قائد اللواء الذي قتل شاب رشق سيارته بحجر اثناء هربه ليس فقط لم يتم تقديمه للمحاكمة أو تسريحه من الجيش، بل اختير لتمثيل الجيش في احتفالات يوم الذكرى
لم تتحرك أي عضلة في وجهه عندما قرأ وهو في السيارة النص الذي امامه. شعب اسرائيل سيذكر. قميص ابيض ناصع، ربطة عنق وبيريه خضراء، الزي المميز للجيش الاسرائيلي. عضلة لم تتحرك في وجهه ايضا عندما قرأ: "كل من قتل في البلاد وفي الخارج على أيدي القتلة". عضلة لم تتحرك في وجهه ايضا عندما قرأ: "وسينعى نضارة الحياة والبسالة البطولية".
عضلة لم تتحرك في وجه قائد كتيبة الناحل، العقيد اسرائيل شومر، في الوقت الذي قرأ عشية يوم الذكرى صلاة "يتذكر" في الاحتفال الرئيسي في حائط المبكى. ما الذي دار في ذهنه في ذلك الوقت؟ هل فكر بمعنى الكلمات التي رددها برتابة؟ هل فكر ولو للحظة بضحيته الذي قتله برصاصات في ظهره اثناء هربه؟ هل فكر في نضارة الحياة والبسالة البطولية للشاب الذي قتل عبثا؟ هل فكر بمحمد كسبة، وهو الشاب اللاجئ (17 سنة) الذي قتل جنود الجيش أخويه واصابوا الثالث وهو قام برشق حجر على سيارة قائد اللواء وحاول النجاة بنفسه؟
هل ذكراه مرت في ذهن شومر أو أنه لا يوجد للشباب الفلسطيني نضارة حياة أو بسالة بطولية، لهذا فان هذا الحدث نسي من قلبه مثلما نسي في الجيش.
هذا كان في يوم الجمعة، 3 تموز 2015، حارس، قائد كتيبة بنيامين في حينه، سافر في سيارته مع سائقه في شارع بين قلندية والرام. الحركة كانت بطيئة كالعادة. في محطة الوقود اقترب الشاب من سيارة قائد اللواء ومن مسافة قصيرة القى عليها حجر كبير.
لم يصب أحد، لكن غضب القائد استشاط وخرج من السيارة وركض وراء الشاب الهارب. أطلق عليه النار من مسافة قصيرة، على الاقل ثلاث رصاصات من الخلف، جميعها أصابت القسم العلوي من جسده الى أن وقع الشاب وهو ينزف على الشارع.
بعد ذلك تقدم قائد اللواء، أو السائق، من الشاب المحتضر وقلب الجثة بقدمه، وبعد ذلك ركب السيارة وانسحاب من المكان. هو حتى لم يخطر بباله أن يستدعي سيارة اسعاف. "اضرب واهرب". أطلق النار من الخلف على شاب غير مسلح، لم يكن يعرض حياته للخطر، وهرب. هكذا كانت بطولة قائد لواء بنيامين، هكذا كان جبنه: بطل على شباب فارين.
في اليوم التالي قمت بزيارة بيت العزاء في مخيم قلندية. سامي كسبة، تذكرته من العزاء السابق، في شتاء 2002 فقد ولدين خلال اربعين يوم، ياسر (10 سنوات) وسامر (15 سنة)، اللذين قتلهما الجنود. والآن فقد محمد ايضا. أحد لم يبك في بيت الثكل والفقر هذا.
ما حدث بعد ذلك كان معروف مسبقا: "تحقيق" قسم التحقيقات في الشرطة العسكرية هو مثل كاريكاتور للتحقيق. تحويل الملف الى المدعي العام العسكري، وقرار اوتوماتيكي بإغلاق الملف. لماذا؟ من الذي مات؟ ايضا التماس للمستشار القانوني للحكومة لم يساعد: عملية القتل كانت "خطأ مهني" حسب النائب العام العسكري. تأجيل بسيط في الترقية، وبقي يحتفظ بوظيفته كقائد لواء الناحل.
هل ايضا لم يكن يكفي هذا الجيش الاسرائيلي. على اطلاق النار على ظهر شاب هارب، عن اطلاق نار من اجل القتل، ليس فقط لا يقدمون للمحاكمة، ليس فقط لا يقصون من الجيش بصورة مخجلة، ليس فقط لا يوقفون تقدمهم العسكري، ليس فقط لا يدينون ويعتذرون، ليس فقط انهم لا يخجلون – بالعكس. قاتل الشاب تم اختياره لتمثيل الجيش الاسرائيلي في الاحتفال الاكثر رسمية في يوم الذكرى.
الجيش الاسرائيلي يتفاخر بشومر وافعاله ويعتبره بطل. هذا هو القدوة القيمية لجنوده: أطلقوا النار على الشباب الفارين ومثلوا بهذا الجيش الاسرائيلي. على هذا التدنيس لذكرى الشهداء، لم يحتج تقريبا أحد، وعلى هذا العفن الاخلاقي لن يحتج أحد.
في بداية الاحتفال حظي شومر ايضا بشرف مرافقة رئيس الدولة ورئيس الاركان عند دخولهما وهما يرتديان الكمامات بمناسبة الوضع. ولكن ايضا الكمامة الطبية المغلقة جدا لم تكن لتستطيع أن تغطي على القذارة وعلى الخجل.
إضافة تعقيب