معاريف- 7/6/2020
تطبيق الخريطة التي ترسم الان بتنسيق مع الأميركيين سيبقي إسرائيل اسيرة مثلما هي امام قطاع غزة، في ايدي منظمات فلسطينية. يجب وقف هذا الجنون
قبل بضعة أيام صدف لي أن اطلعت على تغريدة لشلومو فيلبر. لست أدري إلى أي آذان كانت موجهة. فقد كان التوجه الرسمي لرؤساء مجلس "ييشع" الذين يزعم أنهم لا يفهمون السياسة العالمية والجغرافيا السياسية؛ مما دفعه لان يحثهم على تبني "بسط السيادة"، إذ أنه تشبه في نظره ليس أقل من الغاء العبودية، في حينه، في بعض من الولايات الأميركية أو لإعطاء حق الاقتراع للنساء في بعض من دول العالم.
لا أريد أن أتناول بالطبع جودة المبررات، رغم تشوش المفاهيم الذي يظهر فيها، خوفا من أن يزل لساني لا سمح الله فأمس بالقدرات الفكرية لـ "الشاهد الذهبي" في ملف 4000 ولكن يخيل لي أنه يوجد مثلها غير قليل في الشبكات الاجتماعية.
لا يدور الحديث عن "كرة ثلج"، ما يقول المغرد، لا يمكن وقفها؛ بمعنى أن الضم الجزئي سيتحول مع السنين إلى ضم كامل. العالم كله لن يقف مندهشا من الذكاء الإسرائيلي المزعوم. فنحن لا نأخذ الا الجزر الذي في خطة الرئيس الأميركي ونرفض العصي. هذا لن يحصل بل ولا يمكنه أن يحصل ايضا. فالخريطة المرسومة الان، بتنسيق مع الأميركيين هي الخريطة التي سيتبناها كل العالم، وتنفيذها بالذات هو الذي سيصبح كرة الثلج التي تدهورنا كلنا إلى سفوح الجبل.
هذه عمليا تقرر حدود الدولة التي ستقوم غربي النهر وتثبت عمليا موافقتنا على اقامتها. وهي تترك بلدات كثيرة في نطاق الدولة الفلسطينية المستقبلية؛ مثلما تترك ايضا طرقا مركزية ومناطق تحكم عديدة على سفوح السهل الساحلي. يروون لي بانه اذا لم تتغير الخريطة، فسيضطر سكان غوش عتسيون إلى السفر إلى القدس عبر كريات جات، وذلك فقط مثال واحد على ما في الخريطة من سخافات.
لن يكون ممكنا الهرب من هذه الخريطة. يمكن للفلسطينيين ان يقيموا في الارض المخصصة في الخريطة دولتهم، ويواصلوا من هناك إلى الامام. كل الشروط اللازمة التي تقررت في مخطط الرئيس الأميركي سيلقى بها إلى القمامة. فببساطة سيفعل الفلسطينيون ما نسعى لان نفعله نحن الان؛ ولن تكون حتى ولا دولة واحدة في العالم ستسألهم "وماذا عن الشروط اللازمة؟".
هذه "الدولة" ستقبل في منظمة الامم المتحدة غداة قيامها ولن يتمكن الجيش الإسرائيلي من الدخول إلى نطاقها. سيكون هذا تجاوز محظور لحدود دولية. وحتى الأميركيين لن يكون بوسعهم التسليم باجتياح نابلس او جنين او رام الله، حتى لو اطلق احد ما من هناك صواريخ نحو غوش دان. وإسرائيل ستبقى اسيرة، مثلما امام قطاع غزة، في ايدي المنظمات التي ستنبت هناك.
السلام لن يحل مع الدولة التي ستقوم في قلب بلاد إسرائيل. وحتى التجريد من السلاح لن يكون هناك. هي ستكون كالشوكة في حلق إسرائيل. لا تلفظ ولا تبتلع. ولا ينبغي أن يكون شك لدى أحد: العرب الذين يسكنون في نطاق الدولة اليهودية، الذين يدعون انهم جزء من الشعب الفلسطيني سيطلبون في مرحلة معينة "الاتحاد" مع الدولة التي توجد على مسافة غير بعيدة من بيوتهم في المثلث، في وادي عارة، في النقب أو في الجليل.
لقد سبق لهذا أن حصل في اماكن اخرى في العالم. ناهيك عن ملايين "اللاجئين" الذين سيطلبون الوصول إلى الدولة الفلسطينية التي قامت لتوها. الكثيرون منهم سيستقرون بلا شك على الحدود الشرقية لإسرائيل. ينظرون غربا إلى الاماكن التي هجرها اباؤهم في 1948. والرغبة في قضم الدولة اليهودية ستزداد كل الوقت، وفي نهاية الامل سنحصل على "دولتين". الاولى "فلسطينية" والاخرى دولة "كل مواطنيها".
شيء ما حقا معوج يجري أمام ناظرينا. والافتراض بان الفلسطينيين سيفوتون مرة اخرى الفرصة للتصرف بحكمة من شأنه الا يتحقق. فهم اكثر ذكاء بكثير. هم يقررون الحقائق على الارض مثلما درج اليهود في الماضي السحيق، في ظل استغلال وهننا.
ما يحصل في النقب مثلا يجب أن يبعث على قلق حقيقي. اذا قامت دولة فلسطينية ترتبط بقطاع غزة بـ "معبر آمن"، حيث تكون على مسافة غير بعيدة من هناك المناطق السيادية التي تخلت عنها إسرائيل في صالح الدولة الفلسطينية فإن العودة إلى "حدود التقسيم" للعام 1947 ستكون أقرب من أي وقت مضى. يجب وقف هذا الجنون.
إضافة تعقيب