news-details

نتنياهو اعترف ببايدن بعد أن فهم بأن ترامب لن يهاجم إيران

*قرار ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي مع ايران ظهر في هذا الاسبوع كفشل ذريع له هو نفسه وبالأساس لنتنياهو. وزيارة بومبيو في المستوطنات هي خطوة ضخمة بالنسبة للمستوطنين، لكنها خطوة صغيرة بالنسبة لإسرائيل كلها*

 

وزير الخارجية الامريكي، مايك بومبيو، بكر يوم "الجمعة الاسود" بأسبوع، وعيد الميلاد بأكثر من شهر. وقد جاء الى اسرائيل من اجل القيام ببيع تصفية للقليل الذي بقي من المواقف التقليدية للولايات المتحدة تجاه اسرائيل، قبل أن تحل نهاية ادارة الرئيس ترامب بعد شهرين.

بومبيو قام بتوزيع الهدايا وكأنه بابا نويل من اجل اسعاد بنيامين نتنياهو والمستوطنين، وبالأساس المسيحيين الافنغلستيين مثله، الذين سيكون دعمهم ضروري بالنسبة له اذا قرر الترشح للرئاسة بعد اربع سنوات.

مثل معظم بادرات حسن النية التاريخية لإدارة ترامب فإن تصريحات بومبيو ايضا ستسعد ايضا آذان اليمين. زيارة اولى لوزير خارجية امريكي في مستوطنة في الضفة الغربية والسماح بوسم منتجاتها كمنتوجات اسرائيلية، ربما هي خطوات ضخمة للمستوطنين، لكنها خطوة صغيرة وغير واضحة في أي اتجاه، بالنسبة لاسرائيل كلها. وعلى أي حال، من الافضل الانتظار للقيام بالاستثمار في طباعة أحرف جديدة للمنتوجات. ادارة بايدن ستتسلم زمام الامور بعد ستين يوم تقريبا، وربما ستعمل على الغاء هذا القرار.

في المقابل، الطلب الاسرائيلي المجنون – الذي استجاب له بومبيو – وهو أن تقوم وزارة الخارجية باعتبار المنظمات المؤيدة للمقاطعة منظمات لاسامية، هذا الطلب يربط جيدا بين الغطرسة والغباء والحقد، هذا القرار يثير حنق الرأي العام الليبرالي الذي يرى في هذه الخطوة محاولة لتقييد حرية التعبير؛ هو يضخم اسم المنظمات التي تدعو للمقاطعة ويساعدها في تجنيد اعضاء جدد، بالضبط في الوقت الذي تلاشى فيه تأثيرها؛ هو يطمس الفرق بين اسرائيل وبين يهود الشتات ويضخم صفوف اللاساميين في المنظمات المناوئة للصهيونية ومعارضي السيطرة الاسرائيلية على المناطق، الذين لا يعرفون على الاطلاق بأنهم يكرهون اليهود.

باستثناء اقامة علاقات سلام مع دول الخليج والسودان التي مقابلها ايضا دفع نتنياهو ثمن غير معروف، اضيف الى الغاء الضم – فإن هذه الخطوات المؤيدة لإسرائيل كما تبدو لترامب تقسم الى قسمين، رمزية أو ضارة.

نقل السفارة الامريكية الى القدس والاعتراف الامريكي بسيادة اسرائيل في هضبة الجولان اثارت اعجاب عام، رغم أن فائدتها العملية معدومة. قرار ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران في المقابل، تبين في هذا الاسبوع أنه فشل ذريع، سواء بالنسبة للرئيس أو بالنسبة للإدارة، ولكن بالأساس لنتنياهو نفسه.

توجد علاقة عكسية تماما بين الصورة التي بناها نتنياهو لنفسه كـ "السيد إيران" وبين سلسلة الفرص التي فوتها واخفاقاته الفعلية. بدلا من التعاون مع ادارة اوباما في العام 2014 والتأثير بشكل مباشر على الاتفاق النووي، فضل نتنياهو اثارة الغضب وبث الفرح لدى شلدون ادلسون والجمهوريين والخروج بشكل محموم ضد الاتفاق الذي تم التوصل اليه بالضرورة بدونه.

