يديعوت أحرنوت- 26/10/2020
*من المهم أن نعرف ماذا كان في قضية الغواصات: من المهم أكثر من ذلك ان نستخلص الدروس. ورغم ذلك، فان التحقيق لن يكون على ما يبدو. الاعلام فعل الكثير. من أجل استخلاص الاستنتاجات ينبغي انتظار شهادة غانور في محاكمته او معقول أكثر، فتح الارشيفات، بعد 50 أو 100 سنة*
ثمة فوانيس تشع نورها الى الوراء: النفي الوهمي من نتنياهو في ضوء صفقة السلاح بين الولايات المتحدة واتحاد الامارات يصب ضوءا جديدا على سلوكه في قضية الغواصات. تساؤلات ترتبط بتساؤلات، انزعاج يرتبط بانزعاج. بما يتعلق بالأمارات الحقائق واضحة جدا: نتنياهو أخفى عن قيادة جهاز الامن الاتصالات قبيل الاتفاق الثلاثي.
وكانت صفقة السلاح شرطا طرحه حكام الامارات على الامريكيين. وقد وقعوا على التطبيع بعد أن وعدوا بان اسرائيل لن تعارض. اما نتنياهو، الذي دعا الانباء في هذا الموضوع "انباء ملفقة تماما"، لم يقل الحقيقة. عندما شرع جهاز الامن في المفاوضات مع الادارة، في مسعى لاصلاح الاضرار، تصرف نتنياهو وكأن المفاوضات لا تتعلق به. فقد جلب السلام؛ اما غانتس فجلب الثمن.
في قضية الغواصات يدور الحديث عن مسألتين منفصلتين. الاولى هي الاذن الذي اصدره سرا للحكومة الالمانية، لانتاج غواصات متطورة لسلاح البحرية المصري. والثانية هي التوصية بالشراء الاسرائيلي: عدد الغواصات، الاصرار على شراء السفن الميدانية من شركة تسينكروف، شراء سفن ضد الغواصات ومشاركة ميكي غانور، دافيد شمرون، تشايني مروم وسلسلة من المشبوهين الاخرين في توزيع الغنيمة.
في الصفقة المصرية اخفى نتنياهو خطوته عن قادة جهاز الامن، تماما مثلما في قضية اف 35 للامارات. يحتمل أن يكون القرار نفسه كان معقولا، حيال البديل، ولكن الاخفاء، بخلاف القانون، بخلاف النظام، هو اجتياز مفترض في الضوء الاحمر. "خطأ سخيف" وصف رئيس هيئة الامن القومي سابقا يعقوب عميدرور سلوك نتنياهو. يتبين انه لم يكن خطأ هنا بل نمط يكرر نفسه. نتنياهو يستخف.
ان الاذن للصفقة المصرية صدر خطيا. أما من وقع على الكتاب فلا نعرفه. هل هذا هو رئيس هيئة الامن القومي في حينه يوسي كوهن، نائبه يعقوب نيجل، مبعوث رئيس الوزراء اسحق مولخو؟ ام ربما سكرتير الحكومة افيحاي مندلبليت؟ في مسألة الشراء الصورة معقدة اكثر بكثير. قيادة هيئة الامن القومي بتأثير ضباط "احتياط" من سلاح الجو في حينه، من اصدقاء ميكي غانور، ممثل الشركة الالمانية. هيئة الامن القومي تضغط للشراء من الالمان سفن دفاعية وسفن مضادة للغواصات، بدون عطاء.
مدير عام وزارة الأمن هو اللواء دان هارئيل، شخص احد لا يشكك في استقامته. ("المسطرة عوجاء بالنسبة له"، قال عنه ليبرمان). أصر هارئيل على اجراء العطاء. خمس شركات لبناء السفن تقدمت الى العطاء، من كوريا، ايطاليا واسبانيا. الالمان لم يتقدموا، ولكنهم يخفضون، بشكل مفاجئ، عبر هيئة الامن القومي، السعر الى الارضية.
وهنا جاءت الذروة: في اعقاب مفاوضات اديرت من خلف ظهر وزارة الأمن توصلت هيئة الامن القومي الى مذكرة تفاهم مع الالمان. على المذكرة لا يمكن ان توقع الا وزارة الأمن. ارسلت الوثيقة بالفاكس من هيئة الامن القومي الى وزارة الأمن. هارئيل رفض التوقيع. وفي غضون بضع ساعات تصل بالفاكس من هيئة الامن القومي مذكرة تفاهم جديدة، تختلف عن سابقتها. الغواصات السابعة، تلك التي طلبها نتنياهو، اختفت؛ كما اختفت السفن الزائدة المضادة للغواصات. وطلب من وزارة الأمن ان تمزق الفاكس الاول.
يمكن أن يقال ان هارئيل أنقذ نتنياهو: رفضه التوقيع على الوثيقة التي كانت غير قانونية سطحيا سمح للنيابة العامة بان تحرر نتنياهو من التحقيق. كما أنقذ يوسي كوهن، رئيس الموساد اليوم، من تورط كان من شأنه ان يقطع حياته السياسية. اما نحن فبقينا مع علامات الاستفهام.
في كل ما يتعلق بنتنياهو في هذه القضية لم تبرز حتى اليوم أدلة على فعل جنائي. فالاستعداد لتبذير المليارات موجود هناك، والاستخفاف بالقانون وبالنظام موجود، قرارات متسرعة، ادارة سيئة، غض نظر عن الفساد، الغرور.
ظاهرا هذه امور ينبغي التحقيق فيها. السؤال هو من. الجواب لا احد. المستشار القضائي للحكومة لا يفترض به أن يحقق بالأداء الاشكالي لرئيس الوزراء. هذه ليست وظيفته. وزير الأمن يمكنه أن يعلن عن تحقيق في وزارته، ولكن هذا سيكون محدودا في وزارة الأمن. الكنيست يمكنها أن تشكل لجنة تحقيق برلمانية، ولكنها ستدفن تحت ضجيج السياسيين. لجنة، تحقيق رسمية كان يمكنها ان تحقق، ولكن الحكومات تقيم لجان التحقيق فقط عندما يصعب عليها الوقوف في ضغط الشارع. والشارع منشغل في هذه اللحظة بمشاكل اخرى.
في الولايات المتحدة درج على أن يعين في مثل هذه الحالات محقق خاص. التجربة غير لامعة. كينت ستار الذي حقق في قضايا كلينتون أحدث ضجيج، أضاع المال ولم يحقق شيئا. روبرت مولر، الذي حقق بعلاقات ترامب مع الروس، امسك بسمكات صغيرة وغرق في الجدال السياسي.
من المهم أن نعرف ماذا كان في قضية الغواصات: من المهم أكثر من ذلك ان نستخلص الدروس. ورغم ذلك، فان التحقيق لن يكون على ما يبدو. الاعلام فعل الكثير. من أجل استخلاص الاستنتاجات ينبغي انتظار شهادة غانور في محاكمته او معقول أكثر، فتح الارشيفات، بعد 50 أو 100 سنة.
إضافة تعقيب