ينبغي للشريط الذي يوثق جرافة عسكرية اسرائيلية تجر جثة فلسطيني، قتل بنار الجيش الاسرائيلي في قطاع غزة أن يقلق كل اسرائيل. فليس هكذا يتصرف جيش يحرص على طهارة السلاح ويدعي بأنه قدوة للأخلاق في القتال.
حسب الجيش الاسرائيلي، اطلقت النار على الرجل بعد أن زرع مع شخص آخر عبوة ناسفة على الجدار، في اطار أعمال الجهاد الاسلامي. ولكن من تفسير الجيش، وبموجبه تم استخدام الجرافة خوفا من ان يكون عضوا خلية القتيل يحملان على اجسادهما عبوات أخرى ستفعل على الجنود من بعيد في زمن إخلاء الجثة، يتبين ان هدف اخلاء الجثة يبرر تدنيسها.
لم يكن هذا سوى وزير الأمن نفتالي بينيت الذي كشف النقاب عن المنطق المريض من خلف سلوك الجنود، ونشر علنا الدوافع لعمل الجرافة: "سأكون الاوضح في العالم: سياستي لجمع جثث المخربين وجمع المخربين الاحياء ستستمر".
ان الاستخفاف المطلق الذي ابداه بينيت تجاه ما وصفه بـ "النقد مزدوج الأخلاق لليسار ضد "انعدام الانسانية" التي في استخدام الجرافة" لا يبقي مكانا للتخمين: عمل الجيش الاسرائيلي والاسناد الكامل الذي منحه للجنود وزير الأمن هي استمرار مباشر للاقوال التي قالها بينيت هذا الشهر في جملة مقابلات صحفية.
وعلى حد قوله، فمنذ دخوله الوزارة في تشرين الثاني "نحن نقطف الحماسيين في صالح اوراق المساومة" و"نحتجز جثث مخربين كي نؤلم ونمارس الضغط على الطرف الاخر"، بهدف الدفع الى الامام عملية اعادة المواطنين وجثث الجنود المحتجزين في غزة.
تستوي هذه السياسة ايضا مع التعليمات التي اصدرها بينيت للجيش الاسرائيلي ولجهاز الامن بعد بضعة اسابيع من تعيينه "للاستعداد للوقف التام" لتحرير جثث المخربين، دون صلة بانتمائهم التنظيمي.
بمواظبة وبتصميم ينجح بينيت في أن يشوه أكثر قليلا مقاييس اسرائيل ومقاييس الجيش الاسرائيلي، التي على أي حال توجد منذ الان في تراجع. بينيت بالطبع لم يخترع شيئا. فمنذ سنين واحتجاز جثث فلسطينيين كأوراق مساومة هو سياسة اسرائيلية. غير أنه يبدو أن بينيت، وفقا لفكرة، يريد أيضا أن "يتوقف عن الاعتذار" على ذلك.
ان المنطق الذي يعتقد بانه اذا كان الارهاب لا يحترم قواعد الحرب فيجب تعديل قواعد الحرب لمكافحة الإرهاب، يتنكر لحقيقة أن الدولة التي تفعل هذا تقوض ما يميز بين جيشها وبين منظمة ارهابية. لقد ساهمت في ذلك هيئة موسعة من المحكمة غيرت في شهر ايلول قرار محكمة العدل العليا وبموجبه ليس للدولة صلاحيات لإعادة الجثث، وسمحت بعدم اعادة جثث المخربين في الحالات التي يمكن للأمر أن يساعد في اعادة الإسرائيليين من قطاع غزة.
يبدو الان ان الجيش الاسرائيلي يخرج علنا الى مهام "قطف" الجثث باسناد من وزير الأمن. ان الشريط الذي نشر هذا الاسبوع يوفر اطلالة نادرة على اسلوب الجيش الاسرائيلي الجديد والى المنحدر السلس الذي تنزلق فيه اسرائيل.
إضافة تعقيب