*كجهة تعرف كل شيء فان الشاباك منذ بداية تشرين الاول أعلن بأنه في 26 تشرين الثاني لن يكون الاخرس يشكل أي خطر على أمن المنطقة. ولماذا لم يتساءلوا في المحكمة العليا عن الخطر الذي يشكله الاخرس، المعروف مسبقا متى سينتهي*
كل التماس للمحكمة العليا يواجه توجيهات السلطات في قضايا الفلسطينيين، يثير توقع علماني لحدوث معجزة. معجزة تحرر القضاة من تقاليد الشاباك والجيش. كل التماس ينسي للحظة خيبة الأمل التي أحدثها سابقه.
هذا ما حدث أول أمس، عندما ناقش القضاة مرة اخرى الالتماس بشأن ماهر الاخرس (49 سنة)، المضرب عن الطعام منذ ثلاثة اشهر احتجاجا على اعتقاله بدون تقديم لائحة اتهام ضده وبدون محاكمة وبدون أدلة وبدون حق الدفاع عن نفسه. مرة اخرى لم تحدث معجزة. للمرة الثانية خلال شهر تهرب القضاة من كل تطرق مبدئي لاعتقال من نوع حقير كهذا من الاعتقال، واقترحوا حل يتمثل بنصف قهوة ونصف شاي: تعليق الاعتقال الاداري.
في 27 تموز اعتقل الاخرس وتم التحقيق معه تحقيق عام وسطحي وصدر ضده أمر اعتقال اداري حتى 26 تشرين الثاني. الاخرس بدأ بالإضراب عن الطعام، وهو يواصله حتى الآن. من 6 ايلول يتم علاجه في مستشفى كابلان، ووضعه الجسدي كما هو متوقع يتدهور. الآلام تزداد، الضرر الصحي من شأنه أن يكون دائم. ولكنه يحافظ على صفاء ذهنه وهو يصمم على مواصلة الاضراب حتى الموت أو اطلاق سراحه.
في 23 ايلول، ردا على التماس الاخرس الاول لاطلاق سراحه، وجد القضاة صيغة الغاء مؤقت للاعتقال الاداري، لأن وضعه الصحي يلغي "خطورته". ولكونه سجين مسموح له استقبال الزيارات. اذا تحسن وضعه فان الشبان والجيش الاسرائيلي يمكنهما تمديد الاعتقال الاداري، هكذا قرروا. هكذا، في يوم الجمعة الماضي قرر الشاباك والجيش بأن وضعه جيد، وأنه يمكن تجديد اعتقاله الاداري ونقله الى عيادة مصلحة السجون في الرملة. في اعقاب التماس مستعجل أوقفت المحكمة العليا النقل وعادت وعلقت الاعتقال.
في الشاباك قالوا إن الاخرس هو شخص خطير. واذا كان الامر كذلك فلماذا لم يتم تقديم لائحة اتهام مفصلة ضده؟ فقد سبق واعتقل وحكم مرتين في السابق بسبب مخالفات مرتبطة بعضوية في الجهاد الاسلامي وقضى عقوبات بالسجن مدة 11 شهرا و26 شهرا. اذا لماذا الآن يكون هناك اعتقال اداري؟ احيانا الشاباك لا يريد كشف العملاء الذين قدموا معلومات (صحيحة أو مشوهة). واحيانا كما يبدو يكون الشاباك محرج من ضعف البيّنات أو ضآلة التهم. لذلك، يفضل جعلها ضبابية قدر الامكان.
عدد المعتقلين الاداريين هو تقريبا ثابت في السنوات الاخيرة، 350 معتقلا. هذا ترتيب مريح: هو يوفر على الجهاز وجع رأس عقد محكمة عسكرية واستدعاء شهود واثباتات وعمليات نقل للسجين في الذهاب والعودة. ولكن لا يمكن قول ذلك بشكل علني. حتى في اسرائيل في هذه الايام، المتغطرسة اكثر من أي وقت مضى ازاء مغزى السيطرة على شعب آخر، فان الشاباك لا يمكنه الاعلان بأن اجهزة الامن تتصرف بهذه الصورة في كل حكم عسكري، ديكتاتوري ومستبد، يحكم رعايا لم ينتخبوه. لذلك فان الشاباك يتشبه بالله الذي يعرف كل شيء. ومع الله لا يوجد نقاش.
كجهة تعرف كل شيء، في الشاباك قالوا في بداية تشرين الاول إنه في 26 تشرين الثاني الاخرس لن يشكل أي خطر على أمن المنطقة. في 12 تشرين الاول اقترح الشاباك أن يوقف الاخرس الاضراب عن الطعام مقابل وعد باطلاق سراحه بعد شهرين، إلا اذا وصلت "معلومات جديدة" عنه. الاخرس رفض ذلك ولم تحدث معجزة. لا يبدو أن القضاة تساءلوا عن نوع هذا الخطر الذي تاريخ انتهائه معروف مسبقا.
الشاباك يتمترس في موقفه. سيادته المفهومة لا تسمح له بأن يرفع يديه ازاء أداة النضال الوحيدة التي توجد للمعتقل بدون محاكمة، وهي التجويع الذاتي. والقضاة يمكنهم انقاذنا جميعا من هذا الكابوس الذي يتمثل بالاحتضار أمام العدسات، واصدار أمر لاطلاق سراحه ونقله الى مستشفى في الضفة الغربية. ولكن كان من السذاجة منذ البداية توقع أن تظهر المحكمة العليا في هذه المرة على وجه الخصوص، الشجاعة.
هآرتس- 27/10/2020
إضافة تعقيب