news-details

عنف المستوطنين: هل الحديث يدور حقا عن اعشاب غريبة؟

هآرتس- 1/4/2022
         
في كل حدث من احداث العنف أو خرق النظام من قبل مستوطنين يجب السؤال من الذي قام بتغذيته. وبسرعة سنعرف أن المسؤولية تتعدى عدد قليل من "الاعشاب الغريبة"

          الغزو الروسي لاوكرانيا الذي هو في مركز الخطاب الاسرائيلي يحرف الاهتمام، الذي هو في الاصل قليل، عن العنف المستمر لعصابات الارهاب اليهودية في الضفة الغربية. ايضا في الاسابيع الاخيرة عرفنا، ضمن امور اخرى، أنه تمت مهاجمة جنود في حومش، واقيمت بؤرة استيطانية غير قانونية، التي اخليت مرتين من قبل، على اراضي قرية بتير، وتم احراق خمس سيارات في قرية جالود وثقب اطارات سيارات وكتابة شعارات مسيئة في قرية ترمس عيا. حسب الشرطة ابلغ سكان القرية بأن هذه الكتابات شملت شعارات نجمة داود وتهديدات مثل "لن نصمت على قتل اخوتنا".
في الوقت الذي فيه الارهاب من قبل فلسطينيين من مواطني اسرائيل ومن سكان المناطق، مثلما في العمليات الاخيرة في بئر السبع والخضيرة وبني براك، يقود وبحق الى تحليلات واسعة النطاق للمنظمة الأم، مصادره وايديولوجيته، فإنهم ينظرون للارهابيين اليهود بشكل عام على أنهم "اعشاب غريبة" موجودة خارج المعسكر.
الخطاب في المجتمع الاسرائيلي فيما يتعلق بالنزاع بين اسرائيل والفلسطينيين يتميز دائما باستخدام جميع المفاهيم المغسولة. من "مناطق محررة" و"مستوطنات امنية" و"تقليص النزاع" و"الاستيطان الشاب"، لكن مفهوم "اعشاب غريبة" يبرز ويرافقنا منذ فترة طويلة. 
مؤخرا هو نسب لعصابات الارهاب اليهودية وشبيبة التلال وعدد من سكان البؤر الاستيطانية. هل الحديث حقا يدور عن "اعشاب غريبة" أم أن هذا هو القليل من جبل الجليد الذي يتغذى على قاعدة واسعة، و"غير غريب" وغارق تحت المياه.
يبدو أن هذه الاعشاب الغريبة هي الايدي التي ترتكب العنف وتخرق القانون، لكن زعماءهم الذين يشكلون رأيهم ويؤثرون على افعالهم، حتى لو لم يكن هذا بشكل صريح، يبقون خارج نطاق الاتهام والمسؤولية. الاعشاب الغريبة تخرج بالهام من القادة، تقريبا ضد كل ما ارادت دولة الرمز اليه عند قيامها.
أولا، النظام. اعلان الاستقلال ميز النظام في دولة اسرائيل كدولة ديمقراطية ليبرالية، حتى لو كان هذا المفهوم لا يظهر في وثيقة الاستقلال نفسها. هذا هو حلم مؤسسي الدولة، لكن يوجد لهذه الاعشاب الغريبة حلم آخر، مسيحاني بالنسبة لنظام الحكم في اسرائيل. وقد تم تعريفه من قبل حنان بورات (في مقدمة كتاب "ضد كل الاحتمالات"): امامنا المزيد من الاهداف الكبيرة التي هي جزء لا يتجزأ من الصهيونية، وعلى رأسها "اقامة مملكة كهنة وأمة مقدسة واعادة المجد لصهيون وتأسيس مملكة داود وبناء الهيكل". 
ومثلما قال بني كتسوفر، من قادة المستوطنين، في مقابلة في العام 2012، "كنت اقول إنه يوجد الآن للديمقراطية الاسرائيلية وظيفة واحدة اساسية وهي الاختفاء من الساحة. وهي يجب أن تتفكك وتنحني أمام اليهودية".
