولكن الوقت لن يكون بالامكان اعادته.
إضافة تعقيب