*الحدث في الحكومة امس جسد لبينيت ولساعر نهائيا بأنهما مع نتنياهو لن يتمكنوا من الوصول الى تسوية دائمة. هو ليس شريكا. اذا كانوا محبين للحياة، اذا كانوا اسرائيليين تعز عليهم الدولة، فانهم ملزمون بان يراهنوا على كتلة التغيير*
أحيانا، في لحظات من الحرج الوطني الشديد، يكون الفعل السليم هو العودة الى قصص التوراة. مثل يوتم، مثلا. يوتم، ابن القاضي جدعون، القى خطابا امام سكان شخيم. فقد اتجهت الاشجار لان تتوج عليها ملكا. توجهت الى الزيتون، الى التين والى العنب، فاصطدمت بالرفض. ولما عجزت اتجهت الى العوسج. "فتقول الـعوسج للاشجار: اذا كنتم ستتوجونني حقا ملكا عليكم فتعالوا استظلوا بظلي. والا فتخرج النار من العوسج فتأكل أرز لبنان".
هذا هو الخيار الذي وضعه نتنياهو امس امام نظرائه الوزراء، امام المستشار القضائي للحكومة، امام رؤساء احزاب اليمين وامام المحكمة. إما ان تستظلوا بظلي او ان تحترقوا. لقد وضع المسدس على الطاولة في المعركة الاولى، في خطاب التحريض الذي القاه نتنياهو في رواق المحكمة المركزية في القدس. ووقف وزراء الليكود كالعبيد الخانعين خلفه. وعلى حد قول أحد الوزراء فانه جاء بالاجمال لاستعراض التواجد. ولم يعرف ان فجأة سيزال الحاجز وهو وزملاؤه سينكشفون بكل عريهم امام الكاميرات.
المسدس الذي وضع على الطاولة في المعركة الاولى اطلق النار امس في جلسة الحكومة. من ناحية نتنياهو هذا تطور طبيعي، يكاد يكون لازما. فهو ليس رئيس الوزراء الاول الذي يحاول ان ينفض عنه المنظومة القضائية، ولكنه الاول الذي قرر تحطيم القواعد. في نظر نفسه يقف هو فوق القانون، فوق القضاة، فوق قواعد اللعب.
البيبيون ينشدون له بيبي ملك اسرائيل، وهو يصدق. لم يكن الحدث في جلسة الحكومة امس خطأ سياسيا، شيئا ما يمكن للمحللين أن يخادعوا به بنصف ابتسامة. لقد كان، كما قال مصدر قانوني، عملية بحق الديمقراطية. فبدون طاعة السلطة بقواعد اللعب لا توجد ديمقراطية؟ نتنياهو، مثل ترامب في ضائقته، اصبح رجلا خطيرا.
لا معنى للمزاودة عليه اخلاقيا: من المكان الذي يوجد فيه في هذه اللحظة لا عودة. كما أنه لا معنى للشرح له بانه في الطريق الذي يسير فيه فانه يضر نفسه. نتنياهو يعيش في هذه اللحظة في عالمه الخاص منقطعا عن الواقع السياسي والقانوني. والمفتاح للخروج من الفوضى السياسية يوجد في ايدي آخرين: في ايدي بينيت، ساعر، لبيد ورؤساء الاحزاب الاخرى في كتلة التغيير؛ في ايدي وزراء الليكود، المستشار القضائي للحكومة وقضاة العليا.
لعله من الصواب البدء باوفير اكونيس، الوزير الذي حاول نتنياهو امس ان يسرق تعيينه وزيرا للقضاء. لقد كان اكونيس منذ بداية حياته السياسية الولد المطيع لنتنياهو. وفي السنوات التي كان فيها ناطقا بلسان الليكود تلقى من نتنياهو سلسلة من الاهانات التي لم يكن يستحقها. فمه كان مليئا بصفحات الرسائل، ولكن بطنه مليئة. وحتى تعيينه امس، خلاف القانون الاساس، كان نوعا من التنكيل. لقد كان اكونيس حجر شطرنج في لعبة ليست له.
يعرف كبار رجالات الليكود كيف يسكبون مراراتهم في الاحاديث المغلقة. ولكن ايا منهم لا يتجرأ على أن يقول علنا، باستقامة: هذه المهزلة يجب أن تتوقف.
يحاول مندلبليت في السنتين الاخيرتين القيام بالمستحيل: أن يكافح نتنياهو وان يساومه في نفس الوقت. المساواة تؤجل فقط النهاية وتضعف الحجة. وهي سياسة – وليست قانونا. قضاة العليا يخطئون هم ايضا باعتبارات الراحة السياسية. وهم يتمنون شيئا ما آخر يقطع مؤامرة الصمت بدلا منهم. ما يبقينا مع بينيت ومع رؤساء كتلة التغيير.
الحدث في الحكومة امس جسد لبينيت ولساعر نهائيا بانهم مع نتنياهو لن يتمكنوا من الوصول الى تسوية دائمة. هو ليس شريكا. اذا كانوا محبين للحياة، اذا كانوا اسرائيليين تعز عليهم الدولة، فانهم ملزمون بان يراهنوا على كتلة التغيير. هذا صحيح ايضا بالنسبة لرؤساء الاحزاب في الوسط وفي اليسار. يمكن فهمهم: فليس هناك اي اسرائيلي مستعد لان يكون إمعة. ولكن الفرصة قائمة واللحظة ملحة. مشكوك أن تبرز فرصة افضل.
يديعوت أحرنوت- 28/4/2021
إضافة تعقيب