تعبيرات عملية من جانب الزعماء لروح غير ديمقراطية كهذه يمكن رؤيتها على سبيل المثال في التصويت للكنيست. في 2016 صوتت أييليت شكيد ونفتالي بينيت وميري ريغيف وياريف لفين وزئيف الكين، ضد مشروع قانون لاضافة مبدأ المساواة الى قانون الاساس: كرامة الانسان وحريته وضد الدفع قدما بمشروع قانون لمنع التمييز على خلفية العرق والدين والقومية والجنس، وكذلك اثناء بيع أو تأجير شقة. 
وفي شباط الماضي ساهمت ريغيف في تعزيز هذه الروح عندما قالت في الكنيست: "هناك ما يكفي من الدول الديمقراطية. ودولة ديمقراطية اخرى ليست الامر الذي نحتاجه".
ثانيا، المس بسلطة القانون. الاعشاب الغريبة تسيء للفلسطينيين بنية طردهم. في 1979 اوضح مناحيم فليكس، من رؤساء غوش ايمونيم، للمحكمة العليا في قضية الون موريه: "لقد استوطنا... لأننا أمرنا بوراثة الارضى التي منحها الله لآبائنا، حيث أنه امرنا: سترثون الارض وتستوطنوا فيها لأنني اعطيتكم البلاد لترثوها". 
وهناك يشرح الحاخام شلومو بن يتسحاق: "سترثونها من سكانها وستستوطنون فيها". الاعشاب الغريبة لا تكتفي بالفلسطينيين وهي تمس ايضا بقوات الامن. بخصوص الواجب، حسب رأيهم، يجب معارضة كل اخلاء، ونحن نذكر بأن الحاخام تسفي يهودا كوك، الأب الروحي لغوش ايمونيم، هو الذي اضاف التنازل عن مناطق الى الخطايا الثلاثة التي يجب "عدم السماح بها حتى لو تطلب الامر أن نقتل من اجلها". 
الالتزام بـ "سترثون الارض وستستوطنون فيها" هو وصية واجبة، واضحة ومطلقة، وتشمل جميع الاسرائيليين الذين يوجدون على هذه الارض، وعن كل حدودها نحن ملزمون بالتضحية بالنفس. عندما يصل الوضع الى الاكراه، سواء كان من قبل اغيار أو لا سمح الله، من قبل يهود، من اجل تشويشات سياسية وتشويشات في الرأي، جميعنا ملزمون بأن نُقتل وعدم السماح لذلك بأن يمر. على يهودا والسامرة وعلى هضبة الجولان- هذا لن يمر بدون حرب"، قال في مقابلة مع "معاريف" في العام 1974.
الاعشاب الغريبة ترى بالفلسطينيين غزاة آنيين، مثلما شرح لهم في العام 2019 الخاخام شلومو افينر، من كبار الحاخامات القوميين المتدينين، "لأنه قبل الاستيطان الصهيوني كانت البلاد خراب في معظمها فإننا لم نمس نحن اليهود بأي حق اخلاقي لسلطة سيادية لعرب البلاد... اضافة الى أن معظمهم هم جدد جاءوا منذ فترة قريبة من حرب التحرير".
عضو الكنيست السابق آريه الداد شرح في مقال من العام 2016 بأنه "حتى الذين من بيننا الذين يعترفون بوجود الشعب الفلسطيني لا يمكنهم التنكر لحقيقة أنه توجد الآن دولة فلسطينية في الاردن... الاردن هو دولة القومية الفلسطينية، ولا توجد أي حاجة، حتى ليس من اجل تجسيد حق تقرير المصير، لإقامة دولة اخرى، وبالتأكيد ليس في قلب وطننا". 
إن اضرار الاعشاب الغريبة بالمحاصيل الزراعية للفلسطينيين وممتلكاتهم تستقي شرعيتها من اقوال الحاخام شلومو غورن الذي كتب في العام 1992: "حكم هذه المناطق، حسب حكم التوراة، كأرض اسرائيلية تحت حكم يهودي تماما، وتسري عليها جميعها السيادة والملكية اليهودية"؛ ومن اقوال الحاخام تسفي يهودا كوك بعد حرب الايام الستة بأن "هذه الارض هي لنا، ولا توجد هنا مناطق عربية واراضي عربية، بل اراضي اسرائيل، ملك لآبائنا الابدية، وهي بكل حدودها التوراتية تعود لسلطة اسرائيل".