وقد تجاهل الرأي الاكثر ايجابية لمعظم الخبراء في العالم، وضخم عيوب الاتفاق الى ابعاد وحشية واستند الى رأي خبراء محليين، الذين وافق بعضهم بصوت عال وآخرون تحفظوا بصورة متواضعة.

هكذا ذهب نتنياهو الى حرب خاسرة ضد اوباما والاتفاق في الكونغرس، وهزم بصورة متوقعة مسبقا، وحرق جسور وأبقى دماء شريرة لدى الديمقراطيين، يمكن أن يدفع ثمنها قريبا بفائدة متراكمة. رغم فشله فإن نتنياهو تم حمله على اكتاف الرأي العام في اسرائيل مثل دانييل في جب الاسود، وأصبح البطل المثير للأعجاب بالنسبة لكارهي اوباما أينما كانوا، بمن فيهم عنصريون صريحون.

انتخاب ترامب غير الصورة بشكل كامل. ترامب هاجم حقا بشدة خلال حملته الاتفاق الذي حققه سلفه المكروه اوباما، لكنه كرئيس اعطيت له فرصة لمرة واحدة لإصلاح عيوبه. لقد كان بإمكانه أن يستغل مطالبته بإلغاء الاتفاق من اجل تحقيق تحسينات وتعديلات، ونتنياهو مرة اخرى كان يمكنه أن يلعب دور رئيسي في صياغتها.

ولكن نتنياهو لم يتعلم أي شيء ولم ينس أي شيء ولم يعترف بأي شيء، باستثناء استسلام ايراني مطلق. هو ومبعوثوه عزفوا على لحن كراهية ترامب لأوباما ودفعوه لينسحب من الاتفاق، وخلال ذلك تعكير علاقات الولايات المتحدة مع اوروبا وتقديمها كدولة لا تلتزم بالاتفاقات التي وقعت عليها.

هذا الاسبوع تبين أن هذه الاستراتيجية ايضا تقف امام انهيار قريب. حتى لو أن بومبيو تمكن من تشديد السياسة الامريكية التي تتمثل بـ "الضغط بالحد الاعلى"، فمن الواضح أن طهران لن تنحرف عن مسارها خلال الفترة القصيرة التي بقيت الى حين دخول بايدن الى البيت الابيض.

وحسب تقرير في "نيويورك تايمز"، ايضا تحسسات ترامب حول شن هجوم عسكري، الذي بالتأكيد كان نتنياهو على علم بها، اذا لم يكن أكثر من ذلك – انتهت برد ضعيف. هذا الاسبوع أدرك نتنياهو أن الامر قد انتهى. ترامب في طريقه الى الخارج، ومخزون اليورانيوم المخصب الموجود لدى الايرانيين هو أكثر مما كان عند التوقيع على الاتفاق الاصلي قبل خمس سنوات.

 

ليس صدفة

 

من الصعب التصديق بأنه بالصدفة بعد يوم على نشر النبأ في "نيويورك تايمز"، نتنياهو أخيرا تكرم بالتوقف عن التعامل مع بايدن كـ "الشخص الذي من شأنه كما يبدو سيكون رئيس"، واعتباره "رئيس منتخب".

هذا استغرق وقت غير قليل: في الاسبوعين قبل انتخاب بايدن دفن نتنياهو رأسه في الرمل وتصرف وكأن اكاذيب ترامب عن تزوير الانتخابات هي حقيقية تماما. لقد أمر بالسماح ببناء جديد في جفعات همتوس في القدس، الامر الذي اعتبر في مقر بايدن كاستفزاز متعمد، استهدف التذكير بإهانته المعروفة من العام 2010 اثناء زيارته في القدس، عندما نشرت وزارة الداخلية مناقصة لبناء كثيف في حي هار شلومو.

لحسن حظ رئيس الحكومة كان بايدن منشغلا جدا في مواجهة الرد الاستثنائي، الذي يحطم أدوات ترامب على خسارته في الانتخابات من اجل التفرغ للرد على الاستفزاز من القدس. لا توجد لبايدن أي مصلحة خاصة في الشجار مع نتنياهو، حتى لو كان يعتقد، كما قال عدد من مقربيه، بأن رئيس الحكومة بالغ قليلا في وصف صداقتهما المدهشة في السابق. بايدن سيكون مستعدا لوقف انتقاد رؤساء جناح التقدميين في حزبه للمستوطنات والاحتلال، لكن فقط شريطة ألا يقوم نتنياهو بأعمال شغب.

