هآرتس- 15/6/2020
جارد كوشنر يقود الخط المنضبط في الادارة الأميركية الذي يعمل على تأجيل خطة الضم. ويبدو أن صهره الرئيس الأميركي ترامب لن يسارع إلى الدفع قدما بهذه الخطوة آخذا في الحسبان المشاكل الداخلية
الصيغة النهائية لخطة الضم لم تحسم طبقا لعلاقات القوى بين الليكود وكحول لفان في الحكومة. ويبدو ايضا أنه ليس طبقا للمعارضات التي سيسمعها رؤساء جهاز الامن. يبدو أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يستخف بوزن البند الاول.
ومشكوك فيه اذا كان يعطي اهمية كبيرة جدا للبند الثاني، رغم أنه في السابق مال إلى الاصغاء لتحذيرات الضباط الكبار في الجيش وضباط الشاباك. مصير الضم وحجمه سيحدد في النهاية بين واشنطن والقدس حسب الضغوط التي ستستخدم من البيت الابيض وبعد حسم صراع القوى الداخلي في طاقم السلام في الادارة الأميركية.
نتنياهو القى قنبلة الضم على النار المشتعلة أصلا في الشرق الاوسط في ذروة ازمة الكورونا لاعتبارات شخصية واضحة. ووعود الضم تمكنه من طرح مسألة جديدة على جدول الاعمال الوطني. وفي نفس الوقت تسهل عليه خلق رواية جديدة حول بدء محاكمته على مخالفات الرشوة والتحايل وخيانة الامانة.
الادعاءات القديمة التي تقول إنه "لن يكون هناك شيء" لأنه لن يتم العثور على أدلة حقيقية ضده، نسيت منذ زمن. وهذه الادعاءات لم تسمع منذ تقديم لائحة الاتهام وتبين حجم الأدلة التي توجد في أيدي النيابة. وبدلا منها جاء مؤخرا ادعاء ايديولوجي متأخر استهدف تعزيز دعم اليمين لخطواته ضد جهاز القضاء.
في عرض غير مسبوق قام به قبل دخوله إلى القاعة التي بدأت فيها في نهاية الشهر محاكمته في المحكمة المركزية في القدس، عرض نتنياهو الادعاء التالي: تقديمه للمحاكمة هو في الحقيقة مؤامرة من اليسار استهدفت ابعاد رئيس الحكومة من الطريق، الذي أحسن الحفاظ على ارض إسرائيل. ولو أنه وافق على أن يكون "كلبا مطيعا"، حسب تعبيره، لكان سيبقى في منصبه. الوزراء واعضاء الكنيست من الليكود الذين تم استدعاءهم من اجل أن يكونوا كومبارس في هذا العرض هزوا الرؤوس بالموافقة من خلف الاقنعة.
وتنضم إلى هذا الادعاء الايديولوجي الحملة المنظمة ضد المستشار القضائي للحكومة، افيحاي مندلبليت. وقد وصلت الحملة أمس إلى النتائج المنطقية المطلوبة في تغريدات مؤيدي بيبي في تويتر: اذا كان المستشار القضائي متهم كما يبدو بقضايا جنائية بسبب سلوكه في قضية هيرباز فيجب أصلا الغاء لائحة الاتهام التي قدمها هو نفسه ضد نتنياهو. فكيف سيؤثر هذا على سريان لوائح الاتهام الاخرى في الدولة؟ لننتظر ونرى.
في هذه الاثناء، هذا الهجوم الشديد والفعال في الانترنت الذي يتعرض له مندلبليت يخلق رادع حتى ازاء احتمال آخر يقلق المقر في شارع بلفور: فتح تحقيق في قضية الاسهم التي حصل عليها نتنياهو من ابن عمه، وهي القضية التي تفرعت عن قضية الغواصات والسفن. وتعيين امير اوحانا وزيرا للأمن الداخلي يمكن أن يشكل وسيلة كبح ضد توسع تحقيقات الشرطة التي يقف على رأسها القائم بأعمال المفتش العام للشرطة، والذي يطمح لتعيينه بشكل ثابت.
صعوبة اخرى ورئيسية تكمن لنتنياهو في واشنطن. جارد كوشنر، صهر ومستشار الرئيس دونالد ترامب، يقود حسب التقارير الخط الاكثر انضباطا، الذي يريد تقليص أو تأجيل خطة الضم. وكوشنر يحافظ على خط مفتوح مع رؤساء كحول لفان. وحتى الخطوة المدوية في نهاية الاسبوع الماضي ظهرت مرتبطة بخططه. والمقال الذي نشره سفير دولة الامارات في واشنطن، أنور العتيبة، في صحيفة "يديعوت احرونوت"، حذر إسرائيل من التداعيات الخطيرة للضم على تسخين علاقاتها مع دول الخليج.
وهذا يتفق مع مقاربة كوشنر الذي يقيم علاقات وثيقة مع دولة الامارات والسعودية. نشر المقال غرس ابرة حادة في البالون الذي يطلقه مكتب رئيس الحكومة والذي بحسبه دول الخليج ستمر مرور الكرام على عملية الضم أحادية الجانب التي ستقوم بها إسرائيل. ويمكن الافتراض بأنه قريبا سنسمع اصوات مشابهة بشكل علني من الاردن. فعمان قلقة أكثر من تداعيات الضم حتى، لا سيما اذا حدث ذلك مثلما قال نتنياهو عشية جولة الانتخابات الثانية في ايلول الماضي في غور الاردن.
اعتبار رئيسي آخر يتعلق بموقف الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة. المرشح الظاهر للرئاسة، جو بايدن، وقف بشدة ضد الضم. إسرائيل حصلت في السابق على دعم الحزبين في واشنطن. وهذه الافضلية اختفت في السنوات الاخيرة بسبب العلاقات الوثيقة وربما القريبة جدا بين نتنياهو وترامب، والتي أثارت الغضب في اوساط الديمقراطيين. وفي موضوع الضم لا يمكن أن نجد حتى صوت ديمقراطي واحد يؤيد موقف نتنياهو.
وفي الوقت الذي فيه الاستطلاعات في الولايات المتحدة حتى الآن إلى فوز بايدن، فان هذا موضوع يجب على نتنياهو أن يأخذه في الحسبان. وحسب تقارير في وسائل الاعلام الأميركية، ايضا اللوبي الذي يؤيد إسرائيل "الايباك"، يمتنع في هذه المرة عن اتخاذ موقف علني يؤيد نتنياهو.
موعد انطلاق وليس نهاية
رئيس الحكومة لم يعط أي اشارات حتى الآن عن نيته للتراجع عن خططه. وهو سيجد صعوبة في النزول عن شجرة وعوده لليمين، الذي جزء بارز منه، وعلى رأسه قيادة المستوطنين، يرفض اقتراح الضم بذريعة أنه يتنازل عن عدد من المستوطنات والبؤر الاستيطانية. الاول من تموز هو موعد انطلاق، وربما نتنياهو سيضطر إلى ابطاء وتيرة الانشغال بالضم بالتنسيق مع البيت الابيض.
وعلى أي حال، سيكون من الصعب تركيز انتباه ترامب على الضم، مع الأخذ في الحسبان كل ما يحدث الآن في الولايات المتحدة. السلطة الفلسطينية تهدد دائما بقطع العلاقات مع إسرائيل، وربما بالانهيار الكامل لاتفاقات اوسلو اذا تحقق الضم.
ولكن وجدت الآن لإسرائيل مشكلة موازية ايضا في قطاع غزة. ففي الايام الاخيرة تجدد، الآن بحجم مقلص، اطلاق البالونات الحارقة من القطاع. وفي هذه الاثناء يسمع تهديد بأحياء نشاطات "وحدات الازعاج الليلية" لحماس التي قامت بالاستفزازات قرب الجدار امام الجيش الإسرائيلي إلى أن تم تهدئة المظاهرات في بداية العام الحالي.
يبدو أن اعتبارات حماس مزدوجة. أولا، هي تريد أن تسرع بواسطة التهديد بالعنف وتيرة تحويل الاموال للقطاع، التي تم ابطاءها بسبب التأخير من الممولة قطر. ثانيا، هذا يبدو كتمهيد للأرض لاحتمالية اشتعال على خلفية الضم. ففي الوقت الذي فيه السلطة وحركة فتح تهددان إسرائيل، فإن حماس لا يمكنها أن تبقى تماما في الخلف. والتصعيد في الضفة الغربية سيؤثر ايضا على شدة العنف في قطاع غزة.
إضافة تعقيب