ايضا علاقة الاعشاب الغريبة بالمحكمة العليا يوجد لها الكثير من الآباء. ففي العام 2015 قال عضو الكنيست بتسلئيل سموتريتش عن أحد احكام المحكمة العليا: "هذا الحكم الهستيري هو مسمار آخر في نعش محكمة عليا وقحة لا تعرف مكانها... المحكمة العليا تستخدم بشكل متعمد كأداة مناكفة سياسية في ايدي منظمات اليسار المتطرف التي تحاول المس بالاستيطان في يهودا والسامرة". 
واضافت ريغيف في نفس تلك الفترة: "اذا لم تسمح المحكمة العليا لنا بتعزيز الردع ومعاقبة القتلة بشدة فانها تتحمل المسؤولية عن استمرار موجة الارهاب". وعضو الكنيست موطي يوغيف اقترح في نفس السنة: يجب رفع جرافة "دي 9" على المحكمة العليا. لقد حان الوقت لوضع السلطة القضائية في مكانها وأن نريها من هو السيد. ذيل الكلب يهز".
ثالثا، الاعشاب الغريبة تتم مكافأتها من قبل مرسليها الخفيين أو السذج. هكذا، فإن اخلاء مستوطنة عمونة، التي هي جميعها سرقة وخرق للقانون، كلف دافع الضرائب الاسرائيلي 137.5 مليون شيكل. 40 مليون تم تحويلها لمن تم اخلاءهم كي يستطيعوا "اعادة ترميم حياتهم". مثال آخر في المجالس الاقليمية الكبرى متيه بنيامين وشومرون يوجد "احتفال مزدوج" بتمويل من اموال الضرائب: في متيه بنيامين يوجد ما لا يقل عن 48 بؤرة استيطانية غير قانونية (اضافة الى 7 بؤر تم تبييضها وتحولت الى احياء ومستوطنات قانونية). في المجلس الاقليمي شومرون توجد 35 بؤرة استيطانية غير قانونية (اضافة الى 5 بؤر تحولت الى احياء وبلدات قانونية). 
هذه المجالس تتعامل مع البؤر الاستيطانية غير القانونية على أنها مستوطنات قانونية، وهي تمولها وتدعمها وتوفر لها الخدمات. وهي ايضا تحصل على منح من الحكومة بصورة غير متوازنة مع عدد سكانها وتصنيفها الاقتصادي – الاجتماعي. 
حسب تقرير مراقب الدولة من العام 2017 فان المجلس الاقليمي متيه بنيامين مثلا يحصل من الدولة على تمويل يبلغ 66 في المئة من ميزانيتها مقابل متوسط يبلغ 48 في المئة في اوساط كل المجالس الاقليمية في اسرائيل.
"الاعشاب الغريبة" لم يكن بإمكانها أن تبقى على قيد الحياة في حديقة تتم رعايتها وتعهدها من قبل جنائنيين تعتبر ازالة الاعشاب الغريبة من مسؤوليتهم. هي تنمو وتترعرع في ظل اشجار عالية. يمكن مد خط مباشر بين تصريحات وافعال منتخبي الجمهور وقادة الرأي العام وبين تصريحات وافعال ما يسمى بـ "الاعشاب الغريبة". 
في أي حدث عنيف يجب السؤال من الذي كان مسؤول عن تغذيته وبسرعة سنعرف أن المسؤولية لا تبدأ ولا تنتهي بالأعشاب الغريبة. من المحزن الاكتشاف بأن التهديد الذي يضعونه امام النظام وامام الهوية وامام مستقبل دولة اسرائيل لا يحظى بالاهتمام المطلوب من قبل الجمهور، باستثناء استيقاظ مؤقت حدث مؤخرا، وباستثناء الاحتجاج العنيف لحفنة اسرائيليين في ارجاء البلاد فان هذا الامر غارق في غياهب النسيان.

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب