news-details

عن عمى إيهود باراك

*إن العمى الذي يتحدث عنه باراك في مقاله "عن العمى" هو عمى أصابه منذ فترة طويلة عندما لم يرىَ ما فعله بتضييعه فرصة إخلاء المستوطنين وعدم تنفيذ النبضة الثالثة من اتفاق أوسلو عندما كان في الحكم، والذي بعماه بدأ بتصفية حل الدولتين وخلق الظروف المناسبة لازدهار المستوطنات لتصل إلى أبعادها الحالية غير القابلة للإخلاء*

 

 

"الرصانة، فتح العيون والاستعداد للعمل هي ما تقتضيه الساعة" هكذا يقول إيهود باراك ("عن العمى" هآرتس في 26/12) ويحذر من أن بيني غانتس يجب أن "يركز على إقناع رؤساء الأحزاب الذين على يساره أن يتحدوا"، لئلا يمنع عماه القيادي احتمالية "تشكيل حكومة تعيد اسرائيل إلى سكة صهيونية "إعلان الاستقلال"، والتي فيها يشارك "الحريديم وأوساط يمينية"، والذين معهم "يستطيع أن يساوم من موقف قوة" كرئيس للكتلة الفائزة. 

"افتحوا عيونكم" يطلب باراك من القراء، "ما يحدث في بلفور (شارع في القدس الغربية، حيث المقر الدائم لرئيس الحكومة) ليس اسرائيل التي حلمنا بها وحاربنا من أجلها" بيد أن عمى باراك يصرخ للسماء. ما هي "سكة صهيونية إعلان الاستقلال؟" هل يعتقد باراك أن غانتس يتمتع بمستوى وبالصلاحيات القيادية المطلوبة لإخلاء أكثر من مئة ألف مستوطن من المستوطنات المنعزلة في الضفة الغربية؟

هل يبدو له أن إجراء مفاوضات ائتلافية من "موقف قوة" سيجبر الحريديم واجهات اليمين على الموافقة على إخلاء كهذا؟ هل هو يعتقد أن نفس الجمهور الاسرائيلي الذي بصعوبة يمكن المعسكر الديمقراطي وحزب العمل من اجتياز نسبة الحسم، والذي لم يدخله هو نفسه إلى الكنيست- يؤيد إخلاء عدد كبير كهذا من المستوطنين؟

وبافتراض ان غانتس لا يريد ولن يحصل على تفويض بإخلاء مستوطنين من يتسهار وتبوح- حينها أي "سكة صهيونية إعلان استقلال" في رأسه؟ هذا الرجل الأعمى، ومعه كل اليسار الصهيوني الضرير والمتعفن والذي عفا عليه الزمن، الذي لم يعد يرى الواقع كما هو بدلاً من رؤية رغباته، يرفض الاعتراف بحقيقة أنه قد عفا الزمن على "سكة صهيونية إعلان الاستقلال". لأنها لا تقود إلى أي مكان. 

المأساة تكمن في حقيقة أن باراك يتمتع بالمؤهلات المطلوبة لإخلاء المستوطنين. لقد كان لديه فرصة للقيام بذلك عندما انتخب لرئاسة الحكومة. ولكنه ضيعها بعمى. الزعيم الاسرائيلي الأخير الذي كان قادراً على إخلاء مستوطنين من الضفة كان شارون. هو لم يكن حقاً أعمى. كان له القدرة وكان لديه النية، وقد أشار إليها عندما أخلى مستوطنة سانور الواقعة في السامرة. هو أيضاً كان يحظى بدعم واسع من الشعب لخطوة كهذه.

ولكنه لم يتسنى له تنفيذها. غانتس، لبيد ويعلون حتى لا يحلمون بالمحاولة. إذا كان الأمر كذلك ما الفائدة من فوز كتلة غانتس؟ في كل ما يتعلق بالاحتلال لا يوجد شيء من هذا القبيل. غانتس ضبابي مثل لندن: الغرق في دولة أبرتهايد ثنائية القومية سيكون أكثر راحة تحت قيادته.

بافتراض أن "ما يحدث في بلفور ليس هو اسرائيل التي حلمنا بها وحاربنا من أجلها"- عن أي اسرائيل حلم وحارب هذا الرجل الأعمى؟ عن اسرائيل بعماها طرد فلسطينيين من بيوتهم في العام 48 ومنعتهم من العودة في العام 49؟ عن اسرائيل التي واصلت السيطرة في الضفة بعد احتلالها في 1967 عن اسرائيل العمياء التي شنت حرب لبنان الأولى؟ او ربما عن اسرائيل التي كانت تحت قيادته في سنة 2000 لم تنفذ النبضة الثالثة كمكان يتوجب حسب اتفاقات أوسلو، وأبقت منطقة ج (60% من الضفة وشرق القدس تحت سيطرتها؟). 

أجل كان هذا باراك الذي بعماه بدأ بتصفية حل الدولتين والذي أوجد الظروف التي ازدهرت فيها المستوطنات حتى وصلت إلى حجمها الحالي غير القابل للإخلاء. كان هذا هو باراك الذي أنزل الصهيونية من سكة إعلان الاستقلال. نفس "اسرائيل التي حلمنا بها وحاربنا من أجلها"، اسرائيل مثالية، لا تحاول أن تحتل وتهجر الفلسطينيين، هي اسرائيل لم تكن موجودة في يوم من الأيام. لقد كانت حلماً.

 

 

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب