لقد أُسمي "قانون التسوية" الذي الغته المحكمة العليا أول أمس، بشكل غير رسمي "قانون السلب". من الصعب التفكير بتسمية معبرة أكثر للقانون الذي كل هدفه كان "تسوية" قانونية لسرقة اراضي الفلسطينيين. خير فعلت المحكمة العليا إذ ازالت الوصمة المناهضة للدستور هذه من سجل القوانين. في هذه الايام، عندما يكون متهم بالجنائي يقف على رأس الحكومة، التي اقيمت فقط بفضل تضليل جماعي للمصوتين وهي تنوي ضم المناطق، ليس هذا أمرا مفهوما من تلقاء ذاته.
لم تقل المحكمة العليا شيئا لم يكن يعرفه المشرعون. فكل غبي يفهم بان هذا قانون تمييزي، سوغ سلب اليهود لأراضي الفلسطينيين. وما كان يحتاج النواب الذين عملوا على القانون شروحات من رئيسة المحكمة العليا استر حايوت كي يفهموا بأنهم يسنون قانونا "يمس بحق الملكية وبحق المساواة والكرامة للفلسطينيين" ويخلق "تمييزا بين سكان المنطقة الإسرائيليين والسكان الفلسطينيين". فهذه ليست ظواهر مرافقة للقانون، بل هي الأهداف المعلنة له. القانون يسلب، يمس ويميز عن وعي.
المستشار القضائي للحكومة، المستشار القضائي للكنيست والمستشار القضائي للجنة الدستور أوضحوا للمشرعين المرة تلو الأخرى بان القانون ليس دستوريا. ورغم كل شيء أقر القانون في الكنيست بكامل هيئتها بالقراءة الثانية والثالثة في 2017.
لم يعمل المشرعون انطلاقا من عدم المعرفة، بل انطلاقا من الطمع بالاراضي. ولما كان واضحا لهم بان الحديث يدور عن قانون غير قانوني على نحو ظاهر – يسمح لليهود بسرقة الأراضي من الفلسطينيين، كان لازما بالتوازي تشريع مكمل "فقرة التغلب" ليمنع المحكمة من شطب القوانين فقط لانها ليست دستورية.
يسعى اليمين لان يقيد ايدي المحكمة العليا بفقرة التغلب كي يحقق كل امكانيه الاجرامية: السرقة، الطرد، التمييز، الضم وعدم التوطين.
نتنياهو نفسه يعارض القانون. فهو يعرف أن القانون يورط إسرائيل مع المحكمة الدولية. إضافة الى ذلك، يمس القانون بعصفور الروح الرأسمالية لديه: حق الملكية. في بداية الطريق عمل نتنياهو على احباط القانون.
غير أنه في مرحلة ما يبدو أنه حسب الامر في أن من الأفضل له ان تقوم المحكمة العليا هي نفسها بوقف المستوطنين، وهكذا يكسب مرتين: حين يؤيد القانون يحظى بعطف اليمين، وحين تلغي المحكمة القانون، يحظى بتحريض اليمين على المحكمة.
لقد فعلت المحكمة العليا الامر الصائب؛ ما يضمن ان تكون محاولة من اليمين لتجاوز قرار المحكمة. بيني غانتس ورجاله، الذين انضموا الى الحكومة في محاولة لان يوقفوا من الداخل السياقات المناهضة للديمقراطية، ملزمون بان يقفوا على أهبة الاستعداد لمنع الكنيست من التغلب على المحكمة العليا.
11/6/2020
إضافة تعقيب