يديعوت أحرنوت- 24/6/2020
*يبقى وباء الكورونا لغزا لم تحله لا الديمغرافيا ولا الجغرافيا في طالح الانسانية كلها، ويضاف الى ذلك انعدام الشفافية ووحدة المقاييس والتعريفات في الدول المختلفة*
الاحصاءات الدولية عن وباء الكورونا تنهار. ومع أن مواقع المقارنة، المعاهد الجامعية ومنظمة الصحة العالمية تواصل النشر اليومي لمعطيات مفزعة عن تفشي المرض على وجه الكرة الارضية، الا ان منظومة التقارير العالمية توقفت عمليا عن أن تكون مصداقة وموثوقة. كل دولة تتحكم بنفسها في التصنيف والتعريف وموعد النشر للبيانات عن انتشار المرض.
في اعقاب البرازيل مثلا توقفت حكومات اخرى عن التبليغ عن العدد اليومي للمتوفين بالكورونا، وبين هذا وذاك، فان الارقام المبلغ عنها اشكالية. فهل يصدق احد ما حقا بانه في شاطئ الذهب توفي بالكورونا 54 مريضا فقط، نصف عددهم في استراليا ولم يتبقَ اي مريض في حالة صعبة؟ أو أنه في كل فيتنام بمئة مليون من سكانها لم تسجل حالة وفاة واحدة بالكورونا؟ طوبى للمؤمنين. توجد حكومات لا تدرج ضمن عدد المتوفين الا من توفوا في المستشفيات. وهناك من تضم في العدد من توفوا في بيوتهم ايضا وهناك من يضيفون الى عدد المتوفين حتى من كان سبب وفاتهم هو "على ما يبدو فيروس الكورونا"، مع التشديد على ما يبدو.
دول غير قليلة توقفت تماما عن التبليغ عن عدد المتعافين – وفي اسرائيل ايضا التقارير عن المتعافين جزئية وعمليا عددهم اعلى من المعطى الرسمي. دول اخرى تستخدم تعريفات مختلفة لـ "المرضى الخطرين" مما يوصف الامور الى مستوى السخافة. في فنزويلا فان دولة من نحو 30 مليون نسمة، دون جهاز صحي يؤدي مهامه وتعاني من نقص في المواد الطبية الاساسية، الى جانب الفقر، الاكتظاظ والجوع، توجد اليوم 6 (!) لمرضى خطيرين ومات فيها – حسب تقرير منظمة الصحة العالمية – 33 شخصا فقط بالكورونا. أما كندا، بالمقابل، فتبلغ عن 8.430 وفاة و2030 مريضا خطيرا. في بنغلادش الفقيرة يوجد مريض كورونا واحد في وضع خطير مقابل الفين في تشيلي المتطورة. وهكذا دواليك.
هذه معلومات تتعارض جدا مع الواقع لدرجة ان الواضح هو أنها لا تعكس الا منظومات تبليغ محلية مختلفة واخفاء مقصود للمعلومات الى هذا الحد أو ذاك.
ليس لمنظمة الصحة العالمية بالطبع إمكانية عملية لان تفرض على أجهزة الصحة الرسمية الشفافية والوحدة في التبليغ. وعليه، فهي تكتفي أساسا بعرض إحصاءات "حالات الوفاة" و "حالات الإصابة المؤكدة" رغم أن مسؤوليها يعترفون في الاحاديث الخاصة بان هذا العرض يعبر بقدر أكبر عن الفحوصات ووسائل تسجيل المتوفين، التي تختلف من دولة الى دولة، مما يعبر عن عدد الوفيات النسبي للوباء نفسه.
وإسرائيل؟ في النظرة الدولية لا تزال إسرائيل بارزة إيجابا في العدد النسبي المتدني للموتى بالكورونا والعدد العالي من الفحوصات بالنسبة لكل مليون من السكان. وان كانت التعريفات هنا أيضا غير موحدة وليس واضحا في أي دولة تحصى الفحوصات وفي أي دولة لا يتم الفحص.
وضعنا ساء قليلا في اجمالي حالات المرض لكل مليون من السكان وعدد ا لمرضى الخطيرين. مثلا: في إيطاليا التي احصت قرابة 35 الف وفاة بالكورونا – 573 وفاة للمليون، 150 فقط لا يزال يعرفون كمرضى خطيرين. اما عندنا فقد توفي بالكورونا اكثر بقليل من 300 مريض - 33 لكل مليون نسمة – ولكن في المستشفيات يوجد اقل من 50 مريضا خطيرا. يحتمل أن يكون الأطباء في إسرائيل يكافحون لزمن أطول في سبيل حياة كل مريض، ويحتمل أن ببساطة ان تكون التعريفات مختلفة.
بسبب غياب الوحدة، المصداقية والشفافية في المعطيات لا تتوفر البحوث المقارنة التي تدرس العوامل للاختلاف الكبير في شدة الوباء ونتائجه في الدول المختلفة. في البداية نسبت الفوارق للديمغرافيا ("يوجد شباب اكثر وبالتالي وفيات اقل") وللجغرافيا ("اكثر حرا وبالتالي مرضى اقل")، ولكن تفشي الوباء في أميركا اللاتينية الشابة وفي ايران الحارة شكك بصلاحية هذه المقارنات. الفوارق والمناورات في نشر المعلومات صفتها تماما. اللغز الأكبر لمسارات التقدم المختلفة لوباء الكورونا في العالم بقي بلا حل، في طالح الإنسانية كلها.
إضافة تعقيب