بايدن سيكون مسرورا بالتعاون مع نتنياهو، حتى في بلورة مواقف الادارة الاساسية بخصوص اعادة صياغة الاتفاق النووي مع إيران. ولكن فقط عندما يقتنع بأن رئيس الحكومة يسعى الى التوصل الى اتفاق محسن وليس الى التخريب في احتمالات التوصل اليه. قبل أن يقرر رئيس الحكومة هل سيستغل الفرصة الثالثة التي اعطيت له والتأثير من الداخل، أو أنه مرة اخرى سيصعد على مسار التصادم المدمر مع ادارة ديمقراطية، سينتظر لرؤية كيف سيتصرف الايرانيون بعد 20 كانون الثاني. وقبل ذلك، نتنياهو سيشهد عن كثب نتائج الانتخابات الخاصة لمجلس الشيوخ، التي ستجري في جورجيا من اجل أن يعرف ماذا ستكون قوته امام بايدن والى أي درجة ستضطر الادارة الامريكية الى أن تهتم برأيه.

نتائج المنافسات المنفصلة التي ستجرى في 5 كانون الثاني في جورجيا ستحدد أي حزب سيسيطر فيها. الديمقراطيون بحاجة الى فوزين والجمهوريون يكفيهم فوز واحد. اذا فاز القس الشعبي رفائيل فيرنوك على الجمهوري الحالي كيلي لفلر، والشاب اليهودي جون اوسف فاز على خصمه ديفيد بردو، فإن كل الكونغرس سيكون في أيدي الديمقراطيين وطريق بايدن نحو اجراء تغييرات كبيرة ستكون ممهدة.

إذا فشل أي واحد منهما فسيبقى للجمهوريين موقف قوة، وبايدن سيضطر الى الحكم من خلال المصالحة. مجلس شيوخ جمهوري سيمكن نتنياهو من استعراض القوة. ومجلس شيوخ ديمقراطي سيتركه مجرد.

في الوقت الحالي السباقين متوازيان تماما، والطرفان يخططان الى استثمار اموال قياسية تبلغ عشرات ملايين الدولارات فيها، وهذا يتناسب مع منافسات ستقرر فعليا مصير الأمة. الخبراء لا يمنحون الديمقراطيين احتمال كبير لانتصار حاسم، إلا إذا زادت وتحققت المنشورات عن فساد مزعوم للجمهوريين الاثنين، اللذان اتهما في السنة الماضية بشراء وبيع أسهم استنادا الى معلومات داخلية حصلا عليها في إطار عملهما في الكونغرس. القصة الاخيرة نشرت في هذا الاسبوع في "ديلي بيست"، وقد ظهرت غريبة جدا.

حسب التقرير فإن بردو استغل وظيفته كرئيس للجنة فرعية في لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ لشؤون القوة البحرية من اجل كسب الملايين في البورصة. وتم الابلاغ ايضا أنه قبل تعيينه قام بردو بشراء أسهم بملايين الدولارات من شركة "بي.دبليو. اكس" التي من بين امور اخرى، تزود بأنظمة متطورة – ألا تزالون جالسين؟ - لصالح غواصات نووية جديدة من نوع "فيرجينيا".

حسب التقرير فقد باع بردو اسهمه في اليوم الذي صادقت فيه اللجنة على طلبات الاسطول للتزود بالغواصات، وحتى تم اضافة غواصة اخرى بتكلفة مليار ونصف دولار، التي لم يطلبها الاسطول أبدا. في قرار اللجنة كتب بشكل صريح واستثنائي بأن الغواصة الاضافية يجب أن تكون مزودة بأنظمة من انتاج – كان التخمين صحيح – شركة "بي.دبليو. اكس" التي كان لبردو أسهم فيها. التاريخ سيظهر احساس حاد بالسخرية إذا تبين أن قضية غواصة بردو قد اضرت بنتنياهو أكثر من قضية الغواصة المسجلة على اسمه.

هآرتس- 20/11/2020

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب