هآرتس- 12/1/2021
*عزرا ناوي الذي توفي في يوم السبت الماضي كان رمز للوقوف في وجه الاحتلال. وكراهية المستوطنين ورجال الشرطة والجنود له هي وسام شرف بالنسبة له*
كراهية المستوطنين، رجال الشرطة والجنود، لعزرا ناوي هي وسام شرف له. دليل على أنه ازعج نظام التفوق اليهودي، الذي يمثله ويطوره الاوائل والاخيرين يقومون بحمايته وتعزيزه. ولكن عزرا لم يزعج النظام الفاسد والمفسد من اجل الحصول على الاحترام والدعاية والهالة. فمقت هذا النظام كان جزء من شخصيته. العمل من اجل عقلانية انسانية كان جزءا طبيعيا من حياته، ومن روتينه اليومي.
والاكثر صحة، هو جسد العقلانية عندما رافق مع نشطاء "تعايش" آخرين رعاة فلسطينيين عندما قام يهود عنيفين بوضع عيونهم على اراضيهم، وعندما دخل لوحده خيمة حيث اسنان الجرافة التابعة للادارة المدنية بدأت في قضمها، وعندما انضم الى اعمال اعادة البناء لبئر لدى تجمعات فلسطينية تعمل اسرائيل من اجل تفكيكها وهدمها، وعندما ترجم للمحامي من العربية الى العبرية، شهادات الفلاحين الذين تنكل بهم قوات السواد، وعندما تظاهر في الشيخ جراح ضد طرد فلسطينيين من بيوتهم، وعندما تحدى سلطة الجنود ورجال الشرطة المسلحين.
باسم العقلانية وزع بالونات ملونة على الاطفال في التجمعات التي تقع جنوب جبل الخليل من اجل رسم البسمة على وجوههم: منذ الولادة تم فصلهم على يد ممثلي النظام السادة ومن يدعمونهم. وفي ايام الجمعة، ببادرة حسن نية أنيقة وسخية عاطفيا، وزع الورود على "نساء بالسواد"، اللواتي يتظاهرن منذ الانتفاضة الاولى.
في صباح يوم السبت توفي. في يوم الاربعاء الماضي حيث كان في فراشه ومربوط بجهاز التغذية القسرية، لم يكن حينها يستطيع البلع أو الشرب لوحده، وكان غاضب لأنه ما زال على قيد الحياة بهذا الوضع (الورم الخبيث في دماغه عاد وهاجمه)، قال لي بكلمات ساخرة: "لقد كان يمكنني فعل الكثير". إن مصافحته لي كانت دافئة وقوية.
قبل ثلاثة اسابيع من ذلك كان لا يزال يقف على قدميه وكان يعانق وكأنه لا توجد كورونا. طبيبة بلهجة روسية ارسلت من قبل صندوق المرضى من اجل فحص حالته. وقد كانت محرجة من المباشرة التي قال فيها "أنا شخص مثلي". وسألت ماذا فعل في حياته. قلت لها: "لديكم في الاتحاد السوفييتي اطلقوا على شخص مثله شاب". هكذا قال.
كان يدخن ("لن أموت من السجائر"). اقتبس أحد الامثلة العربية التي تعلمها من جدته العراقية والتي دائما ادخلها في محادثاته وكأنه ولد في البصرة، مثل أمه وأخته البكر. وقد زين اقواله بفظاظته المعتادة واشتكى من أن ابناء عائلته لم يسمحوا له بالانتحار. ولكنه اشتكى بدفء، واخوته واخواته الذين كانوا في الغرفة سمعوا بحب وتفهم: منذ أن اصيب بالمرض كانوا معه، سبعة ايام، 24 ساعة، يهتمون بكل شيء، يعتنون به بصورة طبيعية ويدركون أن الدخول الى خصوصيته صعب عليه.
حتى صديقاته واصدقاءه من اليسار المقدسي الراديكالي الصغير حرصوا على زيارته بشكل متواصل. من الشلل الذي اصابه بعد فترة قصيرة من نشر تحقيق عنه في "عوفداه" والذي ارتكز على الكراهية المصورة لممثلي النظام السادة السالبين، قبل وبعد عملية استئصال الورم من رأسه وحتى وفاته. في مجموعة الواتس اب "زيارات لدى عزرا" هم الآن يبكون على رحيله ويشيرون الى أنه لم يكن له شبيه في محاربة الظلم.
هنا أنا اختلف معه. التفكير اليساري يقتضي التنصل من أي ميل للتصنيف والثنائية والسرور من النضال والمناضلين، هناك المزيد من النشطاء والنشيطات الذين يعملون في وحدات، في "تعايش" وفي مجموعات اخرى، الذين يكرسون وقتهم وجهودهم من اجل أن يغرسوا الابر في عجلات النهب والاستغلال.
هم ليسوا محصنين مثل عزرا، ولا يثيرون البهجة مثله، ولديهم مزايا ومؤهلات وعيوب مختلفة عما يوجد لديه – من هو الانسان اذا لم تكن لديه عيوب؟ كل واحد بطريقته، كل واحدة بطريقتها، هم منشقون، يحتقرون التفوق والسيادة بحد ذاتها، والسيادة اليهودية بشكل خاص. ليس ذنبهم أنهم أقلية، وأن الآخرين الذين يفكرون مثلهم غير مبالين ولا يساعدون، وليس ذنبهم أن الشر هو قوي جدا.
إضافة تعقيب