هآرتس- 3/2/2022
تقرير "امنستي" الذي هب الجميع للتشكيك فيه، وحتى الاكاديميين الاسرائيليين، لا ينبع من اللاسامية، لكنه سيساهم في تعزيزها. اسرائيل الآن هي المحفز الاكبر لغرائز اللاسامية في العالم
بعد أن تخفت الشتائم والصراخ، "امنستي لاسامية"، "التقرير كاذب"، "المنهجية لا اساس لها من الصحة"، يجب علينا السؤال، ما هو بالضبط غير صحيح في تقرير الابرتهايد؟ ألم يتم تأسيس اسرائيل على سياسة صريحة من الحفاظ على هيمنة ديمغرافية يهودية، من خلال تقليص عدد الفلسطينيين داخل اراضيها؟ نعم أم لا؟ هل هذه حقيقة أم كذب؟ هل هذه السياسة غير قائمة حتى الآن؟ نعم أم لا؟ حقيقة أم كذب؟
هل اسرائيل لا تقيم نظام قمع وسيطرة على الفلسطينيين في اسرائيل وفي المناطق المحتلة من اجل مكافأة اليهود الاسرائيليين؟ نعم أم لا؟ هل هذا حقيقي أم كذب؟ هل اوامر فتح النار ضد الفلسطينيين لا تعكس سياسة اطلاق النار من اجل القتل أو التسبب باعاقة؟ نعم أم لا؟ حقيقي أم كذب؟
هل اخلاء الفلسطينيين من بيوتهم وعدم اعطاء تراخيص بناء ليست جزء من سياسة اسرائيل؟ نعم أم لا؟ حقيقة أم كذب؟ هل الشيخ جراح ليس ابرتهايد؟ أليس قانون القومية ابرتهايد؟ ومنع لم شمل العائلات؟ والقرى غير المعترف بها؟ والتهويد؟ هل يوجد مجال واحد في اسرائيل وفي المناطق المحتلة فيه مساواة حقيقية، مطلقة، سوى تلك الرسمية؟
عند قراءة التقرير تُعتم العيون. كل ما عرفناه، لكن بصورة مركزة. لكن في اسرائيل لم تُعتم العيون. معظم وسائل الاعلام قامت كالعادة بالإخفاء والطمس. وجوقة الدعاية قامت بصد الهجوم. وزير الدعاية يائير لبيد هاجمه حتى قبل نشره. وزير الشتات، نحمان شاي، هو الآخر جاء بعده. لم يولد بعد تقرير دولي الذي لم تهاجمه اسرائيل، بدون أن ترد حتى ولو على ادعاء واحد.
منظمة تلو اخرى، بعضها مهمة ونزيهة، تقول ابرتهايد، في حين أن اسرائيل تقول "لاسامية". بالعكس، لقد اثبتوا أن أمنستي تكذب. وأنه لا يوجد منظومتان للقضاء في المناطق المحتلة، ومنظومتان للحقوق ومنظومتان لتوزيع الموارد. وأن شرعنة افيتار ليست ابرتهايد. وأن اليهود يمكنهم العودة الى املاكهم قبل العام 1948 في حين يمنع الفلسطينيون من ذلك، هذا ليس ابرتهايد.
وأن مستوطنة مزدهرة قائمة قرب تجمع للرعاة بدون كهرباء ومياه، هذا ليس ابرتهايد. وأن العرب في اسرائيل غير مضطهدين مؤسسيا ومنهجيا، وأن الخط الاخضر لم يتم محوه. ما هو غير الصحيح في ذلك؟
حتى مردخاي كريمنتيسر دُهش من التقرير وهاجمه ("هآرتس"، 2/2). الادعاءات: لا يوجد تمييز في التقرير بين المناطق المحتلة واسرائيل، وأن التقرير يتطرق للماضي وكأنه اليوم. هذه هي الحال عندما حتى الاكاديميون اليساريون يتجندون لخدمة الدعاية الصهيونية.
اتهام اسرائيل بأخطاء 1948 وتسميتها ابرتهايد، هذا مثل اتهام الولايات المتحدة بالابرتهايد بسبب سنوات التمييز العنصري، هكذا كتب. الفرق هو أن التمييز العنصري المُمأسس في الولايات المتحدة انقضى، وفي اسرائيل هو حي يرزق بكامل القوة. حتى الخط الاخضر تم محوه. دولة واحدة منذ زمن. لماذا تقوم أمنستي بالتفريق؟ 1948 مستمرة، النكبة تتدحرج، يوجد خط مستقيم يربط بين الطنطورة وجلجلية، في الطنطورة ذبحوا، وفي جلجلية تسببوا بموت شخص ابن 80 سنة. وفيهما حياة الفلسطينيين لا تساوي أي شيء.
ايضا لا توجد دعاية بدون مدح منظومة القضاء. "من الجدير الانتباه الى الاسهام الهام للمستشار القضائي للحكومة والمحكمة. والى أنه خلافا للاغلبية السياسية الكبيرة منع شطب قوائم ومرشحين عرب للكنيست... انضمام حزب عربي للائتلاف يجعل الاتهام بالابرتهايد مضحك"، كتب كريمينتسر. كم هو جيد أنه توجد محكمة عدل عليا، التي لم تمنع أي مظلمة احتلال واحدة. وما زال يمكن التلويح بها. ومنصور عباس يثبت بأنه لا يوجد ابرتهايد.
74 سنة والدولة بدون أي مدينة عربية جديدة أو جامعة عربية أو محطة قطارات في مدينة عربية، كل ذلك يتقزم امام كبير مشرعني الاحتلال، المحكمة العليا، وشريك عربي صغير، الذي هو ايضا يُعتبر غير شرعي.
العالم سيواصل البصق واسرائيل ستواصل التجاهل. العالم سيقول ابرتهايد واسرائيل ستقول لاسامية. ولكن الدلائل ستتراكم. المكتوب في التقرير لا ينبع من اللاسامية، لكنه يساهم في تعزيزها. اسرائيل هي الآن المحفز الاكبر لغرائز اللاسامية في العالم.
إضافة تعقيب